ليبيا الان

شوايل: أخشى أن يكون الاتفاق الأمني بطرابلس مجرد “تفاهم شفوي” لا يصمد أمام أول اختبار

مصدر الخبر / صحيفة الساعة 24

أكد وزير الداخلية الأسبق، د. عاشور شوايل، أن نجاح الاتفاق الأمني في طرابلس يعتمد بشكل رئيس على التزام الأطراف الموقعة وقدرتها على تطبيق بنوده على أرض الواقع.

وحذر شوايل في مداخلة هاتفية مع قناة الوسط، من تكرار التجربة السابقة، مشيرًا إلى أن “الاتفاقات السابقة واجهت إخفاقات مماثلة لأسباب متكررة، مما أدى إلى ظهور ما يُعرف بـ “المربعات الأمنية” وتحول السيطرة من الدولة إلى جماعات مسلحة”.

وشدد شوايل، على أن “المدنيّة الكاملة للمطارات والمنافذ تمثل مطلبًا شعبيًا واضحًا، لا سيما في العاصمة طرابلس”. مؤكداً على “ضرورة إسناد تأمين هذه المرافق إلى أجهزة أمنية نظامية ومتخصصة، بعيدًا عن أي تبعية للجهات العسكرية أو الجماعات المسلحة”.

وأضاف: “لا يجوز أن يتحول التنقل بين المناطق وكأنه مرور عبر حدود دولية، كما لو كان استخدام جواز سفر داخل الدولة نفسها”، معتبرًا أن “الضبط الأمني المنضبط هو المدخل الحقيقي لتحقيق الاستقرار”.

وأشار إلى أن “ما يُميز الاتفاق الجديد، إذا ما تم الالتزام به، هو أنه ينص على إخلاء المطار من التشكيلات المسلحة وتسليم السجناء إلى السلطات القضائية المختصة، مع التأكيد على حصر الوجود الأمني داخل المطار على الجهات المختصة فقط”.

لكنه في المقابل، أعرب عن خشيته من أن يكون الاتفاق مجرد تفاهم شفوي قد لا يصمد أمام أول اختبار، كما حدث في اتفاقات سابقة، محذرًا من أن الاستمرار في هذا النهج يُعيد الأوضاع إلى مربعها الأول، ويُبقي السيطرة بيد من يملك السلاح لا من يملك الشرعية.

وبيّن شوايل، أن “الخلل الجوهري في ليبيا يكمن في غياب الثقة بين الأطراف المختلفة، خاصة أن من يملك السلاح هو غالبًا من يتحكم في القرار، داعيًا إلى إعادة تشكيل المعادلة الأمنية عبر إخراج التشكيلات المسلحة من طرابلس وإعادتها إلى مناطقها الأصلية، تمهيدًا لحلول سياسية وأمنية أكثر شمولاً”.

وفي سياق متصل، شدد شوايل على أهمية صدور بيانات رسمية من الجهات الفاعلة، مثل الحكومة والمجلس الرئاسي وجهاز الردع، تؤكد التزامها الصريح بالاتفاق ومضامينه، معتبرًا أن التصريحات الغامضة أو المتضاربة تفتح الباب أمام الانهيار المحتمل لأي تفاهم.

ونبه إلى أن “طرابلس نجت من حرب مدمرة في الأيام الماضية، وهو ما يتطلب ضرورة البناء على هذا الهدوء وتفادي الانزلاق مجددًا نحو المواجهة المسلحة، مؤكدًا أن الحرب لن تجلب إلا الدمار، كما حدث في مناطق أخرى من البلاد”.

معتبرا أن “التفاهمات الأخيرة التي جرت بشأن الوضع الأمني في العاصمة طرابلس لا تقتصر فقط على وقف التصعيد بين التشكيلات المسلحة، بل تتجاوز ذلك إلى مرحلة جديدة تهدف إلى إعادة ترتيب خارطة السيطرة داخل المدينة، عبر تقليص نفوذ بعض الكيانات المسلحة، وإعادة توزيع المهام والمسؤوليات بين مؤسسات الدولة، خصوصاً فيما يتعلق بالمواقع السيادية الحساسة مثل المطارات والسجون والمقار الأمنية”.

