من ضعفٍ تدريجي في العضلات إلى موت بطيء يُدفن فيه الأطفال قبل أن يعيشوا طفولتهم، هكذا تبدأ رحلة ضمور العضلات، مرض جيني يحوّل أجساد الأبرياء إلى هياكل واهنة، بينما يحوّل صمت الدولة إلى شريك في الجريمة.
في ليبيا، كان يُقال إن المرض نادر، لكن الندرة لم تمنع توسّعه، بل منعت التشخيص والعلاج لغياب الخبرة والمراكز المتخصصة، ومع كل صرخة ألم، كانت المؤسسات الصحية تُسدّ آذانها، لتترك الأسر وحيدة في مواجهة مرض ينهش عظام فلذات أكبادها.
أموال تُهدر وحقوق تُغتصب
بحسب رابطة ضمور العضلات فإنه ولمدة سبع سنوات دون إعانة من صندوق التضامن الاجتماعي، رغم أن القانون نصّ عليها، ورغم أن الإعانة المتراكمة لكل حالة تجاوزت 45 ألف دينار.
سبع سنوات من الإهمال، بينما الصندوق يصرف في ثمانية أشهر فقط أكثر من 1.8 مليار دينار! فأي تضامن هذا، وأي صندوق ذاك الذي يبخل بكرسي متحرك على طفل يحتضر، بينما ينفق المليارات في أبواب غامضة؟
هذا عدا قيام صندوق التضامن الاجتماعي بصرف مرتبات أغسطس في منتصف سبتمبر رافضاً العمل بمنظومة “راتبك لحظي” والتي تضمن صرف المرتبات فورياً !!
ما دور رئيس جهاز الخدمات العلاجية!
وفي وقت سابق، تساءلت رابطة المرضى: لماذا لا يخرج رئيس جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية ويوضح للرأي العام حقيقة عدم إيفاد 29 طفلاً مصاباً بمرض ضمور العضلات الشوكي (SMA) إلى دولة الإمارات لتلقي الحقنة الجينية “زولجنسما”؟ ومن هو المُعرقل الحقيقي؟ هل هي الحكومة التي تتجاهل صرخات الأهالي، أم جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية الذي يُماطل في تنفيذ وعوده؟ كل يوم يمر بلا علاج = حياة تُزهق وطفولة تُدفن قبل أن تعيش.
وقالت الرابطة: نحن لا نطلب المستحيل، بل نُطالب بحق أساسي في العلاج والشفافية، ونطالب رئيس الجهاز بالخروج أمام الشعب والإجابة بوضوح: من يمنع علاج أبنائنا؟ ولماذا؟
وعود حكومية.. وواقع مُخزٍ
وبحسب الرابطة فإن وزيرة الشؤون الاجتماعية تزعم أن ذوي الإعاقة يعيشون “في رفاهية”، ورئيس صندوق التضامن يردد أن الدبيبة “داعم لذوي الإعاقة”! لكن أي رفاهية هذه حين يخرج المرضى للشوارع مطالبين بحبة دواء وكرسي متحرك؟ هل الرفاهية هي معاش 650 دينار لا يكفي حتى لعلاج أسبوع؟ أم هي الإعانة المنزلية المتوقفة منذ سنوات؟
مشاهد مخزية
من أمام رئاسة الوزراء، جلس المرضى على كراسٍ متحركة منهكة تحت حرّ الشمس، من العاشرة صباحًا حتى السابعة مساءً، وبحسب الرابطة فقد مرّ موكب “الدبيبة” المصفّح أمامهم، لم يتوقف، لم ينظر حتى بعينيه، كأنهم أشباح، في لحظة واحدة، تحوّل الأمل إلى خيبة، والإيمان إلى سؤال: أيُّ وطن هذا الذي يرى أبناءه يتعذّبون ولا يمدّ لهم يدًا؟
دماء على أعتاب الحكومة
160 حالة وفاة خلال خمس سنوات بسبب الإهمال، 160 روحًا أزهقها عجز الدولة وفساد مؤسساتها، ومع ذلك، ما زالت الحقنة الجينية “زولجنسما” حبيسة المماطلة، وما زال 29 طفلاً يُنتظرون الإيفاد إلى الإمارات، كل يوم يمر بلا علاج، هو جريمة جديدة، جريمة موت طفل بريء.
صرخة لا رجوع عنها
بعد 19 وقفة احتجاجية ووعود كاذبة، أعلنت رابطة مرضى ضمور العضلات أنها تُمهل حكومة الوحدة الوطنية أسبوعًا فقط لحل الملف، وإلا فالتصعيد السلمي قادم، والدبيبة سيتحمل كامل المسؤولية أمام الله، أمام الشعب، وأمام التاريخ.
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا