ليبيا الان

الكبير: طرح ملف المناصب السيادية في هذه المرحلة غير صائب

مصدر الخبر / صحيفة الساعة 24

انتقد الكاتب الصحفي عبد الله الكبير أداء المجلس الرئاسي، واصفاً إياه بـ«المحدود والمفكك»، مؤكداً أن غياب الانسجام بين أعضائه حال دون قيامه بالمهام المنوطة به وفق الاتفاق السياسي.

وقال الكبير، في تصريحات لقناة «ليبيا الأحرار»، رصدتها «الساعة 24»: “الرئاسي لم يتمكن حتى من أداء دوره المحدود، والانقسامات الداخلية بين أعضائه تعيق اتخاذ مواقف موحدة، حيث كثيراً ما يصدر أحد الأعضاء بياناً يتنصل منه عضو آخر، وهو ما يعكس ضعفاً مؤسسياً واضحاً بحسب الكبير”.

وحول المبادرة السياسية التي طرحها رئيس المجلس محمد المنفي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، رأى الكبير أن توقيت طرحها لم يكن مناسباً، ومضمونها يفتقر إلى الواقعية، خصوصاً في ما يتعلق بإخراج القوات الأجنبية وتوحيد المؤسسات.

وبينّ الكبير إن الدعوات إلى إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا تكررت في العديد من البيانات والاتفاقيات السابقة، دون وجود آلية تنفيذية واضحة، متسائلاً: “هل يمتلك المنفي أو مجلسه الرئاسي أدوات لتنفيذ هذا البند؟ “.

واعتبر الكبير الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني جامع، ضمن ما طرحه المنفي، يمثل النقطة الإيجابية الوحيدة في خطابه، مؤكداً أن البلاد بحاجة ماسة إلى ملتقى وطني شامل لا يقصي أحداً، يضم شخصيات سياسية وعسكرية من مختلف الأطراف، لتقرير مصير الدولة ووضع ميثاق للتعايش والسلم الوطني.

وأشار إلى أن آخر محاولة لعقد مثل هذا المؤتمر كانت في العام 2019 برعاية الأمم المتحدة، إلا أنها أُجهضت بسبب الحرب في طرابلس. وبيّن الكبير أن هذا الملتقى يجب ألا يكون هدفه تقاسم السلطة أو تشكيل حكومة تنفيذية جديدة، بل السعي إلى صياغة مشروع وطني موحد يفضي إلى إنهاء المرحلة الانتقالية.

وأضاف الكاتب الصحفي أن إعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات باتت خطوة وشيكة بعد التقارب الملحوظ بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، لكنه حذّر في المقابل من عودة منهج المحاصصة في توزيع المناصب، والذي قد ينعكس سلباً على باقي الملفات، خاصة ملف المناصب السيادية.

وذكر الكبير أن البعثة الأممية تؤيد تشكيل مجلس إدارة متكامل للمفوضية، يخلو من أية طعون أو دعاوى قضائية، في إشارة إلى ما يُثار بشأن وجود دعوى قانونية ضد رئيس المفوضية الحالي عماد السايح. مؤكداً أن البعثة تسعى إلى وجود هيئة انتخابية “لا خلاف حولها”، قادرة على مباشرة مهامها دون عراقيل قانونية أو سياسية.

وأشار الكبير إلى أن البعثة لا تمانع في إعادة تشكيل المجلس بالكامل أو ملء المناصب الشاغرة، طالما أن الأمر يتم بتوافق بين المجلسين، وبما يضمن سلامة الإطار القانوني للمفوضية، مضيفاً أن هذا التوجه يشير إلى رغبة الأمم المتحدة في تجاوز حالة الجمود المؤسساتي التي تعرقل الاستحقاقات الانتخابية.

وحذّر الكبير من توسيع دائرة التغيير في بقية المناصب السيادية، مبيناً أن هذا التوجه سيعيد نظام المحاصصة إلى الواجهة، وقد يلجأ أحد الطرفين إلى المطالبة بتعويض في منصب سيادي آخر في حال لم يحصل على حصته الكاملة في المفوضية، ما يعكس مقاربة سياسية قائمة على تقاسم النفوذ بدل تحقيق توافق وطني حقيقي.

وتابع: طرح ملف المناصب السيادية في هذه المرحلة يُعد تحركاً غير صائب على الإطلاق، ويمثل التفافاً واضحاً على خارطة الطريق التي طرحتها البعثة الأممية، مشدداً على أن استئناف هذا المسار قد يعيد البلاد إلى دائرة المحاصصة والانقسام التي أعاقت العملية السياسية لسنوات.

