في خطوة يُنتظر أن تكون فارقة في إعادة هيكلة المؤسسات المالية في ليبيا، أعلن عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، أن المجلس سيصادق غدًا الإثنين على تعيين محافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه. ويُعد هذا القرار إحدى المحطات الهامة في السعي نحو إصلاح الأوضاع الاقتصادية في البلاد، التي شهدت تدهورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية نتيجة للتوترات السياسية والانقسامات الإدارية.
وأوضح العرفي في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24″،أنه وفقًا للقانون الليبي، يعود لمحافظ المصرف المركزي اختصاص ترشيح أعضاء مجلس إدارة المصرف، مشيرًا إلى أن المحافظ سيعمل، بالتشاور مع الجهات التشريعية، على اختيار الشخصيات المناسبة لهذا المنصب الهام. ويضيف العرفي أن هذا الترشيح يأتي ضمن سياق أوسع من الإصلاحات التي تهدف إلى تقوية الدور الرقابي والمالي للمصرف المركزي، والتأكيد على دوره كجهة محايدة ومستقلة بعيدًا عن النزاعات السياسية.
أشار العرفي إلى أن مجلس النواب، بالتنسيق مع المجلس الأعلى للدولة، سيعمل على اعتماد مقترح مجلس الإدارة. هذا التشاور يُعد خطوة نحو تعزيز التعاون بين السلطات المختلفة، وهو ما يعكس توجهًا نحو توحيد المؤسسات المالية وإبعادها عن التجاذبات السياسية التي لطالما أثرت سلبًا على أداء الاقتصاد الليبي. وأكد العرفي أن هذه الخطوات تأتي في إطار التزام الحكومة بإعادة هيكلة الاقتصاد وتفعيل السياسات المالية التي تخدم جميع شرائح المجتمع.
من النقاط الهامة التي تحدث عنها العرفي كانت قدرة المحافظ الجديد على مواجهة التحديات المتعلقة بالسوق الموازي وسوق الاعتمادات. إذ أشار إلى أن المحافظ الجديد مُطّلع بشكل دقيق على خبايا هذه السوق وما يحيط بها من عمليات غير رسمية، والشركات التي تتعامل فعليًا مع المصرف المركزي. وهذا الاطلاع الدقيق من شأنه أن يُسهم في معالجة مشكلة الفجوة الكبيرة بين السوق الرسمي والسوق الموازي، التي تسببت في إضعاف قيمة الدينار الليبي لسنوات.
أبرز العرفي توقعاته بأن يبدأ المصرف المركزي في اتخاذ خطوات عملية لتقوية الدينار الليبي أمام الدولار. هذه الخطوة، التي طال انتظارها، تأتي في ظل مساعي المصرف لتفعيل آليات مالية جديدة من شأنها دعم الاقتصاد الوطني. وأوضح العرفي أن التوجه العام للإدارة الجديدة سيكون نحو إعادة التوازن للسوق المالي وتعزيز الثقة في العملة المحلية. ويُعد هذا التطور جزءًا من حزمة أوسع من الإصلاحات المالية التي يُتوقع أن تسهم في تعزيز الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتنشيط حركة الاقتصاد الليبي.
واستطرد العرفي بالحديث عن أهمية توزيع الثروة بشكل عادل بين المناطق المختلفة في ليبيا، مشددًا على ضرورة عدم اصطفاف المصرف المركزي مع أي جهة سياسية أو الدخول في صراعات. فالمصرف يجب أن يبقى مؤسسة وطنية محايدة تعمل لصالح جميع الليبيين بغض النظر عن توجهاتهم السياسية. ومن خلال هذه السياسة، يرى العرفي أن المصرف المركزي سيكون قادرًا على لعب دوره الأساسي في إدارة الشؤون المالية للدولة بشكل أكثر كفاءة وعدالة.
في ظل الانقسامات السياسية التي أثرت على العديد من مؤسسات الدولة، يُعتبر الحفاظ على استقلالية المصرف المركزي أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الليبية. العرفي أكد أن التوجه الحالي هو ضمان بقاء المصرف بعيدًا عن أي تجاذبات أو ضغوطات سياسية قد تؤثر على قراراته وسياساته. وبهذا، سيكون المصرف قادرًا على تقديم خدمات مالية محايدة لجميع الأطراف وتحقيق الاستقرار المالي الذي يحتاجه الاقتصاد الليبي.
ختامًا، يشدد العرفي على أهمية تعزيز الثقة في المصرف المركزي كمؤسسة وطنية تمثل جميع الليبيين. إذ أن النجاح في تحييد المصرف عن الصراعات السياسية، وتطبيق السياسات المالية الصحيحة، سيعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وسيُسهم في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين.