أخبار ليبيا 24
بينما تتجه العديد من الدول نحو التخلي عن نظام الكفيل، أقدمت حكومة الدبيبة منتهية الولاية على خطوة معاكسة بإعلان وزير العمل، علي العابد، عن اعتماد نظام “الكفيل الخاص” لتقنين العمالة الأجنبية في البلاد. هذا النظام الذي نص عليه القانون رقم 24 لسنة 2023 يهدف إلى مكافحة توطين الأجانب في ليبيا، لكنه أثار مخاوف واسعة بين العمالة الأجنبية، خصوصًا التونسية.
مخاوف العمالة التونسية في ليبيا بعد اعتماد نظام الكفيل الخاص
في ظل المنافسة الشديدة على سوق العمل في ليبيا، يتخوف العمال التونسيون من فرض قيود جديدة قد تقيد حركتهم وتقلل من فرصهم. سفيان العمدوني، العامل التونسي في قطاع ميكانيك الدراجات النارية، يعبر عن قلقه من التغيرات القادمة، خصوصًا وأنه يعمل في ليبيا منذ أكثر من 18 شهرًا بدون عقد عمل رسمي. التجربة الجديدة قد تجبره على تقديم شهادات تدريب رسمية، وهو ما لم يكن مطلوبًا منه سابقًا.
نظام الكفيل.. ضمانة لحقوق العمالة أم عقبة جديدة في سوق العمل الليبي؟
تؤكد السلطات الليبية أن نظام الكفيل يهدف إلى تحميل الشركات وأصحاب العمل الليبيين مسؤولية تضامنية مع الدولة عن سلامة الأجانب العاملين في البلاد. وزير العمل الليبي أوضح أن الوضع الخاص لليبيا بسبب مشكلات الهجرة غير النظامية يجعل من الضروري تنظيم العمالة الأجنبية عبر نظام يكفل حقوقهم وسلامتهم القانونية والصحية.
ردود الأفعال التونسية
عبد الحفيظ السكروفي، رئيس المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين الليبيين، يرى في النظام الجديد ضمانًا حقيقيًا لحقوق العمال التونسيين في ليبيا، حيث يجبر المشغلين على إبرام عقود عمل رسمية، ما يتيح للعامل الحصول على حقوقه الاجتماعية كاملة. ومع ذلك، تظل هناك مخاوف من تأثيرات هذا النظام على حرية حركة العمالة وإمكانية التوظيف في ظل الشروط الجديدة.
تأثيرات اقتصادية واجتماعية
من المتوقع أن يؤدي تطبيق نظام الكفيل إلى تنظيم أكبر لسوق العمل الليبي، لكن هذا التنظيم قد يحمل تأثيرات سلبية على العمالة الأجنبية التي تعتمد على التنقل بين الوظائف بسهولة. القطاعات الخاصة والحكومية ستكون مطالبة بتوقيع عقود رسمية تضمن حقوق العمال، وهو ما قد يكون تحديًا لبعض الشركات التي كانت تعتمد على العمالة غير الرسمية.
تجربة تونسية في ليبيا
تجربة العمالة التونسية في ليبيا ليست جديدة، فقد كانت ليبيا دائمًا وجهة رئيسية للعمالة التونسية، خصوصًا في قطاعي البناء والخدمات الفندقية. إلا أن الثورة الليبية عام 2011 أثرت بشكل كبير على أوضاع العمالة التونسية، حيث عاد العديد منهم إلى تونس بجيوب خاوية وحقوق مهدورة. واليوم، مع نظام الكفيل الجديد، يبقى التساؤل حول مدى قدرة الحكومة الليبية على ضمان حقوق هذه العمالة في ظل الظروف الحالية.
تطبيق نظام الكفيل في ليبيا.. تنظيم سوق العمل أم تقويض حقوق العمالة الأجنبية؟
إن نظام الكفيل يمثل تحديًا وفرصة في نفس الوقت. فمن جهة، قد يسهم في تنظيم سوق العمل وضمان حقوق العمال، ومن جهة أخرى، قد يقيد حركتهم ويجعل من الصعب عليهم التنقل بين الوظائف بسهولة. يبقى الأمل معقودًا على تطبيق نظام عادل يوازن بين حقوق العمال وحاجة البلاد إلى تنظيم سوق العمل بطريقة تضمن استقراره وفعاليته.
النظرة المستقبلية
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها ليبيا وتونس على حد سواء، يبقى التعاون بين البلدين أمرًا حيويًا لضمان حقوق العمالة وتوفير فرص عمل تتناسب مع المؤهلات والكفاءات المتاحة. إن نظام الكفيل يمكن أن يكون خطوة إيجابية نحو تنظيم سوق العمل الليبي إذا تم تطبيقه بشكل عادل وشفاف، يضمن حقوق العمالة الأجنبية ويعزز من كفاءة الاقتصاد الليبي.
بينما تتجه ليبيا نحو تطبيق نظام الكفيل لتنظيم العمالة الأجنبية، تظل المخاوف قائمة بين العمالة التونسية من تأثيرات هذا النظام على حركتهم وحقوقهم. يبقى الأمل في تطبيق عادل وشفاف لهذا النظام يوازن بين حقوق العمال وحاجة البلاد إلى تنظيم سوق العمل. في النهاية، النجاح في تطبيق هذا النظام سيعتمد بشكل كبير على قدرة السلطات الليبية على تحقيق التوازن المطلوب بين التنظيم والمرونة في سوق العمل.