قال مصطفى الزائدي، رئيس حزب الحركة الشعبية، إن عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات اتسمت بالكفاح للتخلص من بقايا الجيوش الاستعمارية التي كانت تحتل أراضيها، فتبنت حركات التحرر الوطني في كل دول الجنوب المُستَعمَر مطالب الشعوب بجلاء القوات العسكرية الأجنبية.
أضاف في مقال له، “في ليبيا كان الاستعمار الإيطالي حالة مختلفة، تصور أن ليبيا بلاد شاسعة وقاحلة بعدد قليل من السكان يمكن أن تكون أرضًا إضافية للدولة الإيطالية المحدودة جغرافيًّا، ونمت هذه الفكرة الشيطانية وأخذت طريقها إلى التطبيق بعد صعود الفاشية إلى الحكم في إيطاليا التي استخدمت أبشع وسائل القمع لتحقيق تلك الفكرة المجنونة وضم ليبيا ليس كمستعمرة بل كجزء إضافي لإيطاليا تمامًا أو أسوة بما كانت قد فعلته فرنسا بالجزائر، واعتبرت ليبيا الشاطئ الرابع لإيطاليا، وهجِّر اللبيبون قسرًا من بلادهم، ونقل عشرات آلاف المستوطنين الإيطاليين خاصة من جزيرة صقلية، إلى ليبيا حيث أنشأت السلطة العسكرية الإيطالية بها مجموعة مستوطنات وبنت أحياء سكنية في طرابلس وبنغازي بطراز مشابه تمامًا للمدن الإيطالية لاستيعاب المستوطنين. بعد الحرب العالمية الثانية جاءت قوات عسكرية من المتحاربين جميعًا وأقامت معسكرات لها في ليبيا، ومنها القوات الألمانية إلى جنب القوات الإيطالية، ومن المعلوم أن جزءًا مهمًّا من معارك الحرب الثانية جرت على الأراضي الليبية، ونجح الإنجليز بعد معارك متعددة طيلة عامين على الأراضي الليبية في طرد القوات الألمانية والإيطالية، وأنشأوا معسكرات وقواعد جوية وبحرية إنجليزية بها”.
وتابع قائلًا “التغيير بعد 17 فبراير 2011 مكَّن المستعمر الغربي من العودة إلى السيطرة على ليبيا، وفرضت على السلطات الوهمية الجديدة التي نصبتها الدول الوصية على ليبيا سياسة إهمال الإجلاء وعدم إحياء ذكراه، بذريعة أنه من أعمال النظام السابق، وكذلك فرض عليهم قبول التواجد العسكري الأجنبي بحجة التأمين والحماية، وهكذا رجعت القوات الأجنبية من الباب الذي كانت قد طردت منه في السبعينيات إلى ليبيا محمية من السلطات الشكلية التي نصبت فيها، وأعادت احتلال قاعدة معيتيقة وقاعدة عقبة بن نافع وغيرها من القواعد الإستراتيجية”.
واختتم قائلًا “على المعارضين للتواجد العسكري الأجنبي في ليبيا، إن كانوا صادقين فيما يقولون، أن يحيوا أولًا معارك الجهاد ضد الإيطاليين، وثانيًا أن يحتفلوا بإجلاء القوات الأجنبية منه، لأن ذلك يساهم في رفع الروح الوطنية وتعزيز الانتماء لفكرة التحرر والاستقلال. النخبة الوطنية مدعوة لتضع ضمن أولوياتها السياسية ذلك المطلب الهام، مع علمي بأن ذلك ليس بالأمر السهل، لكن الأمور الصعبة تحتاج دائمًا إلى تضحيات جمة”.