حذّر عضو مجلس النواب، علي التكبالي، من هشاشة الوضع الأمني في طرابلس، مؤكداً أن ما يبدو كـ”هدنة” بين المجموعات المسلحة ليس إلا “إعادة تموضع وتقاسم نفوذ”، في ظل غياب اتفاق حقيقي لوقف إطلاق النار.
وأوضح التكبالي في حديث لقناة “ليبيا الحدث”، رصدتها “الساعة 24″، أن العاصمة تعيش على “صفيح ساخن”، وأن الهدوء الحالي لا يعكس استقراراً فعلياً، بل يعبر عن “هدنة هشة تخفي تحتها تحضيرات لحرب جديدة”، مبيناً أن تدخل جهاز مكافحة الإرهاب، وكذلك الوساطة التركية، ساعدا في تهدئة التوتر مؤقتاً، لكنّ “الطموحات السياسية المفرطة، والرغبة في التمسك بالسلطة، لا تزال تقوّض فرص التهدئة المستدامة”.
وقال عضو مجلس النواب، إن ما يحدث هو “مؤامرة مركّبة”، تقف وراءها أطراف داخلية وخارجية، محذراً من أن البلاد مهددة بالتفكك إذا استمرت الأوضاع بهذا الشكل، مبيناً أن الخاسر الوحيد في هذا المشهد هو الشعب الليبي.
وانتقد التكبالي، حكومة الوحدة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، واصفًا إياها بأنها “تتصرّف كميليشيا ترتدي عباءة الدولة”، مؤكداً أنها لا تملك شرعية حقيقية ولا أدوات للسيطرة على الأرض، وأضاف: من يسيطر فعليًا على الوزارات اليوم هي الميليشيات، لا توجد دولة، بل هناك جماعات مسلحة تفرض الأمر الواقع.
وتابع: الحكومة بدأت كميليشيا في عهد السراج واستمرت كذلك في عهد الدبيبة، بينما البرلمان يقف متفرجًا دون أي دور فاعل، واصفًا المشهد السياسي بـ “المختطف من قبل أمراء الحرب وأصحاب المصالح”.
ولفت التكبالي إلى أن حكومة الدبيبة تسعى لتفكيك الميليشيات المنافسة لها للانفراد بالسلطة، معتبرًا هذا المشروع “خبيث”، ويهدف لإخضاع مفاصل الدولة بالكامل، كما كشف عن تحركات أمنية وعسكرية خطيرة، مشيرًا إلى أن محمود حمزة، أحد قادة الميليشيات في طرابلس، سافر إلى سوريا في وقت سابق بصفته مبعوثًا لطرف ليبي، والتقى بشار الأسد “لترتيب جلب مرتزقة للمشاركة في عمليات عسكرية مرتقبة”.
في السياق نفسه، حمّل التكبالي حكومة الدبيبة مسؤولية إفشال أي جهود دولية لتسوية الأزمة، مضيفًا بأن الدبيبة أقيل من البرلمان لكنه رفض المغادرة، ويعرقل جهود الأمم المتحدة لأنه يخشى فتح ملفات الفساد والاغتيالات خلال فترة حكمه.
واعتبر التكبالي أن دعوات الحوار “فشلت آلاف المرات”، قائلاً: “التاريخ يقول إننا لا نستطيع الجلوس معًا كليبيين لحل مشكلتنا، والميليشيات تعمل للتكتل ضد أي مبادرة داخلية، ولهذا لا أؤمن بالحل من الداخل”، وأوضح أن الأزمة تتجاوز النزاعات المحلية، مشددًا على ضرورة تدخل فعّال من الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا، لإعادة التوازن وفرض حل سياسي حقيقي.
وبين التكبالي أن أمريكا وبريطانيا مسؤولتان عما حدث عام 2011، وعليهما أن تتحركا مجددًا لإنقاذ ليبيا، كما دعا إلى توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، معتبراً أن الجيش الوطني هو الأداة الوحيدة القادرة على إنهاء سطوة الميليشيات، مشيراً إلى أن الضباط في طرابلس لا يملكون حرية الحركة بسبب هيمنة الجماعات المسلحة.
وأكد التكبالي، أن خارطة الطريق التي طرحتها البعثة الأممية تعاني من خلل جوهري في آليات التنفيذ، واصفًا إياها بأنها تكرار للأخطاء السابقة، ومحاولة لإعادة تدوير نفس الوجوه السياسية الفاشلة، مشدداً على أن البعثة الأممية تفتقر إلى القوة، وأنها تسعى للمساواة بين أطراف غير متساوية، ما يجعلها غير قادرة على فرض حلول حقيقية.
ووصف النائب البرلماني، الحديث عن الانتخابات والدستور في الوقت الراهن بأنه “مجرد وهم”، مؤكدًا أن الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق في غياب الأمن والاستقرار، منوهاً إلى أن البلاد تعيش في ظل منظومة سياسية فاسدة، ولا معنى لإجراء انتخابات في ظل هذا الواقع المضطرب، وأن أي عملية انتخابية الآن ستكون عبثية، ولن تُنتج سوى مزيد من الفوضى والانقسام.
وختم التكبالي حديثه بالقول إن ليبيا اليوم رهينة مجموعة من اللصوص والميليشيات، ولن يكون هناك حل إلا بإرادة دولية حازمة، تفرض خروج هؤلاء من المشهد السياسي، وتدعم مرحلة انتقالية حقيقية قائمة على الأمن أولاً، ثم السياسة.