في خطابه الأخير، ألقى عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، كلمة تحمل في طياتها رسائل قوية تعكس رؤيته العميقة لمستقبل ليبيا ووحدتها الوطنية. استهل كلمته بمقولة حكيمة: “لا حياة لأمة اختلفت قلوبها وتنافرت أرواحها وتفرقت كلمتها”. هذه الكلمات لم تكن مجرد تعبير بلاغي، بل كانت دعوة صادقة لكل الليبيين للتخلي عن التفرقة والاختلاف والتوجه نحو الوحدة والتكاتف.
عقيلة صالح أشار إلى أن استحضار الماضي والعيش في ذكرياته الأليمة لا يجلب سوى الألم ويقتل الإرادة. “تذكر الماضي والحزن لمآسيه حمق وقتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة”، بهذه الكلمات ألقى الضوء على ضرورة طي صفحة الماضي والعمل على بناء مستقبل مشرق. فالماضي، كما قال، يجب أن يُودع في سجن الإهمال ولا يرى النور لأنه مضى وانتهى.
استفاض رئيس مجلس النواب في الحديث عن قيمة العفو والتسامح في الإسلام. “العفو من مبادئ الإسلام ومن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم”، مستشهداً بحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يحث على العفو والتصالح بين الناس. وأكد أن العفو عند المقدرة ليس فقط فضيلة دينية، بل هو دعوة للمحبة والوئام، وبعد عن الفرقة والخصام.
عقيلة صالح لم يغفل عن قضية العدالة والتنمية، حيث شدد على ضرورة تولية الأكفاء وإعطاء كل ذي حق حقه. “ننصح الجميع بالعمل على تولية الأكفاء، وإعطاء كل ذي حق حقه”، وأوضح أن عدم الاستماع لمن يعارضون التغيير هو الطريق الصحيح لتحقيق العدالة والتنمية في ليبيا. فهؤلاء الذين “داسوا على القيم والمبادئ ونهبوا المال العام” لا يريدون أي تغيير ويسعون لتعطيل التداول السلمي على السلطة.
في سياق حديثه عن التحديات التي تواجه ليبيا، أشار عقيلة صالح إلى النقد الهدام الذي يواجهه مجلس النواب. “نواجه حربًا ضروسًا لا هوادة فيها من النقد الآثم المر”، وأكد أن المجلس سيظل صامداً في وجه هذه الانتقادات الهدامة التي لا تهدف إلا لتعكير مسيرته. وأوضح أن النقد البناء هو ما يقبلونه، أما النقد الهدام فلا يستحق الرد عليه.
من بين أهم النقاط التي تناولها رئيس مجلس النواب في كلمته، كان التركيز على دور الشباب في بناء مستقبل ليبيا. “شبابنا هم الثروة التي أين منها الذهب الأسود والأصفر”، هذه العبارة تلخص رؤية عقيلة صالح لدور الشباب كأعمدة أساسية في نهضة الأمة. ودعا الشباب للتحصيل العلمي والمشاركة في فرض القانون والنظام، محذراً من مخاطر الانحراف والتحلل الأخلاقي.
عقيلة صالح لم ينسَ أن يشيد بالجهود التي تبذلها الحكومة الليبية وصندوق التنمية والإعمار في تحقيق الاستقرار والتنمية. وخص بالذكر المهندس الشاب بالقاسم خليفة حفتر، مشيداً بجهوده في إعادة الإعمار والاستقرار. وأكد أن هذه الجهود تعد خطوة نحو التقدم والازدهار.
كما أثنى على الحكومة الليبية بقيادة د. أسامة حماد، مشيراً إلى الجهود المبذولة لتوفير متطلبات المواطنين ودعم الشباب والمرأة ومحاربة الفساد. وأكد على أهمية دعم الحكومة في تحقيق المزيد من الإنجازات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن.
اختتم رئيس مجلس النواب كلمته بالتأكيد على ثوابت لا يمكن التنازل عنها، وهي وحدة البلاد وسيادتها وصيانة ترابها. وأشاد بجهود الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار. “لا أنسى أن أوجه التحية والتقدير لجيشنا الباسل وقائده المشير أركان حرب خليفة بالقاسم حفتر”.
عقيلة صالح ختم كلمته بدعوة صادقة للوحدة والعمل الجماعي. “إن الإنسان هو موجه التنمية ومحركها والمستفيد منها”، داعياً كل المواطنين للوقوف ودعم عملية إعادة الإعمار والاستقرار. وأكد أن الشعب الليبي قادر على مواجهة التحديات والمصاعب وبناء مستقبل مشرق.
هذه الكلمة لم تكن مجرد خطاب سياسي عابر، بل كانت رؤية متكاملة لمستقبل ليبيا، تحمل في طياتها دعوة للوحدة والتكاتف والعمل الجاد لتحقيق العدالة والتنمية، ووضع الأسس المتينة لمستقبل أفضل.