ليبيا الان

كارثة إنسانية وصحية في الكفرة.. 65 ألف لاجئ سوداني يواجهون مصيرًا مجهولاً

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في قلب الصحراء الليبية القاسية، تعيش مدينة الكفرة واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدًا في تاريخها. مع تزايد أعداد اللاجئين السودانيين الفارين من جحيم الحرب في السودان، يجد أهل الكفرة أنفسهم في مواجهة تحديات صحية واجتماعية هائلة تفوق إمكانياتهم المحدودة.

منذ بداية العام الجاري، تدفقت موجات من اللاجئين السودانيين على مدينة الكفرة، حاملين معهم قصصًا مروعة من البؤس والمعاناة. عبدالله سليمان، مدير المكتب الإعلامي ببلدية الكفرة، يوضح أن “40 ألف لاجئ سوداني لم يتلقوا أي مساعدات غذائية دولية منذ شهري يناير وفبراير الماضيين”. وأضاف سليمان في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24”، أن السلطات المحلية في الكفرة تفتقر إلى الموارد اللازمة لتقديم معونات كبيرة لهؤلاء اللاجئين، مما يزيد من تفاقم الأزمة.

تبدو الصورة أكثر قتامة عندما نتحدث عن الوعود الدولية. نائب الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا قدمت تعهدات للمجلس البلدي في الكفرة بتقديم الدعم لكل القطاعات، خاصة الصحة، لمواجهة التحديات التي يفرضها وجود أعداد كبيرة من النازحين. ورغم هذه الوعود، لا يزال اللاجئون السودانيون يقطنون في أكثر من 50 تجمعًا سكنيًا حول المدينة، في ظروف لا تليق بالبشر.

إسماعيل العيضة، رئيس غرفة الطوارئ بوزارة الصحة بالحكومة الليبية ومدير مستشفى الشهيد عطية الكاسح التعليمي بمدينة الكفرة، في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” كشف عن تجاوز عدد النازحين السودانيين في المدينة 65 ألف نازح، مع تزايد ملحوظ في موجة النزوح. ويضيف العيضة: “نقدم كشوفات مجانية بشكل يومي لأكثر من 1000 نازح للكشف عن التهاب الكبد، والإيدز، والأمراض المعدية الأخرى”. هذه الجهود، على الرغم من أهميتها، لا تفي بالغرض في ظل الأعداد الكبيرة للنازحين، حيث كشف الفحص الطبي عن وجود حالات مصابة بالإيدز، والملاريا، والدرن، مما يشكل تهديدًا صحيًا كبيرًا للمدينة.

الواقع المأساوي في الكفرة لم يقتصر على الجوانب الصحية فقط، بل امتد ليشمل الأبعاد الأمنية والاجتماعية. فقد أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في بنغازي ترحيل 58 مهاجراً من الجنسية المصرية القادمين إلى ليبيا بطريقة غير قانونية عبر منفذ أمساعد البري، من بينهم مصابون بأمراض الإيدز والتهاب الكبد الوبائي. هذه الإجراءات تأتي في ظل تزايد المخاوف من انتشار الأوبئة بين سكان المدينة والمهاجرين على حد سواء.

في محاولة لاحتواء الأزمة، قامت الهيئة الليبية للإغاثة بتوزيع حصص إيوائية على 471 لاجئًا سودانيًا، شملت أغطية ومراتب ومصابيح بالطاقة الشمسية وطرود للعناية الشخصية خاصة بالنساء. ورغم هذه الجهود، يؤكد مسئولو الهيئة أن الدعم الدولي والمحلي لا يغطي سوى جزء بسيط من الاحتياجات المتزايدة للاجئين.

في خطوة تعكس جدية الأزمة، زارت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية المقيمة في ليبيا، جورجيت غانيون، مدينة الكفرة يوم الأحد، حيث أكدت على ضرورة تقديم الدعم اللازم للبلدية لمواجهة التحديات الإنسانية الناتجة عن تدفق اللاجئين السودانيين. خلال الزيارة، التقى الوفد الدولي بالقادة المحليين واللاجئين السودانيين والفرق التي تدعمها الأمم المتحدة، وأكدوا التزامهم بمساعدة المدينة في تقديم الخدمات الأساسية وتحسين الأوضاع الصحية .

في ظل هذا الوضع المأساوي، اتخذت الحكومة الليبية خطوات لتعزيز الأمن في الكفرة. أصدر وزير الداخلية، اللواء عصام أبو زريبة، قرارات بإعفاء مدير أمن الكفرة وتعيين مدير جديد، بالإضافة إلى تشكيل غرفة أمنية لحفظ الأمن والقبض على المطلوبين. هذه الإجراءات تأتي في محاولة للسيطرة على الأوضاع الأمنية المتدهورة بسبب تدفق اللاجئين.

ورغم كل هذه الجهود، لا تزال الكفرة تواجه تحديات هائلة في المستقبل القريب. مع استمرار النزاع في السودان، يُتوقع أن تتفاقم أزمة اللاجئين، مما يزيد الضغط على المدينة. بالإضافة إلى ذلك، تواجه السلطات المحلية صعوبة في التعامل مع موجات الهجرة غير النظامية في ظل غياب سيطرة حقيقية على الحدود بين ليبيا والسودان وتشاد والنيجر.

مدينة الكفرة، التي كانت في يوم من الأيام واحة هادئة في قلب الصحراء الليبية، تجد نفسها اليوم في قلب أزمة إنسانية وصحية غير مسبوقة. ومع تزايد أعداد اللاجئين وتفاقم الأوضاع الصحية، تبدو الحلول القريبة بعيدة المنال. يتطلب الوضع تعاونًا دوليًا ومحليًا مكثفًا لمواجهة التحديات المتزايدة وتقديم الدعم اللازم للاجئين وللمجتمع المضيف على حد سواء.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24