قال المحلل السياسي، كامل المرعاش، إن الولايات المتحدة تُظهر ازدواجية واضحة في سياستها تجاه ليبيا. ويقول المرعاش إن السياسة الأمريكية تعاني من “انفصام”، حيث هناك سياسة أمنية تعتمد على استقرار الدول ومنع انزلاقها نحو الفوضى والانقسامات، ولكن في الوقت نفسه، هناك إدارة عاجزة عن تحديد السياسات ورسمها بشكل واضح، مستغلة الفوضى لتحقيق مصالحها الاستراتيجية.
الولايات المتحدة تستغل الفوضى لتحقيق أهدافها في ليبيا تحت حكم بايدن
ويشير المرعاش في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“ إلى أن هذه السياسة المتناقضة أصبحت واضحة بشكل خاص في تعامل واشنطن مع الملف الليبي في عهد الرئيس الحالي، جو بايدن، الذي وصفه المرعاش بـ”العجوز المريض”. في ظل إدارة بايدن، يرى المرعاش أن أمريكا لا تسعى لحل النزاع في ليبيا بقدر ما تسعى لتوجيهه بما يخدم مصالحها، بحيث تظل ليبيا تحت الهيمنة الأمريكية، دون أن تمتلك قرارًا ليبيًا مستقلًا.
المرعاش: النزاع في ليبيا ليس فقط على النفط بل يشمل الفساد الداخلي
ويضيف المرعاش أن النزاع على النفط في ليبيا ليس وليد اللحظة، بل هو قائم منذ سنوات، لكنه يؤكد أن النزاع الحالي لا يتعلق بالنفط فقط، بل يمتد ليشمل الفساد المستشري في حكومة عبد الحميد الدبيبة منتهية الولاية وعائلته. ويعتبر المرعاش أن هذا النزاع الداخلي له بعد دولي، حيث يؤثر على إمدادات النفط العالمية، مما يضفي عليه طابعًا أكثر تعقيدًا.
الدور الأمريكي في ليبيا: ضغط على حكومة الدبيبة لتسهيل إمدادات النفط
ويرى المرعاش أن الدور الأمريكي الحالي يتمثل في الضغط على حكومة الدبيبة، التي يعتبرها “فاقدة للشرعية”، لإزالة العقبات التي تضعها أمام عودة إمدادات النفط إلى طبيعتها. ويؤكد أن هذا الدور ليس عسكريًا بقدر ما هو سياسي واقتصادي، مما يعكس رغبة الولايات المتحدة في تحقيق استقرار ظاهري يخدم مصالحها دون الاهتمام بحل القضايا الجوهرية التي تعاني منها ليبيا.
المرعاش لا يُخفي مخاوفه من أن الولايات المتحدة تسعى إلى توجيه النزاعات في ليبيا بدلاً من العمل على حلها، وهو ما يراه استراتيجية لتحقيق الهيمنة والسيطرة على البلاد. ويعتقد أن هذا النهج يتعارض بشكل صارخ مع ما تعلنه الولايات المتحدة من التزامها بدعم استقرار ليبيا وسيادتها. وفي ظل هذا الوضع المعقد، يرى المرعاش أن ليبيا قد تكون مقبلة على مرحلة جديدة من الفوضى والصراع، إذا استمرت السياسة الأمريكية على هذا النهج.
المرعاش يتهم واشنطن بتوجيه النزاعات بدلاً من حلها لتحقيق مصالحها
يختم المرعاش حديثه بتحذير من أن ليبيا تحتاج إلى قيادة قوية ومستقلة تستطيع أن تقف في وجه التدخلات الخارجية، وتحافظ على سيادة البلاد ومصالحها الوطنية. ويشير إلى أن الهيمنة الأمريكية لن تسمح بوجود قرار ليبي مستقل، مما يجعل مستقبل البلاد رهينًا بالتجاذبات الدولية والإقليمية.
في خضم هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع ليبيا أن تجد طريقها نحو الاستقرار والتنمية بعيدًا عن التدخلات الخارجية؟ أم أن البلاد ستظل ساحة مفتوحة لصراعات النفوذ بين القوى الكبرى؟ يبدو أن الإجابة عن هذا السؤال ستتطلب وقتًا وجهودًا كبيرة من كافة الأطراف الليبية والدولية المعنية.