تشهد ليبيا ضغوطاً اقتصادية متزايدة في ظل تراجع الإيرادات النفطية المحولة إلى مصرف ليبيا المركزي، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على احتياطي النقد الأجنبي والقدرة على تغطية النفقات العامة. وفي الوقت الذي يتقلص فيه الدخل من النفط، تتصاعد مصروفات المؤسسة الوطنية للنفط بشكل لافت، مما يثير تساؤلات حول إدارة الموارد وأولويات الإنفاق.
فقد أظهرت البيانات الرسمية أن مصروفات المؤسسة الوطنية للنفط خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025 تجاوزت 16 مليار دينار ليبي، وهو ما يمثل زيادة بأكثر من 3 مليارات دينار مقارنة بما تم تسجيله في شهر يوليو الماضي، حين بلغت المصروفات أكثر من 13 مليار دينار. هذه الزيادة الكبيرة في فترة قصيرة تكشف عن توسع في الالتزامات التشغيلية والاستثمارية للمؤسسة، رغم الظروف المالية الحرجة التي تمر بها الدولة.
تراجع التحويلات النفطية يفاقم عجز النقد الأجنبي في ليبيا
هذا الواقع يضع ضغوطاً إضافية على الاقتصاد ، إذ إن انخفاض العوائد النفطية المحولة للمصرف المركزي يؤدي إلى تفاقم عجز النقد الأجنبي، فيما يشكل ارتفاع الإنفاق عبئاً ثقيلاً على الموازنة العامة ويهدد استقرارها. ومع استمرار الفجوة بين الإيرادات والمصروفات، تتزايد المخاطر المرتبطة باستنزاف الاحتياطيات الأجنبية، ما قد ينعكس سلباً على تمويل الواردات وتغطية الالتزامات الخارجية.
ومن منظور تحليلي، تبدو الحاجة ماسة إلى مراجعة سياسات الإنفاق داخل المؤسسة الوطنية للنفط لضمان التوازن بين المصروفات التشغيلية والاستثمارية، والتأكد من أن جزءاً معتبراً من العوائد يضخ في الخزانة العامة. كما أن غياب الشفافية في إدارة الأموال النفطية يضاعف من صعوبة مراقبة مسارها، ويترك الرأي العام في حالة من الغموض بشأن كيفية توظيف هذه الموارد.
إن استمرار هذه المعادلة المختلة، المتمثلة في تزايد النفقات مقابل تراجع الإيرادات، قد يدفع البلاد إلى خيارات صعبة مثل الاستدانة أو تقليص الإنفاق الحكومي. وبالتالي، فإن المرحلة الحالية تتطلب إصلاحات مالية عاجلة تركز على ترشيد الإنفاق، رفع كفاءة إدارة الموارد النفطية، وتعزيز الشفافية لضمان حماية الاقتصاد الوطني من مزيد من التدهور.
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا