ليبيا الان

إسماعيل: الوقت ينفذ ومجلسا النواب والدولة مهددان بفقدان زمام المبادرة

مصدر الخبر / صحيفة الساعة 24

أكد المحلل السياسي السنوسي إسماعيل أن الاجتماع المعلن بين لجنتي مجلس النواب والأعلى للدولة يأتي في سياق مختلف عن الاجتماعات السابقة، موضحاً أن التركيز هذه المرة ينصب على ملف المفوضية العليا للانتخابات واستكمال مجلسها، بل وربما النظر في اختيار رئيس جديد لها.

وأشار إلى أن المجلسين سبق أن توافقا على تفعيل المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي، والمتعلقة باختيار رؤساء وأعضاء المؤسسات السيادية، وذلك عبر ما عُرف باتفاق بوزنيقة 2، غير أن هذا الاتفاق لم يُفعّل عملياً وبقي حبراً على ورق.

وبيّن إسماعيل أن باب الترشيحات فُتح في السابق، وترشح العديد من الأسماء وفقاً للتوزيع الجغرافي المنصوص عليه في اتفاق بوزنيقة، إلا أن العملية لم تستكمل. لافتاً إلى أن المطلوب حالياً من المجلسين وفق خارطة الطريق الأممية هو استكمال مجلس المفوضية العليا للانتخابات فقط، دون الحديث عن بقية المؤسسات السيادية مثل مصرف ليبيا المركزي أو هيئة الرقابة أو هيئة مكافحة الفساد.

واعتبر أن الاجتماع الحالي جاء على الأرجح بضغط من بعثة الأمم المتحدة للإسراع باستكمال تشكيل المفوضية، مؤكداً أن هذا الملف يمثل أحد البنود العاجلة لخارطة الطريق التي وضعتها البعثة الأممية.

وأضاف إسماعيل في حديثه لقناة “ليبيا الأحرار” والذي رصدته الساعة24، أن الاتفاق بين لجنتي مجلس النواب والدولة “سيقتصر على استكمال أعضاء مجلس المفوضية العليا للانتخابات”، مشيراً إلى أن ما يُتداول عن تغيير رئيس المفوضية أمر صعب التحقق في ظل رضا عام على استمرار الدكتور عماد السايح.

وأوضح أن الأمم المتحدة طلبت تحديداً استكمال عضوية المفوضية في المناطق التي يشهد تمثيلها نقصاً، وهو ما قد يشكل فرصة للتوافق، مبيناً أن موضوع باقي المؤسسات السيادية يحتاج إلى إعادة تفعيل اتفاق بوزنيقة الذي لم يُطبق حتى الآن.

ولفت إسماعيل إلى أن الحديث عن تفعيل المادة 15 أو إعادة توزيع المناصب السيادية غير مطروح في هذه المرحلة، وأن الأمر محصور في المفوضية، لكن المناكفات السياسية قد تدفع أحياناً لطرح ملفات أخرى بشكل جانبي.

وأكد أن المهلة الأممية البالغة شهرين مضى منها شهر كامل، ولم يتبق أمام المجلسين سوى شهر واحد، وهو ما يجعل الوقت غير كافٍ لفتح نقاش موسع حول المناصب السيادية الأخرى.

واستطرد قائلاً: إن استمرار التعطيل قد يفتح الباب أمام اللجوء إلى المادة 64 من الاتفاق السياسي وتشكيل فريق حوار بديل، وهو ما يعني فقدان المجلسين لزمام المبادرة.

وشدد في ختام حديثه على أن الأولوية الآن أمام المجلسين هي استكمال مجلس المفوضية العليا للانتخابات، وإجراء تعديلات عاجلة على القوانين الانتخابية باعتبارها المدخل الواقعي لإنجاز الاستحقاق الانتخابي.

وشدد السنوسي إسماعيل على أن نجاح مجلسي النواب والدولة في إعادة تشكيل مجلس المفوضية يشكل مطلباً أساسياً للبعثة الأممية، موضحاً أن الأمم المتحدة تنتظر من المجلسين هذه الخطوة كشرط للانتقال إلى مرحلة صياغة القوانين الانتخابية.

وبيّن أن إنجاز هذه الاستحقاقات سيمنح البعثة الأممية أرضية صلبة للمضي قدماً في مسارها، غير أن إخفاق المجلسين في تقديم القوانين أو استكمال المفوضية سيدفع البعثة إلى “السيناريو الآخر”، المتمثل في البحث عن بدائل تتجاوز المجلسين.

وأوضح أن هذا الاستحقاق لا ينبغي النظر إليه كخيار متعارض، قائلاً إن “المطلوب من المجلسين في نهاية المطاف هو المضي في هذه المهمة، وإذا لم يحدث ذلك فمن الطبيعي أن يتم اللجوء إلى خيارات أخرى”.

