ليبيا الان

ذخيرة في غرفة النوم.. انفجار يهز “الزنتان” ويحول حلم عائلة إلى ركام

مصدر الخبر / قناة ليبيا 24

الزنتان- ليبيا 24

انفجار ذخيرة بمنزل في الزنتان يودي بأب وطفليه.

في لحظة لم تتجاوز طرفة عين، تحول البيت الذي كان ملاذاً للأمان ومرتعاً للضحكات إلى مصيدة مميتة، حاصداً أحلام أسرة بكاملها تحت أنقاض من الإهمال والصراعات المنسية. لم تكن قوات غازية أو غارة جوية هي السبب، بل كان العدو مختبئاً داخل الجدران؛ ذخائر حربية تم تخزينها بطرق غير آمنة، لتتحول إلى قنابل موقوتة تنهي حياة ثلاثة أرواح بريئة وتشوّه مستقبل الناجين.

مأساة إنسانية تفضح إرثاً من الفوضى

مساء الأربعاء، لم تكن نهاية يوم عادي لعائلة “المعلول” في مدينة الزنتان• بينما كان أفرادها يجتمعون ربما حول وجبة عشاء أو يعدّون للنوم، هزّ انفجار مهيب الحي، ليسقط جزء من منزل العائلة ويحوله إلى كومة من الغبار والرعب. لم يكن الانفجار ناجماً عن تسرب للغاز أو خلل في الأسلاك الكهربائية، بل عن قذيفة أو أكثر من مخلفات الحرب، كانت مخزنة داخل المنزل نفسه.

وفقاً لمصادر طبية ومحلية، لم ينجح رب الأسرة، علي عمر المعلول، في الفرار من براثن الموت، كما لم يتمكن طفلاه الصغيران من النجاة. بينما نجا باقي أفراد العائلة، وهم الأم وأطفال آخرون، ولكنهم أصيبوا بجروح خطيرة وبحالة صدمة بالغة، تم على إثرها نقلهم على وجه السرعة إلى قسم العناية الفائقة في المستشفى لتلقي العلاج، وسط مخاوف على حياتهم بسبب خطورة الإصابات والصدمة النفسية التي لن تزول بسهولة.

جريمة في حق الإنسانية.. أين المسؤولية؟

هذه الحادثة، رغم فداحتها، ليست الأولى من نوعها في ليبيا، وخاصة في مناطق مثل الزنتان التي شهدت نزاعات مسلحة عنيفة على مدى السنوات الماضية. الانتشار الواسع وغير المنظم للسلاح والذخائر بين المدنيين، وتخزينها داخل المنازل أو بالقرب منها، حوّل الأحياء السكنية إلى مستودعات متفجرة تنتظر أي شرر صغير لتنفجر.

يتحمل هذا المشهد المأساوي طبقات متعددة من المسؤولية. فهناك من قام بتخزين هذه الذخائر، معتقداً ربما أنها وسيلة للقوة أو مصدر رزق مستقبلي، متجاهلاً أبسط قواعد السلامة. وهناك غياب تام لدور الدولة وجهازها الرقابي الذي يفترض أن يمنع هذه الممارسات الخطيرة، ويسيطر على كميات الأسلحة الهائلة المنتشرة خارج سيطرة القانون. كما أن التأخر في تنفيذ برامج فعالة وممولة جيداً لجمع الأسلحة والذخائر غير المرخصة وإتلافها بأمان، يعد شريكاً في الجريمة.

نداءات استغاثة.. متى تستجيب السلطات؟

منذ سنوات، يطلق النشطاء الحقوقيون وأهالي الضحايا في مختلف المدن الليبية صيحات تحذيرية من هذه الكوارث المتكررة. فهم يطالبون بضرورة الإسراع في تنفيذ برامج نزع السلاح من المدنيين، ووضع تشريعات صارمة تجرم حيازة الأسلحة الثقيلة والذخائر من قبل الأفراد، وتنظيم حملات توعوية شاملة تخبر الناس عن المخاطر الجسيمة لتخزين هذه المواد في بيئاتهم.

محمد العريبي، ناشط مجتمعي من الزنتان، يقول في حديث: “نحن لا نعيش في حالة حرب الآن، لكن إرث الحرب يقتلنا كل يوم. هذه الحوادث ليست قدراً محتوماً، بل هي نتيجة إهمال وتقاعس. نحتاج إلى خطة وطنية عاجلة، مدعومة دولياً إذا لزم الأمر، لتنظيف مدننا من هذا الكابوس قبل أن نخطر المزيد من الأبرياء”.

جراح لن تندمل.. عواقب تتعدى الحادث المباشر

تبقى العواقب الإنسانية لهذه المأساة هي الأقسى. فالعائلة لم تفقد معيلها فقط، بل فقدت أطفالاً كانوا يمثلون مستقبلها. الأم التي فقدت زوجها وطفليها في لحظة، وأصيبت هي وأطفالها الآخرون، تواجه معركة شاقة للشفاء الجسدي والنفسي. الأطفال الناجون سيعيشون برعب دائم، وسيحملون ذكريات مروعة قد تلازمهم طوال حياتهم.

تكلفة العلاج الطبي للجرحى، وإعادة تأهيل المنزل أو إيجاد سكن بديل، تمثل عبئاً مالياً إضافياً على عائلة أصبحت في وضع مأساوي. المجتمع المحلي، رغم تعاطفه وتضامنه، يعاني من نفس المشاكل الاقتصادية، مما يحد من قدرته على المساعدة الدائمة.

خاتمة: درس قاسٍ يتطلب فعلًا عاجلاً

مأساة عائلة المعلول في الزنتان هي جرس إنذار جديد يدق بعنف. إنها تذكير مرير بأن السلام الحقيقي لا يعني فقط توقف إطلاق النار، بل يعني تطهير المجتمع من مخلفات الحرب القاتلة. إنها صرخة تستدعي تحركاً جاداً وحاسماً من جميع الجهات المعنية، محلياً ووطنياً، لوضع حد لهذه السلسلة من المآسي التي تحول البيوت إلى مقابر، والأحياء إلى ساحات للموت المحتمل. لا ينبغي أن تذهب أرواح الأبرياء هباءً، بل يجب أن تكون الدافع الأخير نحو بناء آليات حماية حقيقية تحفظ حياة المدنيين وتحول دون تحول منازلهم إلى قنابل موقوتة.

يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

قناة ليبيا 24

أضف تعليقـك

تسعة عشر + ثمانية =