ولفت الكبير إلى أن الحديث المتداول حالياً بين مجلسي النواب والدولة بشأن استئناف الحوار حول كافة المناصب السيادية، بما فيها تلك الخارجة عن نطاق المفوضية العليا للانتخابات، يتجاوز ما نصّت عليه خارطة الطريق الأممية، التي ركزت حصرياً على استكمال تشكيل مجلس إدارة المفوضية كخطوة عاجلة لتمهيد الطريق نحو الانتخابات.

وأضاف: عودة المجلسين إلى مناقشة الأسماء والملفات السابقة يوحي بأنهم ماضون في استئناف نفس الحوارات القديمة التي لم تُفضِ إلى أي نتائج، محذراً من أن استغلال هذه المرحلة لإعادة تقاسم النفوذ داخل المناصب السيادية لن يؤدي إلا إلى مزيد من العرقلة.

وتساءل ما إذا كان المجلسان مؤمنين فعلاً بخارطة الطريق التي طرحتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه، والتي تنتهي بانتخابات تفرز سلطة جديدة، فهل من الحكمة الدخول في معركة تقاسم المناصب الآن؟ ألا يمكنهم الانتظار عدة أشهر فقط حتى يتولى البرلمان القادم هذه المهمة بصورة أكثر شرعية وأقل انقساماً؟”

مؤكداً أن فتح ملف المناصب السيادية قد يؤدي إلى تقويض التوافق الحالي بشأن مفوضية الانتخابات، موضحاً أن “عقلية المحاصصة قد تدفع أحد الأطراف إلى الانسحاب أو الطعن في أي اتفاق إذا شعر بالغبن أو بعدم تحقيق مكاسب كافية، وبالتالي قد ينهار كل ما تحقق حتى الآن”.

وشدد على ضرورة التأكيد على أن الرهان الحقيقي يجب أن يكون على المسار البديل الذي تحضّر له البعثة الأممية، والمتمثل في ملتقى الحوار السياسي المهيكل، الذي يضم أطرافاً ليبية من خارج المجلسين، ويشكل بديلاً محتملاً في حال فشل البرلمان والمجلس الاستشاري في تنفيذ الاستحقاقات المطلوبة منهما.

وأضاف أن المعيار الأساسي لقياس جدية المجلسين لا يكمن فقط في تشكيل مجلس إدارة جديد، بل في معالجة القوانين الانتخابية، واصفاً هذا الملف بأنه “العقبة الرئيسية” التي لم تُحل منذ عام 2021، رغم التفاهمات المتكررة.

ورهن الكبير خروج ليبيا من أزمتها السياسية بإنهاء نهج المحاصصة واعتماد الكفاءة والنزاهة كمعايير أساسية لاختيار شاغلي المناصب السيادية، مشيراً إلى أن هذا التوجه هو السبيل الوحيد لبناء مؤسسات قادرة على النهوض بالبلاد.

وعبّر الكبير عن أمله في أن يرتقي “النواب والدولة” إلى مستوى المسؤولية الوطنية، ويباشرا إنجاز ما طلبته المبعوثة الأممية، وخاصة تشكيل مجلس إدارة جديد للمفوضية العليا للانتخابات، باعتبار ذلك خطوة مركزية في تنفيذ خارطة الطريق نحو الانتخابات.

وانتقد الكبير بشدة استمرار تعيين شخصيات غير مؤهلة في مواقع قيادية فقط بسبب علاقاتها أو انتماءاتها، مضيفاً: “من يملك ذرة من الخجل عليه أن يرفض تولي منصب لا يستحقه، لأن القبول به يحرم الكفاءات من أداء دورها في النهوض بالدولة.”

كما أوضح أن الخلل لا يكمن فقط في الأفراد، بل في العقلية السائدة لدى جزء كبير من النخبة السياسية، التي ما تزال تنظر إلى الدولة باعتبارها غنيمة.

وأختتم الكبير حديثه بالتأكيد على أن المشكلة بنيوية وليست عابرة، مضيفاً أن كثيراً من المناصب الحكومية والسيادية في ليبيا، حتى وإن شغلها أكفاء، فقد تم اختيارهم وفق تقسيم جهوي مسبق، وهو ما يؤكد ـ بحسب رأيه ـ أن التجربة الليبية حتى الآن ما زالت رهينة منطق الأقاليم والمحاصصة، لا منطق الدولة والمؤسسات.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة الساعة 24

عن مصدر الخبر

صحيفة الساعة 24

أضف تعليقـك

3 × 2 =