التعاون الليبي المصري: أسامة حماد يدفع بملف الإعمار إلى الواجهة
في ظل الأوضاع المعقدة التي تمر بها ليبيا، يأتي رئيس مجلس وزراء الحكومة الليبية، الدكتور أسامة حماد، ليجدد الأمل في بناء شراكات استراتيجية مع الجارة الكبرى مصر. الزيارة الرسمية التي قام بها حماد إلى مدينة العلمين بجمهورية مصر العربية لم تكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل كانت خطوة حاسمة نحو تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات متعددة، وعلى رأسها ملف إعادة الإعمار الذي طالما انتظر الليبيون تحقيقه.
ملفات هامة على طاولة المباحثات
استقبل رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، نظيره الليبي بحفاوة تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين. لم يكن الحوار مقتصراً على التهاني والمجاملات الدبلوماسية، بل تطرق إلى قضايا جوهرية تتعلق بتأمين الحدود، وتنفيذ مشروعات التنمية، والاستفادة من التجربة المصرية في الإعمار والتطوير.
ومن ضمن الملفات التي أُثيرت خلال الاجتماع، جاء ملف إعادة إعمار ليبيا في صدارة الاهتمامات. فقد أبدى الدكتور مصطفى مدبولي استعداد مصر الكامل لدعم ليبيا في هذا الصدد، مستشهداً بدور الشركات المصرية التي كانت ولا تزال في قلب عملية البناء في ليبيا، رغم التحديات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها المنطقة. في المقابل، أثنى أسامة حماد على الجهود المصرية، مؤكداً أن توجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كانت ولا تزال تصب في مصلحة الشعب الليبي الشقيق.
الشركات المصرية: ركيزة إعادة الإعمار
الشركات المصرية التي بدأت بالعمل في ليبيا منذ سنوات، تجد اليوم نفسها أمام تحديات جديدة وفرص هائلة. التوجيهات المصرية لدعم الشعب الليبي في محنته، التي تمثلت في إعصار “دانيال”، جعلت من الشركات المصرية شريكاً أساسياً في عملية إعادة الإعمار. وفي هذا السياق، أشاد حماد بجهود مصر في تسهيل دخول البضائع عبر المنفذ البري بين البلدين، مما يعزز من عملية إعادة الإعمار والتنمية في ليبيا.
التعاون الطبي: خبرات مصرية لإنقاذ القطاع الصحي الليبي
لم تقتصر مباحثات حماد ومدبولي على ملفات الإعمار فحسب، بل امتدت لتشمل التعاون في المجال الطبي. فقد أكد مدير عام جهاز الإمداد الطبي والخدمات العلاجية الليبي، السيد حاتم العريبي، على ضرورة الاستفادة من الخبرات المصرية في مجالات الطب والأدوية. وشدد على أهمية استجلاب الكوادر الطبية المصرية للعمل في ليبيا، وتدريب الكوادر الليبية لضمان استدامة الخدمة الصحية في البلاد.
تفعيل الاتفاقيات وتشكيل لجان مشتركة
اختتم اللقاء بتأكيد الجانبين على ضرورة تفعيل الاتفاقيات المشتركة التي تم توقيعها في الأعوام السابقة. ولتحقيق ذلك، تقرر تشكيل لجان وزارية من كلا الدولتين للإشراف على تنفيذ هذه الاتفاقيات، وضمان سير العمل وفق الخطة الموضوعة.
هذه الزيارة، التي تعد الأولى رسمياً لحماد خارج البلاد، تمثل نقطة تحول في العلاقات الليبية المصرية. فملفات الإعمار، وتأمين الحدود، والتعاون الطبي، تشكل حجر الزاوية لبناء مستقبل مشترك يقوم على أساس متين من التعاون الاستراتيجي. ومع تطلع الليبيين إلى تحقيق الاستقرار والتنمية، تبدو مصر، بجميع إمكانياتها، شريكاً لا غنى عنه في هذا المسار.
ختاماً
تظل العلاقات الليبية المصرية على الدوام مثار اهتمام، فمع تزايد التحديات في المنطقة، يحتاج البلدان إلى التعاون الوثيق لتحقيق الاستقرار والتنمية. وزيارة حماد إلى مصر تجسد هذه الرغبة المتجددة في تعزيز الشراكة، وتفعيل الاتفاقيات المشتركة، وتقديم كل ما يلزم لدعم الشعب الليبي في طريقه نحو إعادة الإعمار والاستقرار.