ليبيا الان

بعيو: طرابلس غارقة في الفوضى وبنغازي نموذج للاستقرار

مصدر الخبر / صحيفة الساعة 24

قال رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، محمد عمر بعيو، إن “العاصمة طرابلس تعيش وضعًا مأساويًا نتيجة غياب الدولة وتفشي الفوضى المسلحة”، مشيرًا إلى “التناقض الوجودي بين طرابلس المضطربة وبنغازي المستقرة”.

وأوضح بعيو في لقاء خاص مع تلفزيون المسار أن “المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش الليبي تشهد نوعًا من الاستقرار الأمني والمؤسسي، نتيجة إنهاء ظاهرة الميليشيات وانفلات السلاح، وبات الوضع بيد قيادة واحدة، ومشروع واضح يطمح إليه الليبيون”، مبيناً أن “هذا الأمر لم يتحقق في العاصمة، حيث لا يزال المشهد الأمني هشًا، والسلاح موزعًا بين أطراف متعددة”.

وأضاف: “نعيش للأسف مرحلة سقوط الدولة الليبية الأولى (دولة الاستقلال)، دون قيام الدولة الثانية، لكن رغم غياب الدولة المركزية المتكاملة، هناك مناطق أصبحت تتمتع بحياة حقيقية وواقعية”.

وأشار إلى أن “طرابلس، منذ عام 2011، تعاني من تداعيات انتشار السلاح وغياب المؤسسات، بعد إسقاط نظام القذافي”، مؤكدًا أن “المجلس الانتقالي وبعض الجهات التي تولت السلطة آنذاك ساهمت في تفكيك الجيش الوطني وتسليم مفاصل الدولة للميليشيات”.

وأكد بعيو أن “هذه الجماعات المسلحة تطورت من فصائل تحمل السلاح إلى كيانات تتحكم في القرار، تمتلك الأختام، وتفرض سلطتها على المؤسسات”، معتبرًا أن “بعض الحكومات المتعاقبة دعمت هذه الجماعات ومكّنتها ماليًا، على حساب الشعب الليبي وحقوقه في التنمية والتعليم والصحة والخدمات”.

طرابلس تدفع الثمن

وأضاف: “للأسف، أصبحت طرابلس تدفع الثمن، ومعها ليبيا كلها، لأن العاصمة لا تزال تمثل مركز الدولة، رغم غياب سلطة الدولة الحقيقية فيها”.

وذكر بعيو أن “قرابة مليوني ليبي يعيشون في طرابلس، يعانون من واقع يومي صعب”، مشيرًا إلى أنه “يحرص على زيارتها رغم إقامته في بنغازي، ليعيش بنفسه التفاوت بين منطقتين تمثلان وجهين مختلفين لليبيا”.

اشتباكات وأوضاع أمنية خطيرة

وعن الأوضاع الأمنية الأخيرة، قال إن “العاصمة تعيش حالة من الذعر وعدم الاستقرار منذ ليلة 12 مايو، في أعقاب الاشتباكات بين المجموعات المسلحة، والتي أسفرت عن ترويع السكان وإثارة الفوضى”.

وأضاف أن “ما يحدث في طرابلس يتطلب تدخلاً حاسمًا لإعادة سلطة الدولة، وتطبيق النموذج الأمني والمؤسسي الناجح في بنغازي على باقي مناطق البلاد”.

حرب تستهدف المدنيين

وبين بعيو في تصريحاته أن “ما يحدث في طرابلس لا يمكن اختزاله في مواجهات عسكرية عابرة، بل هو حرب تستهدف المدنيين بشكل مباشر”، مؤكداً أن “الأرتال العسكرية، ودخول الدبابات، والأسلحة الثقيلة مثل المدفعية العيار 14.5 والصواريخ، ليست مجرد تحركات تكتيكية، بل تهدف إلى فرض حالة من الرعب على السكان المدنيين”.

وأضاف أن “التحركات المسلحة ليست قادرة على استهداف مواقع محددة بدقة”، مشيرًا إلى أن “القذائف العشوائية تضرب مناطق مكتظة بالسكان، ما يزيد من الخطر على حياة المدنيين ويحول العاصمة إلى ساحة مواجهة يومية”.

قصف عشوائي وخسائر فادحة

ولفت بعيو إلى أن “مناطق طرابلس مثل عين زارة، راس حسن، شارع الظل، الهضبة، أبو سليم، وطريق الشط تتعرض للقصف العشوائي، مما يؤدي إلى خسائر في الأرواح وتدمير واسع للممتلكات”، مؤكداً أن “هذه الأعمال ليست مجرد صدامات مسلحة بين القوى، بل هي عملية ممنهجة تهدف إلى خلق فوضى شاملة وتقويض الأمن والاستقرار في العاصمة”.

وأكد أن “المعركة تستهدف المدنيين مباشرة”، مضيفًا: “المعركة ضد طرابلس وضد مواطنيها، وهذه حرب نفسية متواصلة ضد الليبيين في كل حي وشارع”.

وأشار إلى أن “هذه العمليات أدت إلى وقوع حوادث قتل ودمار كبير في كل أنحاء العاصمة، بما في ذلك المناطق الحيوية والمزدحمة بالسكان، مما يعكس حجم الخطر والتهديد الذي يعيشه المدنيون يوميًا”.

دعوة لتدخل عاجل وحماية المدنيين

وشدد بعيو على أن “الحل لا يمكن أن يكون سياسيًا أو دبلوماسيًا فقط، بل يتطلب موقفًا واضحًا وحازمًا لإنهاء هذه الهجمات وحماية المدنيين”.

وطالب الجهات الدولية والمحلية بالتحرك العاجل لتوفير حماية حقيقية لسكان العاصمة، معتبرًا أن “التحركات المسلحة في طرابلس جاءت نتيجة تخوف الأطراف المسيطرة من فقدان السلطة، وكأنها ملكية موروثة لا يمكن التخلي عنها”.

ولفت إلى أن “هذه الأطراف كان من الممكن أن تغادر مواقعها سلمياً، كما فعل الرئيس السابق فائز السراج وخليفة الغويل”.

الخطر النفسي وتدخلات خارجية

وأوضح بعيو أن “الخطر النفسي والتهديد المستمر كان واضحاً منذ شهور، وأن الأطراف المعنية تتصرف وكأنها مصابة باضطرابات نفسية، مستغلة الموارد المالية لشن الحروب والتحركات العسكرية داخل العاصمة”.

وأضاف أن “التهديدات لم تقتصر على الأسلحة التقليدية، بل شملت طائرات مسيرة وتدخلات خارجية من تركيا ودول أخرى، ما زاد من تعقيد الوضع في طرابلس”.

غياب الجيش النظامي

وقال بعيو إن “التحركات المسلحة في طرابلس لم تنتهِ بدعم الجيش الوطني الحقيقي، بل بقيت تحت سيطرة ميليشيات متعددة”، وأضاف: “جميع القيادات العسكرية الحقيقية من طرابلس والمنطقة الغربية غير مرئية، بينما يتم استخدام المدنيين والمدربين الموجهين من قبل ميليشيات لتسيير العمليات”.

واعتبر أن “هذا الوضع يمثل مهزلة ويخالف مفهوم الجيش النظامي الذي يخضع للسلطة السياسية ويملك قيادة واضحة”.

وأشار إلى أن “طرابلس تعتبر من أكثر المناطق تسليحاً، لكن الهيمنة تقتصر على الميليشيات، وليس على جيش رسمي منظم”، مؤكداً أن “المدن الأخرى مثل مصراتة، الزاوية، الزنتان، زوارة، وجبل نفوسة تعاني أيضاً من وجود مسلحين متعددين من ميليشيات غير خاضعة للقيادة الموحدة”.

الفوضى مستمرة بسبب الميليشيات

وأكد بعيو أن “غياب الجيش النظامي المنظم والتسليح غير المتحكم فيه للميليشيات يهدد الأمن والاستقرار، ويجعل أي عمليات عسكرية أو مواجهة تهدف إلى الاستقرار غير فعالة”.

وأضاف: “طالما لم يكن هناك جيش حقيقي، بتراتبية واضحة، يخضع للسلطة السياسية، فستبقى الفوضى العسكرية قائمة، وستظل الميليشيات تتحكم في المناطق المختلفة وفق مصالحها الخاصة”.

