ليبيا الان

المزوغي: مصرف ليبيا المركزي مشلول والأزمة تهدد بثورة جياع

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

تعيش ليبيا في خضم أزمة اقتصادية وسياسية متشابكة لا تزال فصولها تتوالى بوتيرة متسارعة نحو كارثة محققة، وفقًا لما أدلى به السياسي والمرشح لرئاسة الحكومة الليبية الجديدة، محمد المزوغي، في تصريحاته الأخيرة. المزوغي دق ناقوس الخطر بخصوص مصرف ليبيا المركزي الذي وصفه بأنه “أصبح مشلولًا” نتيجة اتباع سياسة حافة الهاوية. إن تزايد الاعتماد على الاحتياطات الغذائية المحدودة والشح المالي الناجم عن هذا الشلل يضع ليبيا في موقف حرج قد يدفعها نحو صراع مفتوح على إيرادات النفط.

أزمة مصرف ليبيا المركزي ليست مجرد مشكلة اقتصادية، بل تشكل تهديدًا حقيقيًا على استقرار البلاد. فالمزوغي أشار إلى أن استمرار الأزمة من دون اتخاذ إجراءات عاجلة قد يقود البلاد إلى ما وصفه بـ”ثورة جياع”، قد تأتي على الأخضر واليابس في ليبيا. هذه الثورة المحتملة ليست مجرد نتيجة لانهيار السيولة، بل بسبب نفاد المخزون الغذائي الذي يغطي الاحتياجات الأساسية للبلاد. من الصعب تجاهل حقيقة أن ليبيا تعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد لتلبية حاجاتها الغذائية، وهذا يضع المزيد من الضغوط على المؤسسات المالية التي لا تستطيع تحمل العبء لفترة طويلة.

في ضوء الأزمة المالية المستفحلة، يتوقع المزوغي أن يؤدي هذا الوضع إلى انقسام ليبيا فعليًا، ليس فقط على مستوى السلطات الحاكمة، بل حتى على مستوى المؤسسات المالية. إن وجود حكومتين متصارعتين، ومصرفين مركزيين في شرق وغرب البلاد، قد يعمّق الانقسامات السياسية ويزيد من احتمالية نشوب نزاعات حول إيرادات النفط. المصرف المركزي الليبي لطالما كان عصب الاقتصاد الوطني، لكن الآن يبدو أن تأثيراته تتجه نحو انهيار اقتصادي شامل يهدد استقرار البلاد بأسرها.

ليبيا، الغنية بإيرادات النفط، تواجه مستقبلًا غامضًا نتيجة للشلل المالي الذي يعصف بمؤسساتها. فمن جهة، تعاني البلاد من تعطيل في عملية تصدير النفط، ومن جهة أخرى، تتزايد مخاوف المستثمرين الدوليين من استثمار في بيئة غير مستقرة. النفط، الذي كان يمثل شريان الحياة لاقتصاد البلاد، أصبح اليوم مصدرًا لنزاع سياسي محتمل قد ينتهي بانقسام ليبيا إلى دولتين منفصلتين.

يرى المزوغي أن العملية الانتخابية التي تعتبرها بعض الأطراف الليبية والدولية أملًا وحيدًا في الخروج من الأزمة، مهددة بالإجهاض بسبب حجم التناقضات والخلافات بين الأطراف السياسية المختلفة. ويشير إلى أن أحد أبرز الأسباب وراء هذا الإخفاق هو عدم التوافق بشأن الأساس القانوني للانتخابات. المفوضية العليا للانتخابات، التي كان يُفترض أن تكون العمود الفقري لهذه العملية، تواجه انتقادات لعدم تطبيق المعايير القانونية بشكل متساوٍ على جميع المرشحين، مما أدى إلى دخول عناصر في السباق الانتخابي لا تستوفي شروط الترشح.

إضافةً إلى هذه العقبات، يعاني المسار الانتخابي من تدخلات خارجية لا تُخفى على أحد. الدعم السياسي والعسكري لبعض الأطراف المسلحة من دول إقليمية ودولية يزيد من تعقيد المشهد الليبي، ويعزز من فرص حدوث اضطرابات وعنف قبل وبعد الانتخابات، مما يعيد ليبيا إلى مربع الفوضى.

لكن رغم سوداوية المشهد، يعتقد المزوغي أن الحل ليس مستحيلًا. فهو يرى أن المفتاح الأول لحل الأزمة الليبية يبدأ من السيطرة على السلاح المنفلت في يد المليشيات المسلحة. هذا السلاح يشكل حجر عثرة أمام أي محاولة حقيقية لإعادة بناء الدولة الليبية، واستعادة هيبتها. لكن السيطرة على السلاح وحدها ليست كافية. يتطلب الحل كذلك خروج المرتزقة والقوات الأجنبية التي تتدخل في الشأن الليبي. لا يمكن أن تنجح أي حكومة ليبية في استعادة سيادتها إلا بإخراج هذه القوى التي تزيد من تعقيد المشهد.

يدعو المزوغي إلى تشكيل حكومة أزمة مصغرة واحدة تمثل جميع أطياف المجتمع الليبي، حكومة تتمتع باعتراف دولي وتحظى بدعم محلي واسع، تكون مهمتها الأساسية تهيئة الأجواء لتحقيق الاستقرار وتنفيذ الانتخابات. هذه الحكومة يمكن أن تكون البوابة الأولى لإعادة وحدة البلاد، وتوحيد المؤسسات المنقسمة.

من خلال تقييمه للوضع الحالي، يرى المزوغي أن التدخلات الخارجية التي كانت السبب في كثير من المشكلات التي تعاني منها ليبيا يمكن أن تكون جزءًا من الحل. فعوضًا عن الاعتماد على المرتزقة أو القوات الأجنبية، يقترح المزوغي الرهان على المصالح الاقتصادية المشتركة بين ليبيا والدول الأخرى. هذه المصالح الاقتصادية يمكن أن تكون عاملًا حاسمًا في استقرار البلاد، من خلال إبرام اتفاقات اقتصادية تُرضي الأطراف الدولية وتُطمئنها بأن مصالحها ستظل محمية حتى بعد رحيل القوات الأجنبية.

لكن هذا الحل يتطلب تعاونًا دوليًا واسعًا، خاصة من المجتمع الدولي الذي يمكنه الضغط على الأطراف المتدخلة لوقف دعمها للأطراف المسلحة. وبفضل هذه الضغوط، يمكن تحقيق تسوية سياسية تُخرج ليبيا من دوامة العنف وتُعيد إليها استقرارها.

المزوغي يختتم تصريحاته بنبرة تفاؤلية رغم كل الصعوبات، مؤكدًا أن الحل لا يزال ممكنًا، شريطة وجود إرادة وطنية حقيقية، وضغط دولي فعال. ليبيا التي تتعرض للتمزق بسبب الصراعات السياسية والتدخلات الخارجية، يمكنها أن تعود إلى مسار الاستقرار إذا تم السيطرة على السلاح، وتوحيد الحكومة، وتوفير ضمانات أمنية حقيقية للانتخابات. إن بناء مستقبل مستقر وآمن لليبيا لا يعتمد فقط على الانتخابات، بل على تضافر الجهود الداخلية والخارجية لإخراج البلاد من أزمتها.

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24