ليبيا الان

مجلس الأمن يحذر من تصاعد التوترات في ليبيا ويدعو إلى الحوار

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

تشهد ليبيا في الآونة الأخيرة موجة من التوترات السياسية والاقتصادية التي أثارت قلق المجتمع الدولي، ولا سيما أعضاء مجلس الأمن الدولي الذين أعربوا عن قلقهم إزاء التطورات الأخيرة في البلاد. تأتي هذه التطورات في ظل استمرار الانقسامات بين المؤسسات السياسية والاقتصادية الليبية، والتي تفاقمت بسبب أزمة البنك المركزي الليبي.

تصاعدت الأزمة عندما قامت حكومة الدبيبة منتهية الولاية بالسيطرة على مقر البنك المركزي، وإعفاء محافظه الصديق الكبير، مما أثار حفيظة الحكومة الليبية في المنطقة الشرقية. وردًا على هذه الخطوة، أعلنت الحكومة الليبية “حالة القوة القاهرة” على جميع الحقول والموانئ النفطية، وقررت وقف إنتاج النفط وتصديره حتى إشعار آخر. هذه الإجراءات التصعيدية جاءت في إطار الخلافات العميقة بين الأطراف الليبية المختلفة، والتي تسببت في تدهور الأوضاع الاقتصادية وزيادة التوترات السياسية.

في بيان صدر عن أعضاء مجلس الأمن، دعا المجلس جميع القادة والمؤسسات السياسية والاقتصادية والأمنية الليبية إلى الامتناع عن أي إجراءات أحادية الجانب من شأنها أن تزيد من التوترات وتقوض الثقة بين الليبيين. كما شدد المجلس على ضرورة الوصول إلى حل توافقي للأزمة الحالية المتعلقة بالبنك المركزي، محذرًا من مخاطر تعريض استقرار ليبيا الهش وأمن المدنيين للخطر.

وأكد البيان على أهمية الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخاصة قرار مجلس الأمن 2702 (2023) الذي يستند إلى الاتفاق السياسي الليبي وخارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي. كما دعا المجلس جميع الأطراف إلى المشاركة الفعالة وبحسن نية في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، مع تقديم التنازلات اللازمة لإحراز تقدم ملموس في هذه العملية.

أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن عزمها عقد اجتماع “طارئ” لبحث أزمة البنك المركزي، وذلك بعد تفاقم الأوضاع جراء القرارات الأحادية المتعلقة بالمصرف. البعثة الأممية أعربت عن “عميق أسفها” لما آلت إليه الأوضاع، محذرة من أن الاستمرار في هذه القرارات سيعرض ليبيا لخطر الانهيار المالي والاقتصادي. كما دعت الأطراف السياسية إلى تعليق العمل بكل القرارات الأحادية والرفع الفوري لحالة القوة القاهرة عن حقول النفط.

الولايات المتحدة الأمريكية أعربت عن دعمها للمبادرة الأممية، وحثت جميع الأطراف الليبية على اغتنام هذه الفرصة لتحقيق استقرار اقتصادي ومالي في البلاد. السفارة الأمريكية في طرابلس أصدرت بيانًا تدين فيه “ترهيب موظفي البنك المركزي”، داعية إلى محاسبة المسؤولين عن أي انتهاكات “بشكل صارم”.

تعود جذور التوترات في ليبيا إلى الصراعات بين الحكومات المتنافسة في شرق وغرب البلاد، والخلافات بشأن السيطرة على الموارد الاقتصادية الحيوية، وخاصة النفط. البنك المركزي الليبي يلعب دورًا حاسمًا في إدارة الإيرادات النفطية وتوزيعها بين مختلف المناطق، وهو ما جعله محورًا للصراعات السياسية والاقتصادية.

محافظ البنك المركزي، الصديق الكبير، الذي يتولى منصبه منذ عام 2012، واجه انتقادات متكررة بشأن إدارته للموارد المالية للبلاد. ورغم تجديد الثقة فيه من قبل مجلس النواب مؤخرًا، إلا أن الصراع على السيطرة على البنك يعكس الانقسامات العميقة داخل المؤسسة السياسية الليبية.

من ضمن التوصيات التي أكد عليها مجلس الأمن الدولي، دعوة إلى ضمان المشاركة الكاملة والمتساوية والفعّالة للمرأة والشباب في جميع الأنشطة والقرارات المتعلقة بالتحول الديمقراطي في ليبيا. هذا التأكيد على إشراك المرأة والشباب يعكس التزام المجتمع الدولي بدعم مسار التحول الديمقراطي في ليبيا، وضمان تمثيل كافة فئات المجتمع في العملية السياسية.

في ظل هذه التطورات، يبدو أن الوضع في ليبيا لا يزال هشًا ومعقدًا. الخلافات المستمرة بين الأطراف الليبية المختلفة تعكس تحديات كبيرة أمام تحقيق استقرار سياسي واقتصادي دائم. المجتمع الدولي، من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن، يبذل جهودًا كبيرة لدفع الأطراف الليبية نحو حل توافقي وشامل للأزمة، لكن يبقى النجاح مرهونًا بإرادة الأطراف الليبية وقدرتها على تقديم التنازلات اللازمة والتغلب على المصالح الضيقة لتحقيق المصلحة الوطنية العليا.

التحديات أمام ليبيا لا تزال كبيرة، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور والأزمات الإنسانية المتفاقمة. هناك حاجة ماسة إلى تعزيز الثقة بين الأطراف المختلفة، والعمل على بناء مؤسسات قوية ومستقرة قادرة على تلبية تطلعات الشعب الليبي في السلام والاستقرار والتنمية.

إن الأزمة في ليبيا تعد اختبارًا حقيقيًا للمجتمع الدولي وقدرته على تحقيق الاستقرار في منطقة تعاني من صراعات متعددة. الجهود الحالية، رغم أهميتها، تحتاج إلى مزيد من الدعم والالتزام من كافة الأطراف المعنية لتحقيق حل مستدام وشامل للأزمة الليبية، بما يضمن مستقبلًا أفضل للشعب الليبي.

 

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24