ليبيا الان

مبادرة إسناد تمنح الأمل للاجئين السودانيين في ليبيا

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

الحرب دائماً ما تحمل في طياتها أوجاعاً لا نهاية لها، تلتهم البيوت، وتشتت العائلات، وتجعل الحياة كابوساً يتكرر. في هذا السياق المأساوي، تأتي مبادرة إسناد في ليبيا كنقطة ضوء خافتة وسط ظلام النزوح الذي يعانيه اللاجئون السودانيون. هذه المبادرة غير الحكومية تعمل جاهدة لتقديم يد العون والمساعدة لمن تقطعت بهم السبل، هاربين من ويلات الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

على المثلث الحدودي بين ليبيا والسودان، تقع مدينة الكفرة التي باتت الوجهة الأولى للفارين من الحرب السودانية. هذه المدينة الصغيرة تحمل على عاتقها تحدي استيعاب الآلاف من اللاجئين السودانيين الذين أجبرتهم ظروف الحرب القاسية على ترك منازلهم وأسرهم والفرار إلى ما يعتبرونه ملاذاً آمناً. تحدث المتحدث باسم بلدية الكفرة، عبد الله سليمان، عن الأعداد المتزايدة للاجئين، مشيراً إلى أن الرقم الموثق تجاوز 40 ألف لاجئ، ما عدا أولئك الذين لم يتم تسجيلهم بعد.

في ظل هذا التدفق الهائل، تعاني الكفرة من نقص حاد في الدعم، سواء من المنظمات المحلية أو الدولية، حيث لا تتوفر الموارد الكافية لتلبية احتياجات هؤلاء اللاجئين، الذين يعيشون في ظروف إنسانية صعبة للغاية. فالخيام التي تأويهم لا تحميهم من حر الشمس ولا برد الليل، ولا يجدون سوى القليل من الغذاء والماء.

في مدينة بنغازي، وعلى مسافة مئات الكيلومترات من الكفرة، تظهر مبادرة إسناد كحركة شعبية تأسست على يد مجموعة من السودانيين المقيمين في ليبيا منذ عقود. المبادرة تعمل على توفير فرص عمل للاجئين السودانيين، وهو ما يعتبر بمثابة شريان حياة لهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. المبادرة ليست مدعومة من أي جهة رسمية، وإنما هي نتاج تعاون مجتمعي بين السودانيين في بنغازي.

محمد المهدي محمد، رئيس المبادرة، أكد أن الهدف الرئيسي هو مساعدة اللاجئين في الحصول على فرص عمل حتى يتمكنوا من تحقيق الاستقرار المالي والاجتماعي. يعمل فريق المبادرة عبر تطبيق واتساب للتواصل مع جهات تحتاج إلى عمال، وتمكنت من توفير وظائف لسبعين نازحاً حتى الآن، سواء كسائقين أو في مجالات أخرى.

من بين هؤلاء الذين استفادوا من مبادرة إسناد، تبرز قصة مريم سليمان، الأم لخمسة أطفال، التي هربت مع أسرتها من أم درمان بعد أن سقطت قذيفة على منزلها. بعد رحلة شاقة، تمكنت مريم من الوصول إلى بنغازي، حيث وفر لها فريق إسناد وظيفة عاملة نظافة في أحد المستشفيات. رغم أن الدخل لا يكفي لتغطية احتياجات الأسرة، إلا أنه أفضل من الحياة التي تركتها خلفها في السودان.

على الجانب الآخر، يحكي حافظ عبد الله عن رحلة نزوحه مع أسرته من الخرطوم. حافظ، الذي كان يعمل سائقاً، وجد في مبادرة إسناد فرصة لتوظيفه كسائق جرافة، ما مكنه من توفير دخل يعينه على مواجهة الحياة الصعبة.

رغم أن ليبيا كانت تُعتبر محطة للمهاجرين الراغبين في العبور إلى أوروبا، إلا أن السودانيين الذين فروا من الحرب لا يسعون إلى الهجرة عبر البحر. وفقاً لمفتاح الشروي، رئيس وحدة العلاقات بجهاز الهجرة غير النظامية في طبرق، فإن ليبيا تعتبر “أوروبا” بالنسبة لهؤلاء اللاجئين. يستطيعون العمل والعيش فيها دون مواجهة الحاجز اللغوي، وهو ما يجعلهم يفضلون الاستقرار في ليبيا على المخاطرة بحياتهم في رحلة غير شرعية إلى أوروبا.

ورغم هذا الأمل الذي تمنحه مبادرة إسناد، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه اللاجئين السودانيين في ليبيا. ضعف الدعم الدولي والمحلي، وانعدام المساعدات الكافية، يجعل الحياة صعبة لهؤلاء الذين تركوا كل شيء خلفهم في السودان. كما أن خطر استغلالهم من قبل مهربي البشر يبقى دائماً ماثلاً، حيث يظل اللاجئون عرضة للاستغلال والاستعباد في ظل غياب الرقابة الدولية.

الحرب في السودان تسببت في أسوأ أزمة إنسانية عالمية، حيث يعاني نصف سكان البلاد من نقص حاد في الغذاء، وانتشرت أعمال العنف العرقي التي زادت من تعقيد الأوضاع. وفي ظل هذه الظروف، يبقى اللاجئون السودانيون في ليبيا في انتظار الفرج، سواء من خلال مبادرات مثل إسناد أو عبر تدخل دولي حقيقي يعيد لهم الأمل في الحياة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24