ليبيا الان

مختار: غياب التفاوض الحقيقي بين النواب والدولة رغم قدرتهم.

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

تصريحات النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، ناجي مختار، كشفت عن أزمة جوهرية تعصف بمسار التفاوض السياسي في ليبيا. في تصريحاته الصحفية الأخيرة، شدد مختار على غياب المفاوضات الحقيقية بين مجلس النواب والدولة، رغم التحديات الكبرى التي تواجه البلاد وقدرتهما المشتركة على إحداث تغيير عبر إقرار التشريعات وتوحيد المؤسسات.

هذه التصريحات، وإن بدت تحذيرًا من نوعٍ ما، تعكس حقيقة سياسية مفادها أن الأزمة في ليبيا تتجاوز الاختلافات الظاهرة على السطح، لتكشف عن انقسامات أعمق في صفوف المؤسسات السياسية، وبالأخص مجلس الدولة الذي يعاني من انقسام داخلي يؤثر سلبًا على دوره كشريك سياسي فعال للبرلمان.

أشار مختار إلى نقطة بالغة الأهمية، وهي أن الشراكة السياسية بين مجلسي النواب والدولة ليست مجرد توافق بين ممثليهما في المفاوضات التي تسيرها البعثة الأممية. هذه المفاوضات، على الرغم من كونها منصة مهمة للحوار السياسي، لم تؤدِ إلى نتائج ملموسة. والسبب الرئيس يعود إلى عدم وجود رؤية موحدة بين المجلسين، إذ أن ما يتم في هذه المفاوضات لا يعبّر بالضرورة عن الإرادة المشتركة لكلا المجلسين.

هنا، يبرز دور القيادتين في كلا المجلسين، إذ من المفترض أن تتفق رئاستا المجلسين على الأهداف الأساسية للحوار، لتجنب فشل المفاوضات وتوحيد الجهود السياسية لتحقيق الاستقرار المنشود. ومن هذا المنطلق، يبدو أن الانقسامات الداخلية في مجلس الدولة، بالإضافة إلى تأثير القوى الخارجية على المشهد السياسي، تعيق بشدة تحقيق هذا التوافق، ما يؤدي إلى إضعاف العملية التفاوضية برمتها.

انقسام مجلس الدولة لا يمكن تجاهله في هذا السياق. فالمجلس الذي كان يُفترض أن يمثل أحد أعمدة الاستقرار السياسي، بات يعاني من تشتتٍ واضح في الرؤية والقيادة. الانقسامات الداخلية جعلت من الصعب على المجلس أن يقوم بدوره كشريك متكامل مع مجلس النواب في مباشرة الصلاحيات المنصوص عليها بالاتفاقيات السياسية.

وهنا، يثير تساؤل مهم: كيف يمكن لمجلس النواب ومجلس الدولة أن يتوصلا إلى توافق حول القضايا الرئيسية، مثل المصرف المركزي، إذا كان كل منهما يعاني من مشاكل داخلية تعرقل مسيرته السياسية؟ هذه الإشكالية تؤدي إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد، ما يزيد من صعوبة الوصول إلى حلول عملية تعيد الاستقرار وتوحيد المؤسسات السياسية.

أحد الملفات الشائكة التي أثارت اهتمام المختصين والمتابعين للشأن الليبي هو ملف المصرف المركزي. المختار يرى أن الحراك الحالي بشأن المصرف المركزي لن يؤدي إلى جديد في ظل الانقسام السياسي الحاد. هذا الملف الحساس يعتبر أحد أبرز المؤشرات على تعقيدات الوضع في ليبيا، حيث تتصارع الأطراف المختلفة على النفوذ والسيطرة.

البعثة الأممية تحاول جاهدةً التوصل إلى توافق بين الأطراف المختلفة، إلا أن الواقع السياسي المعقد يجعل من الصعب تحقيق تقدم فعلي. فالانقسامات العميقة بين المجلسين، وكذلك التدخلات الخارجية، تجعل من التوافق حول هذا الملف أمرًا شبه مستحيل في الوقت الحالي.

الوضع السياسي في ليبيا يتطلب إعادة نظر جذرية في الأولويات السياسية والتفاوضية. التصريحات التي أطلقها ناجي مختار تحمل في طياتها تحذيرًا من أن الاستمرار في تجاهل هذه الانقسامات وعدم التوافق بين مجلسي النواب والدولة قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في المشهد السياسي.

ومن هنا، يبدو أن الحل يكمن في ضرورة إعادة بناء الثقة بين المؤسسات السياسية المختلفة، وتوحيد الجهود نحو تحقيق أهداف مشتركة تستند إلى مصالح الشعب الليبي بعيدًا عن التجاذبات السياسية الضيقة. إن استقرار البلاد لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التوافق على رؤية موحدة تدفع نحو حل الملفات العالقة، وعلى رأسها توحيد المؤسسات المالية والسياسية.

إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فقد تجد ليبيا نفسها أمام مزيد من التحديات والأزمات. الشراكة السياسية بين مجلسي النواب والدولة تواجه اختبارًا حقيقيًا، وإذا لم يتمكن القادة السياسيون من تجاوز الخلافات الداخلية والتوصل إلى توافق شامل، فإن الأزمة السياسية قد تستمر لفترة أطول، مما يؤدي إلى مزيد من الفوضى والانقسام.

في النهاية، يبدو أن الطريق نحو الاستقرار السياسي في ليبيا ما يزال طويلًا وشائكًا. التصريحات التي أدلى بها ناجي مختار قد تكون مجرد بداية لتحرك سياسي جديد، ولكن هذا التحرك لن يكون فعالًا إلا إذا توافرت الإرادة الحقيقية من جميع الأطراف لتحقيق توافق فعلي حول القضايا الرئيسية التي تعصف بالبلاد.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24