ليبيا الان

بلها: الأزمة الليبية أصبحت “متورمة”

مصدر الخبر / صحيفة الساعة 24

أكد رئيس تجمع تكنوقراط ليبيا أشرف بلها، أن الجدول الزمني المطروح من البعثة الأممية بشأن المسار السياسي يعد ضيقًا مقارنة بتعقيدات المشهد، والانقسام الحاد الذي تعيشه البلاد منذ سنوات.

وأوضح بلها، في مداخلة على قناة ليبيا الأحرار” رصدتها “الساعة 24″، أن الإطار الزمني الحالي، رغم أهميته، لا يمكن أن يكون كافيًا بمفرده لإنجاح المسار السياسي ما لم يصاحبه استعداد حقيقي من الأطراف الفاعلة للانخراط في توافقات جوهرية، خاصة فيما يتعلق باختيار حكومة موحدة وتعديل القوانين الانتخابية.

وأشار إلى أن الأزمة الليبية، التي وصفها بـ “المتراكمة والمتورمة”، تتطلب جهدًا سياسيًا واسعًا لا يقتصر على الالتزام بالمواعيد، بل يتعداه إلى بناء أرضية مشتركة بين الفرقاء الليبيين، معتبرًا أن أي تقدم حقيقي مرهون بمدى استعداد هذه الأطراف لتقديم تنازلات والتوصل إلى حلول توافقية.

ولفت بلها إلى أن الإحاطة الأخيرة للمبعوثة الأممية تختلف عن سابقاتها، إذ تحمل في طياتها محطات مفصلية قد تفضي إلى انفراج سياسي حقيقي، أو تؤدي إلى تعميق الانقسام القائم إذا لم تُدار بفعالية.

وأكد أن الوضع السياسي الحالي يتطلب تعاطيًا مختلفًا، موضحًا أن الرهان لم يعد فقط على الأطر الزمنية، بل على الإرادة السياسية والمرونة في معالجة القضايا العالقة بما يضمن استقرار البلاد وإنهاء حالة الجمود.

في السياق ذاته بين بلها، أن بعثة الأمم المتحدة بدأت مؤخرًا اتباع نهج مختلف في تعاملها مع الأزمة الليبية، بعد سنوات من العمل بنفس الآلية التي لم تحقق نتائج ملموسة، نتيجة تكرار الإخفاقات في المسار السياسي والتي لا يمكن تحميلها للبعثة وحدها، مؤكدًا أن تعنت الأطراف الليبية وعدم تعاونها يشكلان أحد أبرز الأسباب التي حالت دون التوصل إلى حل للنزاع المستمر.

ولفت بها، إلى أن الإحاطة الأخيرة للبعثة جاءت في توقيت حساس، خاصة مع ارتفاع حدة الغضب في الشارع الليبي، وهو ما تجلى في تصاعد الاحتجاجات التي وصلت حتى بوابة مقر البعثة الأممية في جنزور.

ونوه إلى أن نتائج الاستطلاع الذي أجرته البعثة، رغم محدودية العينة، أظهرت استياءً واسعًا من أداء المؤسسات السياسية القائمة، وأظهر الاستطلاع تركيز المشاركين على الخيار الرابع والذي جاء في الترتيب الثاني من حيث الشعبية، ما يعكس فقدان الشارع الليبي الثقة في هذه المؤسسات.

وتابع بلها، أن فشل الأجسام في التوافق على قوانين انتخابية عادلة، أو تنظيم انتخابات نزيهة، زاد من حالة السخط الشعبي، ما يفرض ضرورة الإسراع في تنفيذ خارطة طريق واضحة تنهي حالة الجمود السياسي في البلاد، مشيداً بضرورة التركيز على مخرجات لجنة (6+6)، واللجنة الاستشارية، موضحًا أن هذه اللجان شكلت أساسًا لخارطة الطريق التي تطرقت إليها الإحاطة في جلساتها الأخيرة. مؤكداً أن تقرير اللجنة الاستشارية، الذي لم يُنشر بالكامل بعد، يُعد وثيقة شاملة تتجاوز 160 صفحة، ويتضمن تحليلاً دقيقًا للعوائق التي تواجه القوانين الانتخابية القائمة.

وأبان بلها، إلى أن اللجنة الاستشارية قد قدمت مجموعة من المقترحات العملية لمعالجة مشكلات بارزة، من بينها قضايا الجنسية المزدوجة، وترشح العسكريين والمحكمين، بالإضافة إلى تقديم “كوته” للمرأة وأخرى للمكونات الاجتماعية.

