ليبيا الان

الأزمة الليبية… ملف محلي تحوّل إلى شأن دولي

مصدر الخبر / قناة ليبيا 24

ما تزال الأزمة الليبية تلقي بظلالها الثقيلة على المشهدين الإقليمي والدولي، وتُظهر تعقيداتها المتعددة أن ليبيا لم تعد ساحة لصراع داخلي فحسب، بل أصبحت ملفًا دوليًا تتنازعه القوى الكبرى. وقد فرض هذا الملف نفسه بقوة على جدول أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، دون أن يسفر عن نتائج ملموسة على صعيد الحل السياسي.

الأزمة الليبية… شأن دولي لا محلي

شارك في الاجتماع الخاص بليبيا عشر دول مؤثرة، من بينها: الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، تركيا، مصر، قطر، والسعودية. وهذا الحضور المكثف يُجسّد أن الأزمة لم تعد شأناً سياديًا بل صارت ورقة بيد اللاعبين الدوليين، تُدار قراراتها من خارج الحدود.

فبحسب رئيس حزب “صوت الشعب” الليبي، فتحي الشبلي، فإن الدول الكبرى مستفيدة من استمرار الفوضى، خاصة في ملفات النفط، والهجرة، والتوازنات الجيوسياسية. وذهب إلى أن “من مصلحة بعض الأطراف ألا تنجح الانتخابات خشية أن يأتي رئيس وطني يُعيد ترتيب المشهد بما لا يخدم مصالحهم”.

خارطة الطريق الأممية… دعم بلا تنفيذ

في 21 أغسطس الماضي،أعلنت المبعوثة الأممية “هانا تيتيه” عن خريطة طريق لحل الأزمة الليبية تضمنت ثلاث محاور رئيسية وهي إطار انتخابي فني وسياسي يفضي إلى انتخابات رئاسية وتشريعية وتوحيد المؤسسات السيادية والتنفيذية عبر تشكيل حكومة جديدة موحدة وإطلاق حوار وطني موسّع لمعالجة القضايا الجوهرية العالقة.

ورغم الترحيب الدولي بالخريطة، إلا أن تطبيقها على الأرض لم يتجاوز حدود المشاورات، في ظل غياب آلية إلزامية واضحة، وتعارض مصالح القوى الكبرى، وفشل البعثة الأممية في فرض خارطة زمنية ملزمة.

انحراف الأولويات الدولية

يرى المحلل السياسي عصام الزبير أن الولايات المتحدة لا تضع إجراء الانتخابات على رأس أولوياتها، بل تُركز على تشجيع الاستثمار في قطاع النفط والغاز وتوحيد المؤسسة الوطنية للنفط وضمان تحييدها سياسيًا.

هذا الانحراف عن جوهر الحل السياسي يعكس فجوة عميقة بين الشعارات الأممية حول “الديمقراطية” والممارسات الفعلية الهادفة إلى تأمين مصالح استراتيجية، لا استقرار ليبيا.

تفاقم الانفلات الأمني والهجرة

الوضع الأمني في ليبيا يشهد تدهورًا مستمرًا، خاصة على الحدود، حيث تنشط شبكات الهجرة غير النظامية، وسط اتهامات لكتائب مسلحة بإدارتها. وقد تحوّلت هذه الظاهرة إلى أداة ضغط تُستخدم داخليًا وخارجيًا، ما يُهدد الأمن القومي الليبي ويُعيق جهود بناء دولة مستقرة.

مؤسسات سيادية مختطفة

أصبحت المؤسسات السيادية – كديوان المحاسبة، والمؤسسة الوطنية للنفط، وصندوق الاستثمار السيادي – جزءًا من النزاع السياسي، بدلًا من كونها هيئات مستقلة. هذا التسييس يُضعف ثقة المواطن ويُعطّل مسار الإصلاح الإداري والسياسي.

إخفاق المبادرات الوطنية والدولية

رغم تأسيس لجان فنية وأمنية مثل لجنة (5+5) الأمنية لتوحيد الجيش ولجنة (6+6) القانونية لإعداد الإطار الانتخابي إلا أن هذه المبادرات فشلت في تحقيق أي اختراق، بسبب غياب التوافق على القوانين الانتخابية وتضارب المصالح الإقليمية والمحلية وضعف آليات التنفيذ والمتابعة الدولية.

: دور باهت للبعثة الأممية

تواجه البعثة الأممية في ليبيا انتقادات متزايدة، خصوصًا بعد تعطيل الانتخابات البلدية في الساحل الغربي دون توضيحات رسمية، ما أثار تساؤلات حول مصداقيتها وحيادها. ويُنظر إلى أدائها على أنه “غامض”، ويفتقر إلى الشفافية والفاعلية المطلوبة لتسهيل العملية السياسية.

لا حل بلا حكومة موحدة

يتفق معظم المحللين والمراقبين على أن الاستقرار في ليبيا يتطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية ذات شرعية داخلية وخارجية وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية وتهيئة بيئة آمنة لإجراء انتخابات شاملة.

ورغم الزخم الدولي، يؤكد الزبير وغيرهم من المتابعين أن الحل الحقيقي يجب أن يكون ليبيًا بامتياز. وهذا يتطلب إرادة وطنية صادقة تتجاوز الحسابات الضيقة وإنهاء الاعتماد على التدخلات الأجنبية و
مشروع وطني جامع يعيد بناء الدولة على أساس السيادة والشفافية.

تُعد الأزمة الليبية من أعقد الأزمات في المنطقة، نظرًا لتداخل أبعادها المحلية والإقليمية والدولية. ورغم الاهتمام الدولي الواسع، فإن غياب الإرادة الحقيقية للحل، وانقسام المؤسسات، وتضارب المصالح، كلها عوامل تُبقي ليبيا في دوامة عدم الاستقرار. ولن يكون هناك مخرج حقيقي من الأزمة إلا عبر نهج وطني مستقل يُعيد الاعتبار للسيادة، ويُبنى على أساس توافق شعبي صادق، وإدارة سياسية راشدة، ومؤسسات قوية وفعّالة.

يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

قناة ليبيا 24

أضف تعليقـك

11 − 10 =