في مساء يوم الجمعة، اجتمع رئيس الحكومة الليبية، أسامة حماد، مع رئيس جمهورية تشاد، محمد إدريس ديبي، لمناقشة مشروع استراتيجي يُتوقع أن يكون له تأثير كبير على العلاقات الاقتصادية والأمنية في المنطقة. المحور الرئيسي للاجتماع كان الطريق الدولي المقترح الذي سيربط بين ليبيا ومصر وتشاد. هذا الطريق ليس مجرد مشروع بنية تحتية، بل هو مبادرة تعكس رؤية جديدة نحو تعزيز التكامل الإقليمي وتوسيع نطاق التعاون بين البلدان الثلاثة.
أكد حماد خلال الاجتماع أهمية تنفيذ هذا المشروع لما سيحققه من فوائد اقتصادية متعددة، من بينها تسهيل حركة التجارة بين ليبيا ومصر وتشاد، وتنشيط تجارة العبور التي تُعدّ شرياناً حيوياً للمنطقة. وفي هذا السياق، أبدت الحكومة المصرية استعدادها الكامل لتمويل هذا المشروع الحيوي، بشرطين: الأول، موافقة الحكومة الليبية على تنفيذ المشروع؛ والثاني، تأمين الشركات التي ستقوم بالأعمال التنفيذية لضمان سلامتها واستمرارية العمل.
لم يقتصر الحديث في الاجتماع على الطريق الدولي فقط، بل تطرق الجانبان إلى التعاون الأمني الذي يُعتبر ركيزة أساسية لتعزيز الاستقرار في المناطق الحدودية. بحثا سُبل تفعيل الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية السابقة، وأهمية وضع آليات فعالة لتنفيذها بما يضمن تحقيق المصالح المشتركة للشعبين الليبي والتشادي. هنا، برزت فكرة تكامل الجهود الأمنية لتأمين الحدود المشتركة، وخاصة في ظل التحديات الأمنية الراهنة، مثل الهجرة غير الشرعية والتهريب.
بالإضافة إلى ذلك، ناقش حماد وديبي مشروع السكة الحديدية الذي يُعَدّ جزءاً من رؤية أوسع لتعزيز النقل البري والبحري بين البلدين. هذا المشروع يهدف إلى ربط المناطق الحرة في سرت مع ميناء سرت البحري الدولي، مما يسهم في تسهيل حركة البضائع وزيادة معدلات التجارة والاستثمار. كذلك، تم التطرق إلى فتح خطوط ملاحية جوية مباشرة بين أنجامينا وبنغازي وسرت، وهو ما يُسهم في تعزيز التواصل وتبادل الزيارات بين المسؤولين ورجال الأعمال والمستثمرين.
حرص حماد على التأكيد خلال الاجتماع على أهمية بناء شراكة فعالة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعسكرية، مع التركيز على تحقيق التنمية المستدامة التي تخدم مصالح الشعبين. هذا النهج يعكس رؤية الحكومة الليبية نحو تعزيز التعاون مع دول الجوار وتوسيع آفاق التعاون الاستراتيجي بما يتماشى مع التطورات العالمية والإقليمية.
من جهته، أبدى الرئيس التشادي تقديره الكبير للزيارة التي قام بها حماد، مشدداً على أهمية الدور الليبي في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة. وأعرب عن امتنانه للدعم اللوجستي الذي تقدمه القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر في تأمين الحدود المشتركة ومكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وفي ختام الاجتماع، أكد الطرفان على ضرورة تسريع الخطوات التنفيذية لتحقيق هذه الرؤى والمبادرات، وأهمية مواصلة التنسيق والتعاون بين البلدين بما يخدم استقرار المنطقة ويُعزز من مصالح شعوبها. تعد هذه الخطوة بداية لمسار جديد من التعاون بين ليبيا وتشاد ومصر، يُعزز من التبادل التجاري والاستثماري ويُسهم في بناء شراكة استراتيجية تخدم تطلعات وأهداف الدول الثلاث.