وأوضح أن هذه المقترحات تمثل خطوة مهمة في معالجة المشاكل البنيوية التي تعاني منها العملية الانتخابية، لكنها في الوقت ذاته قد تثير قبولاً متفاوتًا بين الأطراف المعنية.

ولفت إلى أن القوانين الانتخابية الحالية تُعاني من عيوب جوهرية منذ تأسيسها، محذراً من أنها قد تؤدي إلى تعقيد الوضع الليبي بشكل مستمر. وأضاف أن القوانين الحالية وُضعت في إطار توافقات سياسية هدفها إرضاء جميع الأطراف، مما أثر على فاعليتها ومصداقيتها، مؤكداً أن إصلاح هذه القوانين أمر بالغ الأهمية، وقد يستدعي العودة إلى المربع الأول لإعادة صياغتها بشكل يتناسب مع تطلعات الشعب الليبي ويضمن انتخابات نزيهة وشفافة.

وتابع بلها حديثه بالتركيز على قراءتين مختلفتين للوضع الحالي بشأن البعثة والمرحلة المقبلة، حيث تشير القراءة الأولى إلى وجود بعثة محددة الأهداف، فيما تشير القراءة الثانية إلى أن المرحلة الراهنة تمثل خارطة طريق تمنح مهلة زمنية لتعديل القوانين الانتخابية، والقاعدة الدستورية، بالإضافة إلى إعادة تشكيل المفوضية أو قيادتها.

من جهة ثانية، أوضح بلها، أن الحوار المؤطر “المهيكل” سيضم ممثلين من مختلف الأطر الموجودة في الدولة، بما في ذلك الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي غالبًا ما كانت مهملة في السابق. ومع ذلك، أشار بلها إلى أن آلية اختيار المشاركين في الحوار تمثل نقطة شائكة قد تعرقل سير العملية أو تضر بمصداقيتها.

كما شدد على ضرورة أن تستفيد البعثة من تجربة جنيف السابقة، التي أبرزت تحديات عدة، من بينها دور المال السياسي وتأثيره، وذلك لتجنب الوقوع في نفس الأخطاء وضمان نجاح العملية السياسية.

ورأي بلها، أن استمرار تعثر التوافق السياسي سيدفع الملف نحو الحوار المؤطر، والمتوقع أن يشكل محطة محورية لحل الأزمة وضمان مشاركة أوسع وشاملة لكل الفاعلين.

ولفت إلى أن المشهد الليبي الراهن يشهد عرقلة من جميع الأطراف الموجودة، حيث تتقاسم هذه الأطراف إدارة الدولة ونفوذها وثروتها، مما يجعلها تخشى من إجراء الانتخابات التي ستؤدي إلى فوز طرف واحد. كما بين أن هذه العراقيل لا تقتصر على الأطراف الداخلية فقط، بل تشمل أيضًا التدخلات الإقليمية والدولية.

وأوضح أن التوافق هو الركيزة الأساسية لأي حوار سياسي مؤثر، فضلاً عن ضرورة وجود توافق على القوانين الانتخابية وتعديل المفوضية أو إدارتها، وكذلك القواعد الدستورية، سواء كانت جديدة أو معدلة، لحل العديد من المشاكل العالقة.

وأكد أن غياب هذا التوافق يؤدي إلى تعقيدات كبيرة، مثل وجود حكومتين غير متفقتين على إجراء الانتخابات، مما يمثل عائقًا رئيسيًا.

وأكد بلها أن الحل يجب أن يكون بملكية ليبية خالصة بعيدًا عن التدخلات الخارجية، وأن الأطراف الليبية عليها الارتقاء إلى مستوى المسؤولية لتحقيق توافق شامل.

وشدد على ضرورة وجود قوانين ولوائح واضحة تحكم عمل المفوضية، مشيراً إلى أن استمرار نفس الإدارة لعدة سنوات متتالية ليس في صالح الشفافية أو النزاهة في الانتخابات. وأن هذا الأمر قد ينعكس سلبًا على مصداقية العملية الديمقراطية، مختتماً حديثه بالتأكيد على أن الإصلاحات المرتبطة بهيكلة المفوضية ومواءمة عملها مع معايير واضحة ستكون خطوة أساسية لتعزيز الثقة في العملية الانتخابية وتحقيق ديمقراطية حقيقية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة الساعة 24

عن مصدر الخبر

صحيفة الساعة 24

أضف تعليقـك

ستة عشر − 7 =