مع اقتراب العام الدراسي الجديد، يواجه المعلمون في ليبيا تحدياً جديداً يتعلق بمستحقاتهم المالية، حيث أعلن نقيب المعلمين، عبدالنبي النف، عن استعداد النقابة لاتخاذ خطوات جادة تتمثل في إصدار قرار بالدخول في اعتصام إذا لم يتم صرف فروقات القانون رقم 4، والذي يعتبر أساساً لحقوق المعلمين المالية.
النف أوضح أن النقابة قد أحالت بالفعل 270 ألف معلم إلى وزارة المالية كدفعة أولى، وأنه جارٍ تجهيز دفعة ثانية من الملفات بانتظار التغطية المالية اللازمة. هذا التصريح جاء في وقت حساس، حيث إن المعلمين يعولون على هذه الفروقات لتحسين أوضاعهم المعيشية مع بداية العام الدراسي.
وقد أشار النف إلى وجود دعم كبير من نواب في البرلمان ومن جهات تنفيذية أخرى لصرف هذه المستحقات، مما يعكس التفافاً شعبياً ورسمياً حول مطالب المعلمين العادلة. لكن، يظل السؤال: هل سيتمكن المعلمون من نيل حقوقهم قبل أن يضطروا إلى اتخاذ خطوات تصعيدية قد تؤثر على سير العملية التعليمية؟
التهديد بالاعتصام ليس جديداً على ساحة المطالبات العمالية في ليبيا، لكنه يأتي هذه المرة في ظل أزمات متراكمة تتعلق بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية. فالمعلمون، كغيرهم من فئات المجتمع، يواجهون صعوبات تتعلق بارتفاع تكاليف الحياة وتدني مستوى الرواتب، ما يجعل من صرف فروقات القانون رقم 4 مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم.
النقابة، من جانبها، تبدو مصممة على المضي قدماً في هذا الاتجاه، مؤكدة أنها لن تتراجع عن قرار الاعتصام إذا لم تتحقق مطالب المعلمين. وفي هذا السياق، أوضح النف أن النقابة تعمل جاهدة لتأمين حقوق أعضائها، مشيراً إلى أن الوزارة قد تلقت بالفعل ملفات الدفعة الأولى من المعلمين، وأن هناك دفعة ثانية جاهزة بانتظار التغطية المالية.
على الرغم من هذه التحديات، إلا أن هناك بارقة أمل تلوح في الأفق، حيث أبدت بعض الجهات الرسمية تفهمها لمطالب المعلمين واستعدادها لدعم صرف هذه الفروقات. هذا الدعم قد يشكل ضغطاً إضافياً على الجهات المعنية لاتخاذ خطوات سريعة لحل هذه الأزمة قبل أن تتفاقم.
التصعيد المتوقع من قبل النقابة يعكس مدى الإحباط الذي يشعر به المعلمون، الذين يعتبرون أنفسهم العمود الفقري للعملية التعليمية. فالأزمة الحالية لا تؤثر فقط على المعلمين، بل تمتد لتشمل الطلاب وأولياء الأمور، الذين يخشون من تأثر سير العام الدراسي بسبب هذه الخلافات.
في ظل هذه الأجواء المتوترة، يبقى الأمل معقوداً على قدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى حلول مرضية لجميع الأطراف. فالمعلمون، الذين طالما كانوا عنواناً للتضحية والإخلاص في العمل، يستحقون أن يتمتعوا بحقوقهم كاملة، وأن يحظوا بالتقدير الذي يليق بدورهم الحيوي في بناء مستقبل الأجيال القادمة.
وفي الختام، فإن الأيام القادمة ستكشف ما إذا كانت الجهات المعنية ستستجيب لمطالب المعلمين، أم أن النقابة ستضطر إلى اتخاذ خطوات تصعيدية قد تؤدي إلى اضطرابات في العملية التعليمية. فالمعلمون ينتظرون بفارغ الصبر تحقيق العدالة لهم، متأملين أن تكون هذه الأزمة محطة للالتفات إلى حقوقهم المهضومة والعمل على تحسين أوضاعهم بما يليق بمكانتهم في المجتمع.