في خضم الأزمة السياسية التي تعصف بليبيا، تبرز مخاوف اقتصادية تهدد الاستقرار المالي للبلاد. دعا امراجع غيث، عضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي سابقًا، إلى ضرورة إبقاء المصرف المركزي بعيدًا عن التجاذبات السياسية، مشددًا على أهمية حصره في مهامه المالية لضمان استقرار الاقتصاد الوطني ومنع التدهور.
الأزمة وتأثيراتها على الاقتصاد الليبي
ويشير غيث في تصريحات صحفية، رصدتها “أخبار ليبيا 24“، إلى أن الأزمة السياسية التي تشهدها ليبيا قد تنعكس بشكل خطير على الاقتصاد الوطني، خصوصًا في ظل الاعتماد الكبير على الاستيراد لتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين. وأوضح أن إغلاق المصرف المركزي سيؤدي إلى تعطيل عمليات تحويل العملات الأجنبية إلى المصارف التجارية، مما سيعطل توفير الاعتمادات المستندية اللازمة لاستيراد السلع الأساسية. “تستورد ليبيا 98% من احتياجاتها من الخارج، وإغلاق المصرف المركزي يعني شللاً كاملاً للتجارة”، يقول غيث.
التأثير على سمعة ليبيا الدولية
بالإضافة إلى التأثير الاقتصادي المباشر، يشدد غيث على أن الأزمة المالية تؤثر أيضًا على سمعة ليبيا أمام المجتمع الدولي. “التأثيرات ليست محلية فقط، بل تمتد إلى مستوى العلاقات التجارية والمالية مع الدول الأخرى”، مضيفًا أن استمرار الأزمة سيضعف من موقف ليبيا في الأسواق العالمية ويؤثر سلبًا على ثقة الشركاء التجاريين الدوليين في التعامل مع البلاد.
دعوة للحل: ضرورة اجتماع الأطراف المتنازعة
وفي معرض حديثه عن الحلول المقترحة لتجنب تفاقم الأزمة، دعا غيث إلى اجتماع الأطراف المتنازعة لمناقشة مستقبل المصرف المركزي والاتفاق على حل وسط يضمن عدم تسييس المؤسسة المالية الأهم في البلاد. “الحل الآن يتمثل في اجتماع كل المختلفين لمناقشة مستقبل المصرف”، يقول غيث، موضحًا أن الوصول إلى توافق حول هذا الموضوع يعتبر ضرورة قصوى لتفادي تداعيات كارثية على الاقتصاد الليبي.
تجربة لبنان.. درس لليبيا
واستشهد غيث بتجربة لبنان خلال الحرب الأهلية، مشيرًا إلى كيف تمكن المصرف المركزي اللبناني من تجنب ويلات تلك الحرب، وذلك بفضل إدراك جميع الأطراف المتنازعة لأهمية الحفاظ على الاستقرار المالي والاقتصادي بعيدًا عن الصراعات السياسية. “إدراك اللبنانيون وقتها لأهمية المصرف المركزي كان المفتاح لتجنب كارثة اقتصادية”، يضيف غيث، معتبرًا أن ليبيا تحتاج إلى التفكير بالطريقة ذاتها في هذا الوقت العصيب.
في ضوء هذه التحذيرات والدعوات، يبدو أن الأزمة المالية في ليبيا تحتاج إلى حل سياسي واجتماعي مستعجل يجمع جميع الأطراف حول هدف واحد: حماية الاقتصاد الوطني من التدهور وضمان استقرار البلاد. إن إبقاء مصرف ليبيا المركزي بعيدًا عن الصراعات السياسية وتحقيق توافق حول دوره المستقبلي يجب أن يكون أولوية قصوى لجميع الأطراف المعنية.