ليبيا الان

إدريس أحميد: العاصمة تحت خط النار.. إلى أين؟

مصدر الخبر / قناة ليبيا 24

ليبيا 24:

بقلم إدريس أحميد

تشهد العاصمة طرابلس توترًا متصاعدًا، وسط تحشيدات عسكرية تنذر باندلاع مواجهة وشيكة بين قوات الردع والقوات الموالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة. ورغم التحذيرات المحلية والدولية من مغبة الانزلاق إلى حرب جديدة، يبدو أن خيار القوة يظل حاضرًا في حسابات الدبيبة، الأمر الذي يثير أسئلة جوهرية حول دوافعه ومآلات هذا الصراع المحتمل.

إصرار محفوف بالمخاطر

إصرار الدبيبة على المضي في هذا الخيار يواجه تحديات كبيرة، لعل أبرزها:

الرفض الشعبي لأي حرب جديدة داخل العاصمة، في ظل معاناة اقتصادية واجتماعية خانقة وصلت بالليبيين إلى حدود اليأس.

مخاوف من انفلات أمني قد يفضي إلى تحالفات ميليشياوية جديدة، بعضها قد يدعمه في البداية، لكنه سرعان ما سينقلب عليه.

تكلفة سياسية واقتصادية باهظة لا يستطيع تحمّلها، لا سيما في ظل وضع هش لحكومته التي تقترب من نهايتها مع الحديث عن تشكيل حكومة بديلة.

في حال سيطرة الدبيبة.. سيناريو آخر

في حال تمكنت قوات الدبيبة من السيطرة، فإنها ستتجه ـ وفق المؤشرات ـ إلى حل مليشيات أخرى حتى وإن كانت متحالفة معها الآن، وإعادة تشكيل المنطقة الغربية بتشكيلات مسلحة تابعة لها.

لكن هذا التوجه لن يمر بسهولة، إذ سترفضه بقية التشكيلات، كما سترفضه مناطق أخرى تشعر بأن الدبيبة يحاول فرض هيمنة شاملة عبر أدوات ميليشياوية.

وهو ما قد يعيد إشعال الصراع من جديد بصورة أعنف وأوسع.

دوافع خفية وحسابات سياسية

يتساءل مراقبون عن حقيقة دوافع الدبيبة:

هل يسعى للسيطرة على مواقع سيادية كميناء طرابلس أو البنك المركزي؟

هل يريد الظهور بمظهر الرجل القوي المسيطر على الغرب الليبي؟

أم أنه يحاول عبر هذا التصعيد كسب أوراق ضغط أمام المجتمع الدولي لانتزاع ضمانات ببقائه في السلطة، حتى وهو يدرك أن شرعيته تتآكل يومًا بعد يوم؟

بريطانيا: موقف غير واضح منذ بداية الأزمة

منذ اندلاع الأزمة الليبية، يلاحظ المحللون أن موقف بريطانيا غير واضح تجاه مجريات الأحداث فرغم الدعوات الرسمية المتكررة إلى التهدئة واحترام مؤسسات الدولة، تبقى مواقفها العملية تجاه الأطراف المختلفة محل تأويلات وتحليلات متعددة، مما يزيد الغموض حول نواياها الحقيقية، ويطرح تساؤلات حول مدى اهتمامها باستقرار ليبيا أو توظيف الصراع لتحقيق مصالح استراتيجية بعيدة عن أمن الليبيين.

أزمة قديمة بجذور جديدة

ما يحدث اليوم ليس إلا نتاج سنوات من شرعنة المليشيات والتعامل معها كأمر واقع من قِبل الحكومات المتعاقبة، فضلًا عن زيف القرارات الدولية التي اكتفت بالشعارات حول إنهاء المليشيات دون أي تطبيق فعلي.

وهكذا تراكمت القوة خارج الدولة، لتصبح هي اللاعب الحقيقي في تقرير مصير العاصمة.

الجيش خيار الإنقاذ

السيناريو الأخطر هو انزلاق العاصمة إلى حرب جديدة قد تكرر مآسي الماضي، لكن هذا الوضع قد يُعجّل أيضًا بترسيخ قناعة داخلية ودولية بأن المخرج الوحيد هو تمكين الجيش الوطني واللجنة العسكرية المشتركة (5+5) من ضبط السلاح وإنهاء سطوة الميليشيات.

مع تفاقم الأزمة وتزايد التوتر داخل طرابلس، تتجه الأنظار إلى القيادة العامة للجيش الليبي باعتبارها الجهة القادرة على ضبط الفوضى وإعادة توازن القوى.

هذا الخيار يمثل مصلحة كل الليبيين، فهو الطريق لإعادة الأمن والاستقرار وإنهاء سيطرة الميليشيات على العاصمة ومؤسسات الدولة.

من يرفض هذا الخيار، غالبًا هم أطراف تسعى لاستمرار الفوضى وفق مصالحها الخاصة، وقد جرب الليبيون هذا السيناريو طيلة 14 سنة مضت، منذ ما بعد سقوط النظام السابق، حيث لعبت الميليشيات دورًا مؤثرًا في التحكم بمصير البلاد على حساب الدولة والمواطنين.

وفي هذا السياق، يمكن للقيادة العامة للجيش أن تلعب دورًا مزدوجًا:

1. ضبط السلاح والميليشيات: عبر التنسيق مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) لتحديد مناطق السيطرة ومنع انتشار التسلح العشوائي، بما يحد من احتمالات التصعيد المسلح.

2. فرض هيمنة الدولة: من خلال إعادة المؤسسات الحيوية تحت إشراف الدولة، وضمان عدم سيطرة أي فصيل مسلح على مفاصل العاصمة.

هذا الخيار، رغم صعوبته، قد يكون الأكثر استدامة على المدى الطويل، إذ يُعيد الاعتبار للدولة ويضع نهاية فعلية للفوضى الميليشياوية، إذا حظي بدعم شعبي وإقليمي ودولي جاد.

مهما كانت الحسابات السياسية والأطراف الداعمة، فإن الحقيقة التي بات يدركها كل الليبيين هي أن استمرار الفوضى الميليشياوية لم يعد مقبولًا، الخلاص لن يكون إلا بجيش موحد قادر على فرض الأمن وبناء الدولة، وهذا الخيار بات أقرب من أي وقت مضى.

يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

قناة ليبيا 24