الغرياني ودعوات العنف

من ناحية ثانية، أكد بعيو أن المفتي المعزول الصادق الغرياني، ومقربين منه بدار الإفتاء، يروجون لفكرة أن بعض أهالي سوق الجمعة يمنعون بسط الدولة لنفوذها، مدعين أنهم يقدمون دعماً للردع، ويعارضون العملية الأمنية التي تقودها حكومة عبد الحميد الدبيبة لفرض سلطة الدولة، مشددًا على أن “تصريحات الغرياني عارية عن الحقيقة”.

وقال بعيو إن “هذا الرجل مسكين، خارج التاريخ والزمن، ومريض بالأحقاد، ويدعو إلى العنف منذ عام 2011، وهذا موثق بشهود على تصريحاته منذ تلك الفترة”.

وأضاف أن “الغرياني كان يحشد المؤيدين له في أماكن محددة، ويحثهم على قتل كل من لا يدين بالولاء لفبراير”، مؤكداً أن “دماء هؤلاء تقع على عاتقه، وأن التاريخ سيحاسب الغرياني، سواء أثناء حياته أو بعد وفاته، وسيكون هناك شهود على ما فعله”.

وأشار إلى أن “بعض المتابعين لأفكار الغرياني وصل بهم الحد إلى النشر على صفحاتهم الرسمية والقول إن من يسقط أمام الردع فهو شهيد”، مؤكدًا أن “هذا دجل وكذب على الله، وأن تصنيف من يموت في معارك داخل المجتمع الليبي على أنه شهيد لا يستند إلى أي أساس شرعي”.

وحذر بعيو من “خطورة مثل هذه التصريحات، لأنها تشجع الشباب على الانخراط في العنف والصراعات الداخلية”، مؤكدًا أن “هذه الدعوات يجب أن تواجه بالتحرك القانوني والدعوي، وليس بالتقليل منها أو الرد عبر وسائل الإعلام أو منصات التواصل الاجتماعي”.

تحركات الدبيبة تهدد خارطة الطريق

إلى ذلك، أكد بعيو أن “تحركات حكومة الدبيبة، عند شعورها بضرورة مغادرة السلطة، أثرت بشكل كبير على خارطة الطريق الأممية التي أعلنتها البعثة بقيادة هانا تيتيه”، مشيرًا إلى أن “ذلك يثير تساؤلات جدية حول إمكانية تطبيق العقوبات على من يعرقل تنفيذ الخارطة”.

وبيّن أن “البعثة الأممية طالما أكدت في إحاطتها على فرض عقوبات على أي طرف يعرقل أي مرحلة من مراحل خارطة الطريق، إلا أن الوضع الحالي في طرابلس لا يعرقل مرحلة واحدة فحسب، بل يهدد تنفيذ الخارطة برمتها، في ظل استمرار التدخلات السياسية المحلية والصراعات على الأرض”.

وأضاف رئيس المؤسسة الليبية للإعلام أن “الانتهاكات السياسية التي شهدتها طرابلس منذ اتفاق جنيف في يونيو 2022، وما سبقها من تدخلات منذ أكتوبر 2021، أسهمت في تقويض الخارطة، وتحويل بعض المناطق مثل مصراتة إلى مناطق مكروهة، وتعطيل جهود الحكومة والبرلمان في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه دوليًا”.

وأوضح أن “هذه التجاوزات أدت إلى تهديد مباشر للسلم الأهلي في العاصمة، محذرًا من أن استمرارها سيؤدي إلى مزيد من الانقسامات والصراعات”، مؤكدًا أن “المجتمع الدولي مطالب بالتدخل الفعّال لحماية المدنيين ووقف ما وصفه بالتجاوزات التي تهدد استقرار ليبيا”.

المسار الانتخابي في ليبيا سيمضي رغم انتهاء حكومة الدبيبة

بعيو تابع بالقول إن “المسار السياسي الجديد لإجراء الانتخابات في ليبيا سيمضي إلى نهايته، رغم الانتهاء الفعلي لحكومة الدبيبة”، محذرًا من “أي محاولات لتعطيل العملية الانتخابية أو العبث بالاستقرار في طرابلس”.

ولفت إلى أن “المسار الانتخابي، الذي بدأ وفق الخارطة الأممية في جنيف 2022، يمثل فرصة حقيقية لإعادة بناء الشرعية السياسية في ليبيا وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة، مؤكداً أن الليبيين جميعهم يطمحون إلى هذه الانتخابات لاستعادة المؤسسات الشرعية التي غابت عنهم لعقود”.

