عقوبة كاف تعقد آمال التأهل الليبي: فرصة ضائعة أم تحدٍ جديد؟
أصدرت لجنة المسابقات في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) قراراً يعد صدمةً لمحبي كرة القدم الليبية، حيث أعلن الاتحاد خسارة ليبيا مباراتها أمام نيجيريا في تصفيات كأس أمم أفريقيا 2025، والتي كانت مقررة على أرضه خلال التوقف الدولي الأخير. ويأتي هذا القرار نتيجة نزاعات إدارية أثرت على تنظيم المباراة، ليجد المنتخب الليبي نفسه في موقع صعب، مع نقطة يتيمة تضعه في مؤخرة المجموعة، وهو ما يثير تساؤلات حول فرص التأهل المتبقية وسبل التغلب على هذا التحدي.
تعود أسباب العقوبة لاعتبارات تنظيمية، حيث أشار كاف إلى عدم التزام الاتحاد الليبي ببعض المتطلبات الضرورية لإقامة المباراة، مما اعتبره تقصيراً يستوجب العقوبة. هذه الإجراءات الصارمة أثرت بشكل مباشر على المنتخب الليبي، ليتم اعتباره خاسراً بالغياب، وتُخصم نقاط المواجهة لصالح المنتخب النيجيري. وفي ظل هذا القرار، يجد المنتخب الليبي نفسه في موقف يتطلب العمل على تحسين الأداء والاستفادة من كل فرصة متاحة في الجولات المتبقية للتصفيات.
رغم العقوبة، لم تُغلق الأبواب تماماً أمام ليبيا. فترتيب المجموعة الرابعة يظل معقداً، إذ تضم المجموعة فرقاً متقاربة المستوى، منها بنين ورواندا ونيجيريا، التي لم تؤكد تأهلها بعد بشكل نهائي. ورغم أن نيجيريا تتصدر المجموعة بفارق مريح، إلا أن التنافس يشتد في المراكز التالية، مما يترك الفرصة مفتوحة أمام ليبيا في حال تحقيق نتائج إيجابية في المباريات القادمة، خاصة إذا تعرض منافسوها لتعثرات محتملة.
لتأمين مكان في النهائيات الأفريقية، يحتاج المنتخب الليبي إلى الفوز في المباراتين المتبقيتين ضد رواندا وبنين. أولاً، ستخوض ليبيا مواجهة حاسمة ضد رواندا خارج الديار في الجولة الخامسة، حيث انتهت مباراة الذهاب بين الفريقين بالتعادل 1-1، ما يعكس تكافؤ القوى بينهما. ثم يأتي لقاء الجولة السادسة أمام بنين، الذي سيلعبه المنتخب الليبي على أرضه، في مواجهة مباشرة قد تشكل مفتاح التأهل، شريطة أن يتزامن ذلك مع نتائج تصب في صالح ليبيا في مباريات أخرى ضمن المجموعة.
الاعتماد على نتائج الآخرين يعد سلاحاً ذو حدين، إذ يحتاج منتخب ليبيا لأن يخسر بنين ورواندا في مواجهاتهما أمام نيجيريا، ما يجعل ليبيا قريبة من التأهل. وتزداد الآمال الليبية إذا نجحت نيجيريا، التي تملك لاعبين من الطراز العالمي، في تحقيق الفوز في المباراتين، مما يساهم في تجميد نقاط المنافسين على بطاقة التأهل الثانية. لكن، يبقى هذا السيناريو معقداً، خاصة مع احتمال أن يتخذ المنتخب النيجيري موقفاً أكثر حيادياً بعد ضمان تأهله، وهو ما قد لا يخدم مصالح المنتخب الليبي ويزيد من توتر محبي الكرة الليبية.
لم يقف الاتحاد الليبي مكتوف الأيدي، فقد أعلن عن نيته التقدم باستئناف لقرار كاف، سعياً لإعادة النظر في العقوبة أو على الأقل تقليص آثارها. وتأتي هذه الخطوة لرفع الروح المعنوية للمنتخب ودعم الجهود الرامية لاستعادة النقاط التي قد تسهم بشكل كبير في تحسين موقع ليبيا في المجموعة. وتعمل الجهات الرياضية الليبية مع شخصيات قانونية ورياضية مؤثرة لحشد التأييد وتقديم دفوع قوية أمام لجنة الاستئناف، في محاولة لتغيير مسار الأمور لصالح منتخب “فرسان المتوسط”.
عاش الشارع الرياضي الليبي حالة من الصدمة بعد صدور العقوبة، حيث تباينت الآراء بين من يرى القرار قاسياً وغير عادل، ومن يرى أن الأخطاء الإدارية المتكررة قد ألقت بظلالها على المنتخب. كما عبر كثير من عشاق المنتخب عن قلقهم من تأثير القرار على فرص ليبيا في التأهل، حيث ينتظر الجمهور بشغف مواجهة رواندا التي ستكون اختباراً حقيقياً لقدرة الفريق على تجاوز التحديات. وقد أكد بعض الخبراء الرياضيين أن هذه العقوبة تأتي نتيجة تقصيرات إدارية يمكن تلافيها في المستقبل، من أجل الحفاظ على حقوق المنتخب وتجنب تكرار مثل هذه العقوبات.
في ضوء هذه التحديات، سيخوض المنتخب الليبي المرحلة المقبلة بعزيمة مضاعفة، واضعاً نصب عينيه تحقيق الانتصارات المطلوبة والاستفادة من فرص تعثر المنافسين. ويعمل المدرب وطاقم الفريق على رفع مستوى اللاعبين من الناحية الفنية والبدنية، إضافة إلى تعزيز الجانب النفسي للتعامل مع الضغط المتزايد. كما تسعى الإدارة الرياضية لتوفير الدعم اللازم للفريق، سواء من حيث التجهيزات أو التحضيرات للمعسكرات التدريبية القادمة، لتأهيل الفريق للتعامل مع المواجهات الحاسمة.
بين الآمال المحبطة والتحديات المقبلة، يبقى أمام منتخب ليبيا فرصة ضئيلة لكنها قائمة للوصول إلى كأس أمم أفريقيا 2025. ويعتمد ذلك على سلسلة من الانتصارات المحققة وشروط محددة، ليُثبت الفريق قدرته على تجاوز الصعاب التي فرضتها العقوبات والأخطاء الإدارية. إن استمرارية الدعم الجماهيري وتكاتف الجهات الرياضية قد تصنع الفارق، وتعيد للمنتخب الليبي بريق الأمل في التأهل، ليبقى الشارع الرياضي في حالة من الترقب والتشجيع، على أمل تحقيق حلم طال انتظاره.