بصورة تعكس التحديات الجسيمة التي تعيشها الرياضة الليبية، أعلنت لجنة تنظيم الانتخابات التابعة للاتحاد الليبي لكرة القدم عن القائمة الوحيدة المرشحة لتولي إدارة شؤون كرة القدم الليبية. هذه القائمة، التي يرأسها عبد المولى عمر المغربي، تمثل الأمل الأخير لإعادة بناء كرة القدم الوطنية بعد سنوات من التراجع.
القائمة التي نُشرت عبر الحساب الرسمي للاتحاد على منصة “فيسبوك” يوم الاثنين، كانت بمثابة إعلان بداية حقبة جديدة، ليس فقط لأنها حظيت بدعم واسع من الأندية الليبية، بل لأنها الوحيدة المستوفية للشروط القانونية التي وضعتها الهيئة الكروية. ولعل أبرز ما يميز هذه القائمة هو تشكيلها المتنوع، الذي يجمع بين الخبرة والطموح، مع تمثيل نسائي متمثل في إيناس محمود محمد العوامي، التي تُعد أول امرأة تنضم إلى مجلس إدارة اتحاد الكرة الليبي.
تشير التقارير إلى أن القائمة الحالية أصبحت الخيار الوحيد بعد فشل القوائم الأخرى في تحقيق الشروط المطلوبة. ورغم ما يبدو كإجماع على هذه القائمة، فإن الطريق أمامها ليس مفروشًا بالورود. فقد نصّت القوانين على إمكانية الطعن ضد أي عضو في القائمة، شرط تقديم مبررات قانونية كافية. في هذا الإطار، أضاف عبد المولى المغربي قائمة احتياطية لضمان استقرار المجلس، تضم عبد الله بوزريبة، وصالح محمد الصالح، وفوزي المدني، إضافة إلى حنان سليمان الشوقي كممثلة نسائية أخرى.
تبدو هذه الخطوة حكيمة، إذ تعكس استعداد المغربي وفريقه لمواجهة أي اعتراضات قانونية قد تعترض طريقهم. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر الذي ينتظر هذا المجلس الجديد ليس في اجتياز مرحلة الانتخابات، بل في قدرته على معالجة الأزمات الكروية الراهنة، وأبرزها إقصاء المنتخب الليبي الأول من بطولة أمم أفريقيا 2025.
إن إعادة بناء كرة القدم الليبية ليست بالمهمة السهلة. السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا ملحوظًا في مستوى الكرة المحلية، مع تزايد المشكلات الإدارية والمالية التي تعصف بالاتحاد. تأتي قائمة المغربي وسط توقعات كبيرة من الأندية والجماهير، خاصةً مع إعلانها عن خطط شاملة لتحسين البنية التحتية الرياضية، وتطوير الفرق الوطنية، وتحقيق إنجازات ملموسة على المستوى القاري.
عبد المولى المغربي، الذي اشتهر بقدرته على إدارة الأزمات، يبدو مستعدًا لهذه التحديات. فقد صرح في لقاء صحفي: “نعي تمامًا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا، ونعمل على وضع خطط طموحة لإعادة الكرة الليبية إلى سابق مجدها.”
لا يمكن إغفال الدور الذي تلعبه إيناس العوامي في هذه القائمة. فهي ليست فقط المرأة الوحيدة التي تمثل الجنس النسائي في اتحاد الكرة، بل هي أيضًا رمز للخطوات المتقدمة التي يحاول الاتحاد تحقيقها نحو إشراك النساء في صناعة القرار الرياضي. العوامي علقت قائلة: “تمثيل المرأة في مثل هذه المناصب هو بداية جديدة تتيح للكرة الليبية التنوع والشمولية.”
حظيت القائمة بدعم واسع من أندية النخبة الليبية، التي ترى في فريق المغربي فرصة لإعادة بناء الاتحاد وفق أسس احترافية. هذا الدعم لم يكن وليد الصدفة، بل جاء بعد اجتماعات مكثفة بين الأندية وأعضاء القائمة، حيث تم الاتفاق على الخطوط العريضة للعمل المستقبلي.
ورغم هذه الثقة، تظل الجماهير في حالة ترقب، فالجميع يعلم أن الكلام وحده لا يكفي لإحداث التغيير. الجمهور الرياضي الليبي، الذي عانى طويلاً من سوء الإدارة وتدهور النتائج، ينتظر أفعالاً ملموسة تعيد له الأمل في رؤية منتخباته تنافس على الساحة الأفريقية والعالمية.
لا يمكن قراءة مشهد الانتخابات الحالية بمعزل عن السياق العام الذي تعيشه الرياضة الليبية. منذ سنوات، والكرة الليبية تعاني من صراعات داخلية أثرت على أداء المنتخبات الوطنية، وأدت إلى تراجع ترتيب البلاد في تصنيف الفيفا.
في هذا السياق، تأتي قائمة المغربي كمحاولة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ومع إعلان النتائج النهائية للانتخابات قريبًا، سيكون الجميع على موعد مع فصل جديد في تاريخ الكرة الليبية. هل تنجح القيادة الجديدة في الوفاء بتعهداتها؟ وهل تستطيع مواجهة التحديات التي تنتظرها؟
إن رئاسة عبد المولى المغربي لاتحاد الكرة الليبي ليست مجرد مهمة إدارية، بل هي مسؤولية وطنية تتطلب رؤية واضحة وشجاعة في اتخاذ القرارات. وبينما يُنظر إلى هذه القائمة كفرصة أخيرة لإعادة بناء الاتحاد، فإن النجاح لن يتحقق إلا بالتزام الجميع، بدءًا من أعضاء المجلس، وصولاً إلى الأندية والجماهير.
ومع الأمل الذي يبعثه هذا التحرك الجديد، يبقى السؤال: هل يستطيع عبد المولى المغربي وفريقه كتابة تاريخ جديد لكرة القدم الليبية؟ أم أن التحديات ستكون أكبر من الطموحات؟ الأيام القادمة ستكشف الإجابة.