في ظل الأزمة السياسية المستمرة في ليبيا، يعاني مجلس الدولة، من تحديات داخلية تعكس حجم الانقسامات بين أعضائه، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي المتأزم أصلاً. وسط هذه الأزمة، كان لسبع تصريحات سياسية صدًى واسع، حيث أظهرت مدى تعمق الخلافات، وعدم اتفاق الأطراف المختلفة على رؤية موحدة لمستقبل المجلس ودوره في العملية السياسية.
بلقاسم دبرز، عضو مجلس الدولة، أشار إلى أن المجلس هو المؤسسة الوحيدة التي ما زالت تحافظ على التداول السلمي للسلطة، رغم الصعوبات والتحديات التي تواجهها. هذه الرؤية تأتي في وقتٍ يشهد فيه المجلس انقساماً حاداً بين مؤيدي محمد تكالة وخالد المشري، حيث يتسابق كلا الطرفين لكسب الشرعية والسيطرة على رئاسة المجلس.
دبرز تناول خلال مداخلة تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24” تفاصيل جلسة المجلس الأخيرة التي شهدت تنافساً حاداً بين تكالة والمشري، في ظل خروج المترشح الثالث، عادل كرموس، من السباق بعد حصوله على 17 صوتاً فقط. ومع استمرار جولة الإعادة، برزت حادثة لم تركز عليها وسائل الإعلام، حيث أصر أحد الأعضاء، الذي تجاوز الثمانين عاماً، على الإدلاء بصوته من موقعه بسبب وضعه الصحي.
دبرز أشار إلى أن هذا الحادث يعكس تعقيدات المشهد داخل المجلس، حيث ظهر الخلاف حول ورقة انتخابية كُتب عليها اسم تكالة على ظهرها، مما أدى إلى جدل بين الأعضاء حول صحة الورقة ومدى تأثيرها على نتائج الانتخابات.
على الجانب الآخر، أكد أحمد لنقي، عضو آخر في مجلس الدولة، أن الاحتكام للقضاء أو للجنة القانونية داخل المجلس هو الحل الأمثل لإنهاء الجدل حول الورقة الملغاة. لنقي شدد في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“، على ضرورة إبقاء تكالة في منصب الرئيس مؤقتاً حتى يتم البت في أمر الورقة، مشيراً إلى أن اللجنتين توصلتا إلى توافق على الاحتكام للقضاء كحل نهائي.
رغم هذا الاقتراح، لا تزال الانقسامات داخل المجلس تُشكل عقبة كبيرة أمام التوصل إلى حل نهائي، مما يعكس تباين الرؤى والأهداف بين الأعضاء، ويفتح المجال أمام مزيد من الصراع السياسي داخل المجلس.
من جانبها، قدمت آمنة امطير، عضو مجلس الدولة، وجهة نظر قانونية حاسمة بشأن الورقة المثيرة للجدل، حيث أكدت أن أي ورقة تحتوي على علامة أو كتابة مميزة تعتبر ملغاة وفقاً للائحة الداخلية للمجلس. امطير استعرضت حالات سابقة مشابهة تم فيها إلغاء أوراق انتخابية لوجود تمييز واضح عليها، مشيرة إلى أن هذه الحالة الحالية تُعد الأولى التي تثير هذا الحجم من الجدل.
امطير تساءلت في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“، عن ردود الفعل لو كان الاسم المكتوب على الورقة هو خالد المشري بدلاً من تكالة، معتبرة أن الورقة يجب أن تُلغى بغض النظر عن الاسم المكتوب عليها، إذا كانت تحتوي على أي علامة مميزة.
وفي سياق متصل، حذر عيسى التويجر، نائب رئيس حزب العمل الوطني ووزير التخطيط السابق، من أن رفض تكالة لنتائج الانتخابات قد يؤدي إلى شلل المجلس أو انقسامه، مما سيزيد من تعقيد المشهد السياسي في البلاد. التويجر أشار في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“، إلى أن هذا الانقسام قد يفقد المجلس شرعيته أمام المجتمع الدولي، ويؤدي إلى اتخاذ قرارات حاسمة قد تتسبب في انهيار المجلس ككل.
التويجر دعا الأعضاء، بمن فيهم أنصار تكالة، إلى التدخل لحسم الأمر وإقناع تكالة بقبول النتيجة، محذراً من أن استمرار رفض تكالة قد يؤدي إلى انقسام المجلس واتجاه الأمور إلى طريق مسدود.
المحلل السياسي عبد الله الكبير، قدّم تحليلاً عميقاً للوضع، حيث أشار إلى أن مجلس الدولة يتجه نحو انقسام حتمي بسبب الخلافات الحالية. الكبير أوضح أن الجدل حول الورقة لا يمكن حسمه باللائحة الداخلية للمجلس، ولكنه يرى أن الورقة يجب أن تُعتبر ملغاة إذا كانت تحتوي على علامة تمييز.
الكبير شدد في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“، على أن الحل الأمثل هو إعادة الجولة الانتخابية، بحيث يكون فوز رئيس المجلس واضحاً لا لبس فيه. وأكد أن المجلسين، الدولة والنواب، وصلا إلى نهاية الطريق، ولم يعد أمامهما سوى المغادرة، مشيراً إلى أن أي جهد لإعادة تشكيل الحكومة لن ينجح دون وجود طريق واضح نحو الانتخابات.
من جانبه، رأى سليمان البيوضي، المترشح الرئاسي، أن انهيار مجلس الدولة سيمثل خسارة كبيرة لـ عبد الحميد الدبيبة، الذي سيفقد ورقة تفاوضية مهمة. البيوضي أشار في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“، إلى أن التسوية السياسية مع خالد المشري قد تؤدي إلى تفتيت المجلس، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في ليبيا.
البيوضي حمل مسؤولية ما حدث في مجلس الدولة لرئيسه الحالي، معتبراً أن رفضه الاعتراف بنتائج الانتخابات أدى إلى تفاقم الأزمة، وقد يؤدي إلى انهيار الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات.