في مشهد سياسي ملتهب حيث تتصاعد التوترات بين الأطراف الليبية، أعلن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، عن فتح باب الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة، وهو إعلان أثار موجة من ردود الفعل المتباينة من قبل أعضاء مجلس النواب والمحللين السياسيين. وبينما يتلهف الشارع الليبي إلى استقرار سياسي طال انتظاره، تتعقد الأمور أكثر في ظل تشابك المصالح والتدخلات الخارجية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من المشهد في ليبيا.
بوراس: إعلان عقيلة صالح غير مدروس ولن يحقق نتائج إيجابية
من جانبها، وصفت ربيعة بوراس، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، إعلان عقيلة صالح بأنه خطوة غير مدروسة لن تسهم في تحسين الوضع الراهن. وأشارت بوراس في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24″، إلى أن عدد الحاضرين لاجتماع القاهرة، الذي تم الاستناد إليه لاتخاذ هذه الخطوة، ليس كافيًا لاتخاذ قرارات حاسمة. وأكدت أن أي اتفاق يجب أن يشمل جميع الأطراف الفاعلة، وأن الحوار المستمر بين جميع الجهات المعنية هو السبيل الوحيد للوصول إلى حل شامل للأزمة الليبية. بوراس لم تخفِ استيائها من سياسة تجاهل الحقيقة والانتظار غير المبرر لنتائج بناءه، مشيرةً إلى أن هذا النهج لن يفضي إلى أي حلول ملموسة.
الأبلق: فتح باب الترشح للحكومة مجرد “فقاعة في الهواء”
وفي سياق متصل، أكد عمار الأبلق عضو مجلس النواب، أن الإعلان عن فتح باب الترشح لمنصب رئيس الحكومة ليس سوى “فقاعة في الهواء”، معتبراً أن جميع الأطراف السياسية تمارس ألاعيبها بعيدًا عن المسار الانتخابي الحقيقي. الأبلق شدد في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24″، على ضرورة التركيز على المسار الانتخابي كحل وحيد لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة، بعيدًا عن المناورات السياسية التي تعقد المشهد أكثر.
الخوجة: دعم الأمم المتحدة للإعلان مجرد مجاملة سياسية
أما أسماء الخوجة، عضو مجلس النواب، فقد رأت أن إعلان الترشح جاء بناءً على اتفاق أعضاء مجلسي النواب والدولة خلال اجتماع القاهرة. ومع ذلك، أبدت الخوجة في تصريحات خاصة لـ“أخبار ليبيا 24” تشككها في دعم الأمم المتحدة لهذا الإعلان، معتبرةً أنه مجرد مجاملة سياسية. وأشارت الخوجة إلى أن الأسماء المترشحة لمنصب رئيس الحكومة تشمل شخصيات مثل عصام أبو زريبة وعبد الحكيم بعيو، معربةً عن قلقها من أن الأمم المتحدة ليست حريصة بشكل كافٍ على حل المشكلة في ليبيا والمضي نحو الانتخابات.
عقيل: التدخلات الخارجية تعرقل إعادة الوحدة للسلطة التنفيذية
وفي إطار التحليل السياسي للوضع الراهن، حذر رئيس حزب الائتلاف الجمهوري والمحلل السياسي، عز الدين عقيل من التدخلات الخارجية التي تعتبر، حسب رأيه، حجر عثرة أمام محاولات إعادة الوحدة للسلطة التنفيذية في البلاد. عقيل أشار في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24″، إلى أن الهدف الأول للحكومة المقبلة، وهو إجراء الانتخابات، سيظل بعيد المنال في ظل تلك التدخلات التي تستفيد من استمرار التشظي الداخلي في ليبيا، محذرًا من إمكانية انفجار المشهد في أي لحظة حال استمرار الانقسام.
تأتي هذه التصريحات في وقت تظل فيه ليبيا محاصرة بين مطرقة التدخلات الخارجية وسندان الانقسامات الداخلية. فكل طرف يسعى لتحقيق مصالحه الخاصة، مما يجعل الحلول السياسية الحقيقية بعيدة المنال. ولعل الأمل يكمن في قدرة الأطراف الليبية على تغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية والفئوية، والعمل معًا لإنهاء هذا الفصل الطويل من الانقسامات والصراعات.
من الواضح أن الطريق نحو استقرار ليبيا ما زال مليئًا بالعقبات. تصريحات الأعضاء البارزين في مجلس النواب تعكس حالة من الشك والريبة تجاه خطوات جديدة تعتبرها الكثير من الأطراف مجرد مناورات سياسية. في الوقت نفسه، يبقى الدور الدولي محوريًا، سواء كان ذلك بدعم حقيقي أو بمواقف بروتوكولية كما يرى البعض. يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الأطراف الليبية من تجاوز خلافاتها والتوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة المستمرة، أم ستظل الفقاعات السياسية تطفو على السطح دون أن تلامس جوهر المشكلة؟