ليبيا الان

تقرير الخارجية الأمريكية للشفافية المالية يكشف غياب الرقابة بـ ليبيا

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في ظل الأزمات السياسية والأمنية المتفاقمة التي تعصف بليبيا، جاء التقرير السنوي للشفافية المالية لعام 2024، الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية، ليؤكد مدى تعمق الفجوة بين الحكومة والشعب، وليكشف عن عوائق حقيقية تحول دون إرساء قواعد الحوكمة الرشيدة والشفافية المالية في البلاد. ووسط هذه المعطيات، يتبين أن الانقسامات السياسية والصراعات على السلطة تعرقل تقدم ليبيا نحو شفافية مالية تسهم في تحسين الوضع الاقتصادي المتدهور.

أبرز التقرير أن الانقسامات السياسية الداخلية هي المعضلة الكبرى التي تمنع حكومة الدبيبة منتهية الولاية في طرابلس من القيام بدورها الكامل في إدارة الميزانية بشكل طبيعي. فالحكومة تواجه تحديات كبيرة ناتجة عن الصراعات بين المؤسسات الحكومية المتنازعة، مما أدى إلى عرقلة تنفيذ عمليات الميزانية بصورة شفافة. هذه الانقسامات أثرت سلباً على الثقة الشعبية والرقابة المالية التي كان من المفترض أن تكون من دعائم الدولة الحديثة، مما زاد من تدهور الوضع المالي العام.

من أكبر المشاكل التي كشف عنها التقرير هي تصرف حكومة الدبيبة منتهية الولاية بالأموال العامة دون الرجوع إلى مجلس النواب أو الحصول على موافقته. فقد خصصت وصرفت الأموال بشكل مباشر دون إخضاعها للإشراف أو المحاسبة من قبل البرلمان. وهذا الانحراف عن الإجراءات المالية الشفافة يعكس مدى ضعف الرقابة على الصرف الحكومي ويطرح تساؤلات حول مصادر هذه الأموال ووجهات إنفاقها.

إلى جانب حكومة الدبيبة، تناول التقرير أيضاً أداء الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد الأخرى التي خصها مجلس النواب بميزانية مستقلة. هذه الحكومة تصرف الأموال دون وجود وضوح حول مصادر التمويل، مما يجعل الرقابة على التصرفات المالية شبه معدومة. وهذا الوضع يعمق الانقسامات ويؤدي إلى تضارب في المصالح بين حكومة الدبيبة والحكومة الليبية، مما يضعف الثقة في كلتا المؤسستين.

كما أوضح التقرير أن الشركات الكبرى المملوكة للدولة لم تلتزم بالإفصاح عن المخصصات المالية والإيرادات، ما يثير تساؤلات حول كيفية إدارة هذه الموارد. هذه الشركات، التي تعتبر من أهم ركائز الاقتصاد الليبي، لا تخضع لأي رقابة فعلية ولا تقدم تقارير دورية للجمهور حول أدائها المالي. غياب الشفافية هنا يعمق الأزمة الاقتصادية، ويعزز من الفساد المالي.

نقطة أخرى خطيرة كشفها التقرير وهي أن الميزانيات العسكرية والاستخباراتية لا تخضع لأي رقابة برلمانية أو مدنية. هذه الميزانيات تبقى في نطاق السرية ولا يتم الكشف عنها علنياً، مما يزيد من احتمالية إساءة استخدام الموارد العسكرية. بدون رقابة أو مساءلة، تصبح هذه الموارد عرضة للفساد، ما يؤدي إلى تفاقم النزاعات المسلحة في ليبيا ويضعف المؤسسات المدنية.

أشار التقرير إلى غياب الإطار القانوني لصندوق الثروة السيادية، الذي يُفترض أن يكون أحد أعمدة الاقتصاد الليبي. عدم وجود استراتيجية استثمارية واضحة وعدم إصدار بيانات مالية علنية يثير المخاوف حول كيفية إدارة هذه الأموال التي يُفترض أن تعود بالفائدة على الأجيال القادمة.

في ختام التقرير، وضعت الخارجية الأمريكية عدة توصيات لتحسين الشفافية المالية في ليبيا. من أبرز هذه التوصيات أن تشتمل ميزانية الدولة على معلومات واضحة عن التزامات الديون، بما في ذلك ديون الشركات الكبرى المملوكة للدولة. إضافة إلى ضرورة إخضاع الميزانيات العسكرية والاستخباراتية للرقابة البرلمانية والمدنية لضمان استخدامها في الأوجه المخصصة لها.

كما شدد التقرير على أهمية أن تكون وثائق الميزانية قابلة للمقارنة من سنة إلى أخرى، وتوفير بيئة رقابية مستقلة تلبي المعايير الدولية. هذا إلى جانب أهمية توزيع النفقات بشكل عادل لدعم المكاتب التنفيذية.

إن ليبيا بحاجة ماسة إلى نظام مالي شفاف ورقابي يُعزز من الثقة بين الحكومة والمواطنين ويؤسس لبيئة اقتصادية مستقرة. ومع أن التقرير كشف عن العديد من التحديات، إلا أن تحسين الشفافية المالية قد يكون مفتاحاً لإخراج البلاد من دوامة الانقسامات والأزمات التي تعصف بها. فقط من خلال شفافية أكبر ورقابة أقوى يمكن لليبيا أن تستعيد استقرارها وتؤسس لمستقبل اقتصادي أفضل.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24