في خضم الأجواء السياسية المتوترة التي تعيشها ليبيا، يبرز حسن الصغير، الدبلوماسي السابق ليكشف عن تفاصيل قد تكون غائبة عن الكثيرين. فبين الطرد والمنع، وبين الإغلاق والتحقيق، تتكشف حقائق مثيرة تعكس الواقع السياسي المعقد والمتشابك للبلاد.
طرد الصديق الكبير: خطوة لا تعني التمكين
الصغير في عدة منشورات له عبر صفحته على “فيسبوك” رصدته “أخبار ليبيا 24”، يرى أن طرد الصديق الكبير، رئيس مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي، ومنعه من الدخول إلى مقر المصرف لا يعني بالضرورة أن محمد الشكري سيكون البديل القادم. هذا التوضيح يحمل في طياته الكثير من المعاني، فالأمر ليس مجرد تغيير في الأسماء، بل يعكس صراعًا خفيًا على السلطة والنفوذ داخل مؤسسات الدولة. يؤكد الصغير أن التحركات الأخيرة لا تعدو كونها محاولات لإعادة ترتيب الأوراق، لكنها لا تضمن تغييرًا حقيقيًا في المشهد المالي والاقتصادي للبلاد.
وزارة الخارجية تحت الحصار
تحوّل الحديث بعد ذلك إلى وزارة الخارجية، حيث تم إقفال أبواب الوزارة ومنع الموظفين من الدخول لأسباب غير معلنة. ولكن، كما يوضح الصغير، فإن السبب الأرجح هو وجود إجراءات أمنية مشددة وتحقيقات حول تسريب مستندات سرية إلى وسائل الإعلام. أحد هذه المستندات، وفقًا للصغير، هو “مستند عبد الغفار” الذي يتضمن توقيع نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية المقالة، والذي يكشف عن تعليمات من حكومة الدبيبة بشأن اعتماد توقيعات بغض النظر عن التعليمات الرسمية من الجهات المختصة.
هذا التسريب أثار زوبعة من التساؤلات حول مدى شرعية القرارات المتخذة وحقيقة التحالفات السياسية التي تتحكم في المشهد الراهن. فالإجراءات التي اتخذتها الوزارة، كما يُلمح الصغير، لا تهدف فقط إلى حماية المستندات، بل ربما تهدف أيضًا إلى التغطية على فضائح أكبر قد تكون بانتظار الكشف.
بلطجة واقتحام مسلح
انتقل الصغير إلى نقطة أكثر حساسية، حيث أوضح أن ما يحدث ليس مجرد عملية استلام وتسليم بين القوى المختلفة، بل وصفه بأنه “بلطجة واقتحام مسلح”. هذه العبارة تعكس حالة من الفوضى العارمة التي تعيشها البلاد، حيث يبدو أن مراكز القوى لا تزال تتصارع للسيطرة على المؤسسات الحيوية دون أي اعتبار للشرعية القانونية أو الأعراف المتعارف عليها. ويضيف الصغير أن الأطراف الداعمة لهذه التحركات ليست سوى أولئك الذين يفرضون الأمر الواقع، دون أي دعم شعبي أو توافق سياسي.
المنفي وشرعية القرارات
وفي تعليقه على الوضع الحالي، أشار حسن الصغير إلى أن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي يدرك جيدًا أن قراره الأخير ليس قانونيًا. هذا الإدراك، كما يوضح الصغير، منع المنفي من طلب حلف اليمين القانونية من الأطراف المتورطة. ويبدو أن الجميع يدرك أن “الحق صعب”، وأن الحفاظ على مظهر الشرعية يتطلب الكثير من المناورات السياسية التي لا تخدم في نهاية المطاف سوى مصالح ضيقة على حساب مصلحة الوطن.
نظرة إلى المستقبل: هل من أمل؟
في ختام حديثه، يعكس الصغير حالة من التشاؤم الحذر تجاه المستقبل. فبينما يعترف بأن البلاد بحاجة إلى إصلاحات جذرية وحلول مستدامة، فإنه يرى أن الأوضاع الحالية لا تبشر بالخير. الصراع على السلطة والموارد، واللجوء إلى العنف والابتزاز السياسي، كلها عوامل تشير إلى أن ليبيا لا تزال بعيدة عن الاستقرار المنشود.
إجمالاً، يكشف حسن الصغير في تصريحاته عن صورة قاتمة للوضع في ليبيا، حيث يبدو أن الفوضى هي السائدة وأن الطريق نحو الاستقرار لا يزال طويلًا وشائكًا. ورغم ذلك، يظل الأمل قائمًا في أن تعي الأطراف المتصارعة أهمية العودة إلى طاولة الحوار وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية الضيقة.