ولفت إلى أن الانتخابات البلدية في السابق أنجزت عبر المفوضية حتى دون استكمال مجلسها، ما يعني أن تعطيل هذا الملف لن يوقف المسار السياسي الأممي.

وأشار إلى أن أمام النواب والدولة، فرصة محدودة خلال هذا الشهر لإنجاز خطوات ملموسة، سواء عبر تعديل القوانين الانتخابية أو حتى النظر في تشكيل حكومة جديدة، مبرزاً أن “المجتمع الدولي قد يسهل مهمة المجلسين إذا توفرت إرادة حقيقية لديهما للمضي قدماً”.

كما نبه إسماعيل إلى أن المجلسين ما زالا يملكان أوراقاً أساسية في العملية السياسية، لكن أي تأخير إضافي سيقلص دورهما بشكل كبير.

وأوضح أن حالة عدم التوافق بين المجلسين تندرج ضمن ما وصفه الاتفاق السياسي بـ “الخرق الجسيم”، مشدداً على أن القوى المحلية والدولية لن تظل صابرة طويلاً على هذا الجمود، داعياً أعضاء المجلسين إلى استثمار ما تبقى من الوقت بعمل حقيقي وفعّال بعيداً عن المماطلة وكسب الوقت.

من جهة أخرى أكد السنوسي، أن المجتمع الدولي يمتلك القدرة على فرض ضمانات لنجاح العملية السياسية في ليبيا والمضي بها قدماً دون السماح بعرقلتها من أي طرف، لكنه أوضح في الوقت ذاته أن القدرة شيء والإرادة شيء آخر، متسائلاً عما إذا كانت هناك بالفعل إرادة حقيقية لدى الدول المؤثرة، سواء الإقليمية أو أعضاء مجلس الأمن أو تلك التي ترتبط بتاريخ طويل مع ليبيا.

وبيّن إسماعيل أن الأمم المتحدة أطلقت هذا المسار بعد مشاورات واسعة، مشدداً على أن الملف لا يقتصر على مجلسي النواب والدولة، بل يشمل أطرافاً أخرى جرى إشراكها في تلك المشاورات. ولفت إلى أن التساؤل الجوهري يتمثل في مدى تأثير هذه الأطراف وقدرتها على دفع العملية السياسية للأمام، أو ما إذا كان من مصلحتها تعطيلها.

وأوضح أن دور المجلسين محلياً هو دور محوري، باعتبارهما جزءاً أساسياً من المشهد، إلا أن هذا الدور ليس مفتوحاً بلا سقف، حيث إن استمرار حالة عدم التوافق قد يفتح الباب للجوء إلى المادة الرابعة وتشكيل فريق حوار بديل، بينما يظل التوافق بين المجلسين، إن تحقق، خياراً جيداً مدعوماً من القوى الفاعلة شرقاً وغرباً، سواء الجيش أو التشكيلات المسلحة، إلى جانب القوى الاجتماعية والأحزاب والمكونات والمرأة والفئات النشطة.

وأشار إسماعيل إلى أن الضغط الشعبي موجود بالفعل على المجلسين، عبر تعدد الجهات الداعية للانتخابات، معتبراً أن من يقلل من هذا الضغط يتجاهل حقيقة أن الرأي العام يشكل عاملاً مؤثراً في الدفع نحو استحقاق انتخابي. واستطرد قائلاً إن مبعوثة الأمم المتحدة هانا تيتيه لم تطرح شيئاً جديداً تماماً، غير أن مبادرتها لا يمكن اعتبارها مجرد تكرار لمحاولات سابقة أو مجرد إدارة للأزمة، لاسيما في ظل وجود بوادر واضحة لتوافق دولي على ضرورة تسريع المسار السياسي الليبي.

وأضاف أن هذا التوافق برز في الزيارات المتكررة لمسؤولين أمريكيين وأوروبيين وروس، إلى جانب الحضور الفاعل لدول إقليمية مثل تركيا ومصر. وبيّن أن تيتيه منذ البداية عملت على حشد هذا الدعم عبر وضع جميع الدول ذات النفوذ أمام مسؤولياتها، بما في ذلك تلك التي تملك قوات أو نفوذاً سياسياً داخل ليبيا.

ولفت إسماعيل إلى أن التدخل التركي الأخير لمنع احتمالية انفجار الأوضاع في طرابلس يعد مثالاً على تحمّل المسؤولية الدولية، حيث رأت أنقرة أن ترك العاصمة تغرق في الفوضى والعنف يعني التخلي عن الليبيين وعن استقرار البلاد. وختم بالتأكيد على أن المبعوثة الأممية نجحت في دفع الأطراف الدولية لتحمل أدوار ملموسة، ما يعزز فرص نجاح العملية السياسية إذا ما اقترن ذلك بإرادة محلية حقيقية.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة الساعة 24

عن مصدر الخبر

صحيفة الساعة 24