أخبار ليبيا 24
في خطوة غير متوقعة لكنها تعكس واقعاً مؤلماً، أعلن مدير عام المركز الوطني للامتحانات، السيد أحمد مسعود، استقالته من منصبه خلال مؤتمر صحفي عقدته وزارة التربية والتعليم بحكومة الدبيبة المنتهية الولاية. جاء هذا الإعلان على هامش إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2023 – 2024، حيث كشف مسعود عن الأسباب الكامنة وراء قراره الجريء.
-
استقالة مدير المركز الوطني للامتحانات بسبب تفشي ظاهرة الغش
لم يكن قرار الاستقالة نابعاً من فراغ، بل كان نتيجة لتفشي ظاهرة الغش في لجان الامتحانات لهذا العام، وهي ظاهرة لم تعد مقتصرة على بعض الطلاب بل أصبحت برعاية بعض المعلمين والمشرفين على اللجان. وقال مسعود للصحفيين: “قدمت استقالتي من منصبي لانتشار الغش في لجان الامتحانات، وللأسف في ليبيا الغش برعاية المعلمين والمعلمات ومشرفي اللجان”.
أعرب مسعود عن أسفه لأن بعض المناطق بلغت فيها نسبة النجاح 95 و99%، وهي نسب غير معقولة ومشكوك في صحتها. وفي بعض المناطق، كان هناك طالب واحد فقط راسب، وذلك لعدم حضوره الامتحانات. هذا الوضع دفع مسعود لانتقاد نسب النجاح المرتفعة بشكل لافت في العديد من البلديات، مما يعكس خللاً واضحاً في منظومة الامتحانات والتقييم.
-
مسعود: الغش برعاية المعلمين والمشرفين في لجان الامتحانات
تفشي ظاهرة الغش يعكس العديد من المشاكل الجوهرية في النظام التعليمي في ليبيا. بدايةً، هناك نقص في الرقابة والإشراف الفعال على سير الامتحانات. فوجود المعلمين والمشرفين الذين يشجعون أو يغضون الطرف عن الغش يعكس نقصاً في النزاهة والالتزام الأخلاقي. كما أن هذه الظاهرة تعكس ضعفاً في تطبيق العقوبات الرادعة على من يثبت تورطهم في مثل هذه الممارسات.
علاوة على ذلك، فإن نسب النجاح المرتفعة بشكل غير طبيعي تعكس مشكلة أخرى تتعلق بمستوى التعليم وجودته. فالنجاح بنسبة 95 و99% في بعض المناطق يشير إلى أن الامتحانات قد تكون سهلة للغاية أو أن هناك تلاعباً في نتائجها. وفي كلتا الحالتين، فإن ذلك يعني أن الطلاب لا يتلقون التعليم الذي يستحقونه والذي يؤهلهم لمواجهة التحديات المستقبلية سواء في التعليم العالي أو في سوق العمل.
-
تعليم الدبيبة تعتمد نتائج الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح عامة 60.38%
إن استقالة مسعود، رغم أنها تسلط الضوء على مشكلة الغش، إلا أنها قد تكون بداية لحل هذه المشكلة إذا ما تم التعامل معها بجدية. فعلى وزارة التربية والتعليم أن تتخذ خطوات جادة لإصلاح النظام التعليمي وضمان نزاهة الامتحانات. يجب تعزيز الرقابة والإشراف على الامتحانات وتطبيق عقوبات صارمة على كل من يثبت تورطه في الغش، سواء كان طالباً أو معلماً أو مشرفاً.
كما ينبغي العمل على رفع مستوى التعليم وتحسين جودة الامتحانات بحيث تكون معبرة بحق عن مستوى التحصيل العلمي للطلاب. فالهدف من الامتحانات ليس فقط تقييم الطلاب ولكن أيضاً تحسين العملية التعليمية ككل.
وفي الختام، يمكن القول إن استقالة أحمد مسعود هي خطوة شجاعة تعكس التزامه بالنزاهة والشفافية. ومع ذلك، فإنها يجب أن تكون نقطة انطلاق لإصلاح شامل في نظام التعليم في ليبيا. إذا لم يتم التعامل مع مشكلة الغش بجدية، فإن نظام التعليم برمته سيكون مهدداً بفقدان مصداقيته، مما سيؤثر سلباً على مستقبل الأجيال القادمة.
ربما تكون هذه الأزمة فرصة لإعادة النظر في منظومة التعليم وتطويرها بما يتناسب مع متطلبات العصر ويحقق الأهداف المرجوة منها. إن النزاهة والشفافية في التعليم هما الأساس لبناء مجتمع قوي وقادر على مواجهة التحديات، ويجب أن تكونا في صميم كل جهود الإصلاح التعليمي في ليبيا.