وأشار بعيو إلى أن “أي تحركات أو صفقات خلال فترة حكم الدبيبة انتهت، وأنه لا ينبغي استخدام أي وسيلة لإعاقة الانتخابات أو فرض سلطة أمر واقع”، مؤكدًا أن “الجيش الليبي يجب أن يكون الحارس الفعلي للعملية الديمقراطية، لضمان انتقال سلمي للسلطة بعد انتهاء ولاية أي رئيس منتخب”.

وأضاف أن “الشعب الليبي جاهز لدعم أي خطوات جدية لإتمام الانتخابات”، معربًا عن ثقته بأن “المسار الجديد، إذا سُيّر دون عنف أو تدخلات غير شرعية، سيحقق إنجازات حقيقية قبل نهاية العام، ويعيد للليبيين حقهم في اختيار حكوماتهم وبرلماناتهم بشكل شرعي ومباشر”.

وشدد على أن “أي محاولة لإعادة إحياء سلطة حكومة الدبيبة أو التأثير على خارطة الطريق الحالية لن تنجح”، مؤكّدًا أن “العملية الديمقراطية يجب أن تكون واضحة وسلسة، وأن ليبيا بحاجة إلى قيادة حكيمة تحمي السلم الأهلي وتضمن مشاركة جميع المواطنين في صنع مستقبلهم السياسي”.

الجيش لا محالة قادم لتحرير طرابلس

وأعرب بعيو عن ثقته التامة بأن “الجيش الليبي قادم لتلبية المطلب الشعبي العارم الذي طال انتظاره”، معربًا عن أمله “في ألا يطول هذا الزمن”. وأكد أن “الجيش جاهز للتعامل مع أي تهديدات، مشيرًا إلى أن غالبية سكان طرابلس البالغ عددهم نحو ثلاثة ملايين نسمة، ونصف مليون في مصراتة، لا يرضون بأن يخسر أبناؤهم حياتهم في الصراعات القائمة”.

وأكد أن “هؤلاء السكان يرفضون عمليات القتل والتدمير التي تقوم بها بعض الميليشيات”.

كما انتقد بعيو بعض الشخصيات التي وصفها بأنها “قراصنة وعازمون على الفساد”، متهمًا إياها “بسرقة أموال الليبيين وتوظيف النفوذ لدعم مصالح خاصة”، معتبرًا أن “هذه الأفعال تشكل تهديدًا للأمن والاستقرار في البلاد”.

وشدد على “ضرورة ضبط الفوضى والفساد، ودعم المؤسسات الشرعية”، مؤكداً أن “أي تحركات تهدف لإشعال الصراع في طرابلس أو مصراتة لن تلقى قبولًا من الشعب الليبي”.

لا اعتراف إلا بالقائد الأعلى ومجلس النواب

من ناحية أخرى، أكد بعيو أنه “لا يعترف إلا بالقائد الأعلى للقوات المسلحة ومجلس النواب”، مشيرًا إلى أن “المستشار عقيلة صالح هو القائد الأعلى وفقًا لأحكام القانون”.

ودعا بعيو صالح إلى “اتخاذ خطوة شجاعة عبر إصدار مرسوم يمنح الشرعية لكل التشكيلات المسلحة، واستدعاء جميع ضباط الجيش في المنطقة الغربية للانتشار في الشوارع وتعزيز الأمن في العاصمة طرابلس”.

وبيّن أن “هذه الخطوة ستشكل علامة على الشجاعة والتصدي لمحاولات الفوضى”، مشيرًا إلى “ضرورة مواجهة الانقسامات داخل المجلس الرئاسي الذي وصفه بالمقسم والمنشق، والواقع تحت تأثيرات مالية وسياسية”.

طرابلس حية وقادرة على المقاومة رغم الفوضى

وعبر بعيو عن تفاؤله بأن “العاصمة طرابلس لا تزال حية وقادرة على مقاومة الفوضى والاقتتال، رغم ما شهدته المدينة من تحشيدات وترهيب مستمر خلال السنوات الماضية”.

ولفت إلى “المظاهرات التي كانت تُنظم كل جمعة، لكنها تعرضت للتراجع نتيجة التحشيدات الأخيرة والعمليات العسكرية التي تسببت في حالة من الرعب بين السكان”.

وقال بعيو: “أنا أعرف طرابلس، متبحر في وجدانها ودارس تاريخها، وأعلم روح المدينة ومقاومتها”، مؤكدًا أن “طرابلس لم تكره أحدًا وبقيت صامدة رغم كل الظروف الصعبة”.

وأضاف أن “أي رئيس حكومة أو مسؤول جديد لن يستطيع البقاء في طرابلس إذا حاول فرض إرادته بالقوة”.

وأشار إلى أن “طرابلس خرجت في مظاهرات وملأت الشوارع، معبرة عن قدرتها على المقاومة، رغم كونها جريحة ومتضررة من اعتداءات سابقة”.

وأوضح أن “طرابلس، على الرغم من غياب قيادة واضحة كما حصل في بنغازي عام 2014، ما زالت صامدة بفضل المواطنين الذين قاتلوا من أجل حريتها، مؤكدًا أن المدينة حافظت على وجودها وكرامتها رغم كل الصعوبات والاعتداءات على المدنيين والممتلكات العامة”.

وأضاف بعيو أن “النجاحات في بنغازي كانت نتيجة وجود قيادة قوية، بينما طرابلس لا تزال تبحث عن قيادة متماسكة تحمي المدينة وتحفظ أمنها واستقرارها”، مشيرًا إلى أنها “بقيت صامدة بفضل التكاتف المحلي والمقاومة الشعبية”.

حل التشكيلات المسلحة شرط أساسي لإعادة بناء الدولة الليبية

ونوه بعيو إلى أن “الأولوية الحالية في ليبيا، والعاصمة طرابلس، يجب أن تكون التخلص من القوى غير الشرعية والميليشيات المسلحة”، مشيرًا إلى أن “وجود أي حكومة في ظل تشكيلات مسلحة يفقدها كل قيمة فعلية”.

وأكد على “ضرورة وجود رئيس حكومة شجاع ووطني قادر على اتخاذ قرار حاسم بحل جميع التشكيلات المسلحة، مع منحها فترة زمنية قصيرة لتسليم أسلحتها، بموجب قانون العفو العام الموجود في مجلس النواب”.

وأوضح أن “هذا الحل سيتيح بناء دولة حقيقية تستند إلى الشرعية والمؤسسات، بدلاً من احتكار العنف الذي شهدته ليبيا منذ 2011”.

وأضاف بعيو أن “توحيد الجيش الليبي متاح وسهل، مع وجود ضباط متمرسين في الشرق والغرب”، مشيرًا إلى أن “الجيش الوطني يمتلك القوة والشرعية لحماية الدولة وتأمين حدودها، إذا ما رُفع الغطاء السياسي عن الميليشيات ودُعمت الحكومة الوطنية القوية”.

الفساد يعيق بناء الدولة

وأكد بعيو أن “الحلول السابقة لم تُنتج دولة فعلية، بل أنتجت حكومات عاجزة عن السيطرة على السلاح خارج المؤسسات الشرعية، وهو ما يعيق استقرار البلاد”.

وقال: “الخطوة الأساسية تبدأ بنزع السلاح الثقيل والمتوسط من خارج المؤسسة العسكرية، وتسليم الأمن للمؤسسات الشرعية، ليحكم القضاء ويخدم المواطنين”.

وأشار إلى أن “تجربة بنغازي أظهرت أهمية وجود قيادة حقيقية لتنظيم القوة والمواجهة، بينما طرابلس ما زالت تبحث عن قيادة استراتيجية قادرة على إدارة المدينة وتحقيق الأمن والاستقرار”.

وأضاف أن “مشروع بناء الدولة يحتاج إلى إنتاج شرعية، دستور، وميثاق اجتماعي جديد، مبني على السلام والتنمية والأمان، مع وجود جيش قادر على حماية الحدود وتنفيذ مهام الدولة”.

وختم بالقول إن “الحكومة الحالية برئاسة الدبيبة غير مؤهلة للتعامل مع هذه التحديات، مشيرًا إلى وجود ملفات فساد ضخمة ومليارات بحاجة إلى معالجة قبل الشروع في أي عملية إعادة بناء حقيقية للدولة الليبية”.

