قال الكاتب الصحفي المقرب من حكومة الدبيبة، رمضان معيتيق، إن “ممارسة عبد الحميد الدبيبة للسلطة تأتي في إطار مهامه التنفيذية”.
وأضاف معيتيق في مداخلة تلفزيونية لقناة المسار، أنه “لا يمكن اعتبارها سعيًا شخصيًا للتمسك بالمنصب لمجرد قيامه بهذه المهام”.لافتًا إلى أن “الحكومة استفادت من بعض الأوضاع الأمنية والسياسية لتعزيز سلطتها وزيادة النفوذ والمناصب”.
واعتبر أن يقوله ليس “مدحًا أو ذمًّا، بل واقعًا يجب التعامل معه بموضوعية”، موضحًا أن “الدبيبة متواجد حاليًا على رأس الجهاز التنفيذي، وأن الطموح لممارسة السلطة السياسية جزء طبيعي من مهامه، وهو يختلف عن تحركات بعض العسكريين الذين يسعون للتأثير على المشهد السياسي من خارج الإطار المدني”.
وأشار إلى أن “بعض الأطراف تحاول التأثير في المشهد السياسي من خلال افتعال الحروب، والضغط العسكري، أو عقد لقاءات مع بعثات أجنبية، إضافة إلى عرقلة الانتخابات البلدية”، مؤكدًا أن “هذه الأفعال تُعد تدخلًا في السلطة، بخلاف ممارسة الحكومة لصلاحياتها الدستورية”.
ورأى معيتيق أن “وصف الدبيبة بمحاولة السيطرة على المناصب التنفيذية لا يُعد انتقادًا سلبيًا بالمعنى الحرفي، بل يمكن اعتباره مؤشرًا على سعي الحكومة لفرض سلطتها وإنهاء التشكيلات المسلحة”، مشيرًا إلى أن “هذا يعكس حقيقة الأمر، رغم أنه لا يتبنى هذا التوصيف شخصيًا”.
وبيّن الكاتب الصحفي، أن “حكومة الدبيبة تماهت في فترات سابقة مع عدد من الكيانات المسلحة، من بينها قوة الردع الخاصة، وجهاز دعم الاستقرار”، موضحًا أن “بعض هذه التشكيلات كانت قريبة من الحكومة، التي استخدمت أحيانًا الردع، مما يجعل التوصيف بمحاولة الحكومة إنهاء نفوذها غير دقيق”.
وفي السياق ذاته، أشار معيتيق إلى أن “الوضع الأمني في طرابلس، كما في مصراتة وبنغازي ومجمل مناطق ليبيا، لا يزال “هشًا جدًا”، بالرغم من دخول البلاد في حالة وقف إطلاق النار منذ اتفاق 2020″، معتبرًا أن “لجنة (5+5) لم تتمكن حتى الآن من تحويل هذا التوقف إلى حالة سلم دائمة، ما يجعل البلاد عرضة لتجدد المواجهات المسلحة في أي لحظة”.
وأضاف أن “الأحداث الأمنية الأخيرة غرب سرت، والتي كادت أن تتسبب في تصعيد عسكري، تعكس مدى الهشاشة الأمنية”، مشيرًا إلى أن “ضبط النفس من الأطراف المتصارعة جنّب البلاد سيناريوهات خطيرة”.
وفيما يتعلق بالتوترات داخل طرابلس، اعتبر أنها “مقلقة للجميع”، لكنه أبدى تفاؤلاً حذراً تجاه بعض المؤشرات الإيجابية، ومنها “قبول بعض الأطراف لشروط وزارة الدفاع”، مبيناً أن “الضغوط على جهاز الردع بدأت تؤتي ثمارها”.
كما أوضح أن “جهاز الردع، رغم الجدل الذي يرافقه، لعب دورًا في حفظ الأمن داخل العاصمة”، رافضاً “الدعوات المطالبة بحله، ومقترحاً إعادة هيكلته”.
