أخبار ليبيا 24
ما كان لـ “محمد صالح جبريل” حول ولا قوة إلا النظر مصدومًا شاردًا من أعلى نقطه في سكنه لموجة الفيضان المحملة بالطمي الناجمة عن انهيار السدين وسط مدينة درنة وهي تجرف جميع المباني التي كانت من حوله والأشخاص الذين كانوا عند طرفي الوادي.
جبريل هو أحد سكان شارع الفنار وسط درنة وأحد أفراد عائلة “الحصادي” التي ابتلع غالبيتها في مشهد مأساوي ذلك الطوفان المميت.
وفي تفاصيل هذه الرواية المأساوية يتحدث “جبريل” في (الجزء الأول) لـ “أخبار ليبيا 24” وفي خلجات صدره شعور مؤلم عن تلك المأساة التي حلّت بمدينته درنة عند الساعة الثلاثة من فجر يوم 11 سبتمبر 2023.
يقول “جبريل” وهو يصف بداية المشهد المأساوي: “كنت نائما واستيقظت فجأة على صوت المطر الغزير وصحيات من كانوا خارج المنزل.. فقزت مسرعا من السرير واتجهت للنظر من الشباك المطل على شارع الفنار.. الأمطار كانت غزيرة بشدة.. والضوضاء كانت أشد ما اضطرني للصعود فوق سطح المنزل لتقصي الأحوال”.
يضيف “جبريل”: “عند صعودي إلى سطح المنزل شاهدت تلك الموجة المدمرة قادمة من مخرج الوادي.. كان جيراني في تلك اللحظة في معاناة شديدة مع المنسوب الأول للمياه”.
ويقول: “المشهد كان مرعبا ومن الصعب وصفه.. صعب وصف كيف كانت تلك اللحظات”.
“المياه كان منسوبها مرتفع يصل إلى نحو 9 أمتار .. حينما وصلت إلى سطح منزلي اضطررت للصعود أكثر إلى مطلع الدرج.. ومن ثم تسلقت إلى منزل جاري الذي كان أعلى من منزلي”. يضيف “جبريل”.
في هذه الأثناء يحاول “جبريل” وصف ما عاناه في تلك اللحظات العصيبة، لكن ذلك لم يكن بالسهولة الممكنة. يقول: “إنها لحظات وموقف لا يحسد عليه.. كل من كان حولي من أقاربي وجيراني وإخوتي اختفى.. لقد ابتلعتهم تلك الموجة”.
يواصل “جبريل” حديثه المأساوي لـ “أخبار ليبيا 24“: “بقيت فوق مطلع السلم وأنا أنظر للجميع في الشارع وهم يختفون من حولي.. بعد انحسار المياه وتوقف الأمطار نزلت مسرعا.. ولحظة نزولي للشارع رأيت مشاهد مرعبة يصعب وصفها.. كنت مصدوما.. الجثث من حولي.. عائلتي من هم جيراني وأصدقاء طفولتي قُضى معظمهم ودفنوا تحت الطمي”.
يقول “جبريل”: “كان المنظر مفزعا.. بعض الجثث كانت فوق الطمي وبعضها الآخر تحت الطمي”.
يضيف “جبريل”: “هرعت إلى منزل أخي الذي يبعد عن منزلي بنحو 1500 متر.. كان الوصول إلى هناك غاية في الصعوبة.. وبشق الأنفس وصلت إلى هناك، كنت أمني النفس بأن يكون أخي وأسرته أحياء.. لكن للأسف فارقوا الحياة جميعًا”.