لجنة 5+5 تحتاج لدور أكبر لتوحيد الجيش الليبي

وبشأن اللجنة العسكرية (5+5)، أوضح رئيس مؤسسة الإعلام الليبية أن “اللجنة تتكون من ضباط محترفين ووطنيين، لكنها تقتصر على العمل في حدود محددة ولا يمكن أن تقوم بأكثر من ذلك إلا إذا مُنحت صلاحيات أوسع من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة”.

وأشار إلى أن “اللجنة موجودة منذ عام 2020، ولها مقر وسكرتارية وأعمال محددة، وهي تعمل على تنظيم بعض الترتيبات الأمنية في طرابلس ضمن حدود الممكن”.

وأضاف أن “هذه اللجنة تُعتبر منظومة محترمة، وقادرة على تقديم نموذج مختلف عن النماذج الميليشياوية، لكنها بحاجة إلى دعم أكبر لتتمكن من توحيد الجيش الليبي بشكل كامل”.

ولفت بعيو إلى أن “العديد من الضباط الكبار غائبون عن الترتيبات الأمنية، وأن بعض الترتيبات الحالية تحكمها ميليشيات تسللت على أكتاف الضباط، ما يجعلها غير فعالة بشكل كامل”.

وأكد أن “اللجنة ستظل تعمل ضمن حدودها الحالية حتى تُمنح دورًا أوسع رسميًا، وهو ما سيجعل تدخلاتها مقبولة على المستويين المحلي والدولي”.

وأضاف: “أي اجتماع حقيقي أو تحرك ميداني في الشوارع يحتاج إلى ترتيب مسبق لمنع الاحتكاكات وضمان السلامة”، مشددًا على “أهمية تعزيز دور لجنة 5+5 كخطوة ضرورية لتوحيد الجيش وضمان استقرار العاصمة طرابلس”.

خطوات المصرف المركزي الليبي نحو الاستقرار المالي والاقتصادي

في الملف الاقتصادي والمالي، تحدث بعيو عن آخر المستجدات في عمل مصرف ليبيا المركزي، مؤكدًا أن “المجلس الحالي يدير الأمور وفق القانون ويهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي والنقدي في البلاد”.

وبيّن أن “المصرف المركزي، منذ تشكيل مجلس إدارته الحالي في أكتوبر الماضي، اتخذ خطوات مهمة لمعالجة أزمة المرتبات وتحسين التحكم في عرض النقود، بما يعزز الاستقرار النقدي ويدعم الاقتصاد الكلي”.

وأضاف أن “المصرف بدأ تنفيذ استراتيجيات جديدة، من بينها تطوير المدفوعات الإلكترونية، ودخول التمويل التمويلي، ما يعكس اتجاهًا إيجابيًا نحو الاستثمار وإدارة الأموال المودعة بشكل رشيد”.

وأكد بعيو أن “المركزي يسير بخطوات قوية ورشيدة، مع حاضنة وطنية قوية تدعمه بعيدًا عن التأثيرات السياسية والصراعات”، مبينًا أن “هناك مؤتمراً اقتصادياً لتشكيل حاضنة وطنية حول المصرف لضمان استقلاليته وقدرته على القيام بدوره في دعم الاقتصاد الوطني”.

كما لفت إلى “بعض التحديات، المتمثلة في التأثيرات التضخمية والثغرات في الاحتياطيات، لكنها قابلة للتعديل والتعويض”، مؤكدًا أن “المصرف أصبح قوة أساسية للحياة الاقتصادية في ليبيا، وسيحاسب المسؤولون على أي تقصير في هذا الملف”.

وأشار بعيو إلى أن “التعديلات التشريعية التي يجري العمل عليها بالتعاون مع مجلس النواب ستدعم سياسة المصرف نحو ترشيد الإنفاق العام ومعالجة أزمة المرتبات”، مؤكداً أن “الخطوات الحالية ستظهر نتائج ملموسة خلال الأشهر القادمة على مستوى السياسة النقدية والاقتصاد الكلي”.

وختم بعيو حديثه في هذا الجزء بالقول: إن “المصرف المركزي يجب أن يظل مصرفًا لكل الليبيين، بعيدًا عن أي نفوذ حكومي أو ميليشياوي أو عصابي”، مؤكداً أن “هذا النهج هو الأساس لبناء اقتصاد ليبي مستقر وشفاف”.

قضية الـ 14 مليار دولار والقرارات المثيرة للجدل

من ناحية أخرى، أكد محمد عمر بعيو أن “قرارًا صدر في 8 سبتمبر 2016 (ثلاثة رمضان 1437 هجري) عن حكومة الوفاق آنذاك، بشأن إنشاء هيئة عامة للاستثمارات الاستراتيجية مقرها مصراتة، وتوقيع عقود مع شركات محلية ودولية بقيمة إجمالية تقارب 14 مليار دولار”.

وأشار إلى أن “هذه العقود كانت محل جدل كبير، وأن بعض الشركات الموقعة معها رفعت دعاوى ضد الدولة الليبية أمام غرف تحكيم دولية، مطالبة بتحصيل هذه المبالغ”.

ولفت إلى أن “القرار أثار التساؤلات حول شرعيته، خصوصًا أنه صدر عن شخص لم يكن رئيس حكومة معترف بها دوليًا في ذلك الوقت، حيث كانت حكومة الإنقاذ في طرابلس معترفًا بها عالميًا، بينما لم تُعترف حكومة الوفاق إلا بعد دخولها طرابلس في مارس 2016”.

وقال بعيو إن “النيابة العامة والجهات المعنية بدأت التحرك للتحقق من صحة القرار، مؤكداً أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن القرار قد يكون صادرًا عن غير ذي صفة، وهو ما قد يخفف من تبعات الدعاوى المرفوعة ويقي الدولة الليبية خسائر مالية كبيرة”.

وأضاف أن “القضية لا تزال قيد المتابعة وأن حجم المخاطر على أموال الدولة يصل إلى مليارات الدولارات”، مشددًا على “أهمية متابعة هذه الملفات بشكل جدي لمنع المزيد من الضرر على الاقتصاد الليبي”.

وأكد أن “الموضوع محل اهتمام كبير من الليبيين، وأن جهات الدولة تعمل حاليًا على حماية الموارد الوطنية وضمان محاسبة المتورطين”، معربًا عن ثقته “في قدرة النيابة العامة على إدارة القضية وتحقيق العدالة”.

دور القيادة العامة في استقرار ليبيا

وكشف بعيو عن “سلسلة زيارات مهمة أجرتها أجهزة مخابرات عدة دول، من بينها مصر وتركيا والإمارات، إلى بنغازي، حيث التقت تلك الوفود بالقائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر”.

وأوضح أن “هذه الزيارات تعكس تقدير هذه الدول للقيادة العامة كممثل لمشروع وطني وليست مجرد قوة عسكرية، خاصة بعد تقارب العلاقات بين مصر وتركيا وانفتاح الأخيرة على التعاون مع القيادة العامة، بما يشمل الاستثمارات التركية في ليبيا”.

وأشار بعيو إلى أن “استقبال رئيس مخابرات دولة يعتبر رسالة مباشرة بأن الدولة ترسل ممثلها الأعلى للبحث في ملفات استراتيجية، وليس مجرد مسائل أمنية عادية”، مؤكداً أن “القيادة العامة تمثل مشروعًا يسعى لإعادة بناء الدولة، وتحقيق الاستقرار، ودعم التنمية، وتمكين مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى ضمان السلم الأهلي”.

ولفت إلى أن “تركيا، على سبيل المثال، تسعى لمصالح استراتيجية متوسطة وطويلة المدى من خلال التعاون مع القيادة العامة”، متوقعًا أن “تكون هناك مصالح اقتصادية وعسكرية متبادلة بين الأطراف المختلفة، دون المساس بسيادة الدولة الليبية أو مصالحها الوطنية”.

كما شدد على أن “مصر تعتبر ليبيا جارًا استراتيجيًا آمنًا، وأن العلاقات الثنائية تخضع للضوابط التاريخية والسياسية، بما يضمن الأمن والتنمية المتبادلة”.

وأكد بعيو أن “القيادة العامة للجيش الليبي هي القوة العسكرية الفعلية الوحيدة في ليبيا حاليًا، وأنها منفتحة على جميع المبادرات الدولية التي تهدف لحل الأزمة الليبية، شرط أن تكون متوافقة مع مصالح الدولة والشعب الليبي”.

وختم بالقول إن “المؤسسة العسكرية ستظل الحارس على الدستور والشرعية، وليست أداة لأي ديكتاتورية أو أجندة خارجية”.

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة الساعة 24

عن مصدر الخبر

صحيفة الساعة 24