وأشار إلى أن “خطوات مثل تسليم القاعدة العسكرية لوزارة الدفاع، والمطار المدني لوزارة المواصلات، والسجن إلى الشرطة القضائية، تعتبر محمودة”، مضيفًا أن “تغيير الشخصية القيادية لجهاز الردع إلى شخصية غير جدلية قد يسهم في تخفيف الاحتقان”.
كما شدد على ضرورة أن “تتحلى الأطراف كافة بالحس الوطني وتغليب المصلحة العامة من أجل تفادي الاقتتال”، مؤكدًا أن “شبح الحرب لا يزال بعيدًا نسبيًا، لكنه لن يختفي تمامًا ما لم تتحقق تسوية سياسية وأمنية شاملة”.
وأكد معيتيق، أن “الميليشيات ظلت ناشطة في طرابلس حتى وقت قريب، وأن بعضها كان يباشر مهامه إلى جانب مؤسسات الدولة”، فيما “ظل جهاز الأمن العام، قائماً رغم صدور قرار بحله، مرجعًا ذلك إلى الهشاشة الأمنية في العاصمة”.
ورأي معيتيق إلى أن الجهاز المعروف باسم “الأربعات” لم يُعد يُنظر إليه كميليشيا، داعياً إلى “ضرورة ضبط أدائه ومراقبة التجاوزات التي قد تصدر عنه، خصوصًا في ظل اصطفافه ضد بعض الأطراف المسلحة الأخرى”.
منوهاً إلى أن “الوضع الأمني في العاصمة طرابلس مختلط ومعقد للغاية، وتعيش المدينة ظروفًا استثنائية لا تشبه الأوضاع في أي مدينة أخرى، باستثناء مدينة الزاوية التي تشهد توترات وصراعات مسلحة متصاعدة”.
وشدد معيتيق على “ضرورة مراجعة التشكيلات المسلحة كافة”، موضحًا أن “الوضع في غرب ليبيا يتطلب مكاشفة حقيقية مع الذات، إلى جانب حصر العمل الأمني في مؤسسات تتبع وزارتي الداخلية والدفاع فقط، دون غيرها”.
وأكد معيتيق، أن “التفاوض بين الأطراف الليبية لا يقلل من مكانة أي طرف، بل يمثل خطوة ضرورية للحفاظ على الاستقرار وتعزيز المصلحة الوطنية”.
وأوضح أن “الدعوات إلى الحوار، كما وردت في الإحاطة الأممية وكلمات المندوبين في مجلس الأمن، يجب أن تُقابل بإرادة صادقة من الجميع، مع تقديم التنازلات وضبط النفس”، معتبرًا أن “هذه الوسائل تصب في صالح العاصمة طرابلس وليبيا بشكل عام”.
وحذر من “تصعيد الصراع”، مشددًا على أن “الحل العسكري لن يحقق نتائج حقيقية، حتى في حال القضاء على جهاز الردع”، مضيفًا أن “إصلاح هذا الجهاز وتحسين أدائه يمكن أن يجعله جزءًا فعالًا من المنظومة الأمنية في العاصمة”.
كما شدد على “أهمية رفع قيمة المصلحة العليا، والتوحد حول مشروع وطني جامع يقود إلى تشكيل حكومة موحدة، ويعيد بناء المؤسسات، ويضمن وحدة البلاد”. وأكد أن “الوضع يتطلب الكثير من الحكمة والتروي، وأن أي دماء تُسفك في طرابلس أو أي مدينة ليبية أخرى تمثل مصدر قلق للجميع”.
ورأى معيتيق أن “الأولوية الحالية تتمثل في المضي قدمًا بالعملية السياسية، مع التركيز على توحيد مؤسسات الدولة والعمل على إخراجها من حالة الانقسام والتشتت”، مشددًا على “ضرورة تجاوز المرحلة الراهنة التي اتسمت بالحقد والخطاب الطائفي والكراهية بين الليبيين”.
وختم مداخلته بالتأكيد على أن “الثورة التي انطلقت في فبراير كانت من أجل بناء دولة المؤسسات”، داعيًا إلى “العمل الجماعي من أجل تحقيق هذا الهدف الوطني الكبير”.