أكد الباحث في العلاقات الدولية، بشير الجويني، على أهمية التعاون الإقليمي بين تونس والجزائر وليبيا لمواجهة التحديات المشتركة التي تعصف بالمنطقة، مشيرًا إلى أن الهجرة غير النظامية تُعد أبرز هذه الإشكاليات في السنوات الأخيرة.
وأوضح الجويني في مداخلة على قناة “سلام”، رصدتها “الساعة 24” أن العلاقات بين البلدان الثلاثة تتقاطع في عدة مجالات، منها الجانب الاجتماعي والدبلوماسي والتاريخي، وهي جوانب لا يمكن فصلها عن السياقين السياسي والاقتصادي الراهنين.
وأضاف أن هذه الدول، رغم اختلاف أوضاعها الداخلية، تتقاسم نفس المشكلات وتواجه تحديات متشابهة، وهو ما يفرض، وفق قوله، ضرورة الخروج بقرارات واستراتيجيات تفاوضية موحدة تجاه الشركاء الإقليميين والدوليين.
ودعا الجويني إلى صياغة استراتيجية ثلاثية للتعامل مع ملف الهجرة، سواء مع المنظمات الدولية مثل المنظمة الدولية للهجرة، أو مع الشريك الأوروبي، خاصة إيطاليا، إلى جانب بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، مثل النيجر ومالي والسودان ونيجيريا، التي تُعد من أهم دول المصدر للهجرة.
وأكد البحث في العلاقات الدولية، أن التفاوض بصوت واحد وبمصالح موحدة من شأنه أن يعزز من السيادة الوطنية، ويُحصن الأمن القومي للدول الثلاث، مشيرًا إلى أن التنسيق الثلاثي قد بدأ بالفعل، من خلال مبادرة أُطلقت في الجزائر على هامش مؤتمر الغاز، وتواصلت باجتماع ثانٍ في قصر قرطاج، صدر عنه “إعلان قرطاج” الذي تضمن 13 نقطة محورية.
وأشار الجويني إلى أن جزءًا هامًا من هذه النقاط بدأ تنفيذه، خاصة ما يتعلق بالمناطق الحدودية وأبعادها اللوجستية والاستراتيجية، معبّرًا عن أمله في أن يتوسع هذا التعاون ليشمل الجوانب الاقتصادية، لا سيما في المناطق ذات الاهتمام المشترك، مشدداً على ضرورة دعم هذا التنسيق بثلاثية أخرى – اجتماعية وثقافية وتاريخية – قادرة على أن تشكل قاعدة صلبة لحماية الأمن القومي الجماعي والتصدي للتهديدات التي تمس شعوب المنطقة بشكل مباشر.
ولفت إلى أهمية التمييز بين جهود دول الجوار، وفعاليات الأمم المتحدة في معالجة التحديات التي تواجه المنطقة، مشددًا على أن هذه الجهود لا تتعارض، بل تتكامل وتصب في اتجاه واحد رغم اختلاف مرجعياتها.
وبينّ الجويني، أن الأزمات التي تشهدها ليبيا، وتونس والجزائر، سواء على الصعيد الأمني أو الاقتصادي أو السياسي، تتطلب فهمًا عميقًا وواقعيًا لطبيعة الوضع في هذه البلدان، مشيراً إلى أن الدول الثلاث هي الأقدر على إدراك تعقيدات هذه الملفات، بحكم تشابه ظروفها وعمق الروابط الجغرافية والتاريخية بينها.
كما أبرز الجويني أهمية التعاون الإقليمي والتكامل الاقتصادي، مؤكدًا أن هذه الآلية تشكل جزءًا أساسيًا من الحل، مضيفاً أن سنة التشاور بين القيادات السياسية في المنطقة، والتي انطلقت منذ فترة، شهدت هذا العام تطورًا ملحوظًا، خاصة من خلال الاجتماعات التي احتضنتها الجزائر، إضافة إلى ملتقيات أخرى تم تنظيمها في العاصمة.
وشدد الباحث التونسي في ختام حديثه على ضرورة استثمار جميع الجهود، سواء كانت إقليمية أو أممية، معتبرًا أن دعم هذه المبادرات وتطويرها يمثل خطوة جوهرية نحو إيجاد حلول مستدامة لأزمات المنطقة.