وتطرق إلى أن هذا التوجه – في حال تنفيذه بالشكل المطلوب – قد يسهم في “ضبط المشهد الأمني وفرض حالة من الاستقرار النسبي داخل العاصمة”. غير أنه أبدى تحفظه على وضوح الرؤية الحالية، متسائلًا عمّا إذا “كانت هذه التفاهمات مجرد اتفاقات نوايا، أم أنها خطوات رسمية مدعومة بإرادة سياسية واضحة وتحمّل للمسؤوليات من قبل جميع الأطراف المعنية”.

لافتا أن “الوضع في طرابلس يبقى “حساسًا للغاية”، مضيفًا أن “إنهاء دور جهاز الردع (المعروف بالجهاز الرابع)، سيُحدث فراغًا أمنيًا كبيرًا، بالنظر إلى أن هذا الجهاز يمثل إحدى أقوى التشكيلات المسلحة في المدينة، ويمتلك نفوذًا يفوق العديد من الكيانات الأخرى المنتشرة داخل العاصمة”.

وتابع: تفكيك هذه القوة أو تحجيمها سيؤدي بالضرورة إلى تحولات أمنية كبرى، لا تقتصر على الجهاز وحده، بل ستطال أيضًا مجموعات مسلحة أخرى، سواء من خلال إجراءات مشابهة أو عمليات إعادة تنظيم مرتقبة، الأمر الذي قد يغيّر المشهد الأمني في طرابلس بشكل شامل.

وعبّر عن أمله في أن “يتم تنفيذ هذه التفاهمات بشكل واضح ومعلن، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار الدائمين للعاصمة وسكانها، مؤكدًا أن أي خطوات غير مدروسة قد تُفضي إلى نتائج عكسية”.

وأوضح شوايل أن “الاتفاق، الذي تحدث عنه المستشار الرئاسي زياد غيم، تضمن إشارات إلى “حلول بديلة في حالة العرقلة”، لكنه تساءل عن الجهة التي تمتلك فعليًا آليات المحاسبة وفرض تنفيذ بنود الاتفاق، لا سيما فيما يتعلق بتسليم المسجونين لوزارة العدل، باعتبارها الجهة المخولة قانونيًا بالمحاسبة”.

وأكد شوايل أن “تسليم المطار قد يكون خطوة أولى في اتجاه حل أمني أوسع، يشمل تجفيف منابع السلاح وإعادة تشكيل الأجهزة الأمنية، إلا أن طبيعة الاتفاق، بحسب وصفه، ما تزال غير واضحة، ما يفتح الباب لتأويلات متعددة حول النوايا الحقيقية خلفه”.

مضيفاً بالقول: “حتى الآن لا نعلم أن كان الاتفاق يشمل فقط إدارة المطار، أم أنه يمتد ليشمل السيطرة الأمنية الكاملة على المقر، وتسليم كافة المحتجزين إلى الدولة. كما أن الغموض يلف مصير الكتائب والقوى الأمنية المتمركزة داخله، مثل جهاز الردع، الذي يُعد من أقوى التشكيلات المسلحة في العاصمة.”

وأشار شوايل إلى أن “الحديث عن تنفيذ بنود الاتفاق دون وضوح في آليات التنفيذ، يضعف من مصداقيته، متسائلًا عن الجهة التي ستضمن تسليم الموقوفين، وتفكيك القوى المسلحة، وإعادة تشكيل المشهد الأمني بما يخدم مصلحة الدولة”.

وختم وزير الداخلية السابق بالقول: “لا تزال الصورة ضبابية، والاتفاق يفتقر إلى التفاصيل الدقيقة التي من شأنها أن تعكس جدية في التنفيذ. نأمل أن تحمل الأيام القادمة توضيحًا للمسارات الحقيقية لهذا الاتفاق، خاصة ما يتعلق بالمحاسبة وإعادة هيبة الدولة.”

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة الساعة 24

عن مصدر الخبر

صحيفة الساعة 24

أضف تعليقـك

ثمانية عشر − تسعة =