المجلس الرئاسي.. بؤرة توتر سياسية واقتصادية
يشهد المشهد السياسي مرة أخرى تأجيجاً للتوترات الداخلية، وهذه المرة على خلفية التدخلات المثيرة للجدل للمجلس الرئاسي، والذي بات يشكل عائقاً أمام استقرار البلاد، بحسب تصريحات المحلل السياسي كامل المرعاش. يرى المرعاش أن المجلس الرئاسي، الذي تم إنشاؤه كجزء من محاولات تحقيق الاستقرار في ليبيا، أصبح الآن مصدرًا للتوتر بدلًا من أن يكون عاملاً موازنًا، حيث يتدخل في مسائل خارج نطاق صلاحياته ويضع نفسه في مواجهة المؤسسات الأخرى، مما يعمق الأزمة بدلاً من حلها.
تدخلات المجلس الرئاسي في اختصاصات خارج صلاحياته
يشير المرعاش في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“ إلى أن تدخل المجلس الرئاسي في مسألة المحكمة الدستورية المزمع إنشاؤها هو دليل آخر على سياساته الخاطئة. المحكمة الدستورية، التي من المفترض أن تكون أول محكمة دستورية في تاريخ ليبيا، أصبحت ساحة جديدة للتنازع السياسي بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب. يرى المرعاش أن تدخل المجلس الرئاسي في هذا الملف ليس من صلاحياته ويعمل على إرباك الساحة السياسية والقانونية في البلاد.
“المجلس الرئاسي يتدخل في قضايا ليست من اختصاصه بالمرة، مما يربك المشهد السياسي والمالي في البلاد”، يقول المرعاش، مشددًا على أن هذا التدخل ليس له سوى هدف واحد، وهو خدمة حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، التي ترفض الأطراف السياسية الأخرى استمرارها في الحكم.
استمرار حكومة الدبيبة ضمان لبقاء المجلس الرئاسي
من وجهة نظر المرعاش، يرتبط مصير المجلس الرئاسي بشكل وثيق بمصير حكومة الدبيبة. ويرى المحلل السياسي أن الأعضاء الثلاثة للمجلس يدركون أن بقاءهم مرتبط بشكل مباشر باستمرار حكومة الدبيبة. “أعضاء المجلس الرئاسي الثلاثة يرون في رحيل حكومة الدبيبة نهاية محتومة لمجلسهم، ولهذا يسعون بأي ثمن لإبقائها في السلطة”، يقول المرعاش.
أحد الأسباب الرئيسية لهذا الارتباط هو ما يصفه المرعاش بـ “الضبابية” في صلاحيات المجلس الرئاسي. فقد أُنشئ هذا المجلس بمهام محددة، إلا أنه سرعان ما فقد الكثير من صلاحياته لحكومة الدبيبة، وأصبح أشبه بمكتب تابع لها.
أزمة المصرف المركزي: أحد تداعيات تدخل المجلس الرئاسي
من بين أبرز الأزمات التي تسبب فيها المجلس الرئاسي، بحسب المرعاش، هو الإرباك الذي أحدثه في المصرف المركزي الليبي، والذي كان له آثار مدمرة على الاقتصاد الليبي. يرى المرعاش أن التدخلات المتكررة للمجلس الرئاسي في شؤون المصرف، ومحاولاته التأثير على سياسته النقدية، ساهمت في تفاقم الأزمة المالية في البلاد، حيث يعاني الاقتصاد الليبي من تضخم متزايد وانهيار في قيمة العملة الوطنية.
“لقد تسبب المجلس الرئاسي في أزمة خطيرة للمصرف المركزي، وأدى إلى إرباك مالي واقتصادي كبير”، يضيف المرعاش.
تهديد استقلال القضاء الليبي
ومن القضايا الأخرى التي تثير قلق المرعاش، هي محاولة المجلس الرئاسي التدخل في السلطة القضائية. يشير المرعاش إلى أن المحكمة الدستورية التي يعتزم المجلس الرئاسي إنشاؤها قد تكون الخطوة الأولى نحو تقسيم السلطة القضائية، وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا على الاستقرار القانوني في ليبيا. القضاء الليبي، الذي ظل حتى الآن المؤسسة الوحيدة التي لم تتأثر بالصراعات السياسية، بات مهددًا بالانقسام، بحسب المرعاش.
“إن تصريحات المجلس الرئاسي حول المحكمة الدستورية تستهدف بشكل واضح مؤسسة القضاء، التي يجب الحفاظ عليها كآخر معقل للحياد في ليبيا”، يقول المرعاش. وأضاف أن “المجلس الرئاسي يسعى إلى إحداث انقسام في النظام القضائي الليبي، وهو أمر خطير يجب دحضه”.
النتائج المتوقعة من استمرار التدخلات
وفي ختام تصريحاته، يعبر المرعاش عن مخاوفه من أن استمرار تدخلات المجلس الرئاسي في القضايا الحساسة سيؤدي إلى تعميق الانقسام في البلاد ويزيد من تعقيد الأزمة الليبية. ويرى أن الحل الوحيد هو إيقاف هذه التدخلات، والتركيز على البحث عن حلول حقيقية للأزمة.
يختتم المرعاش حديثه بالقول: “بدلاً من أن يكون المجلس الرئاسي جزءًا من الحل، أصبح الآن جزءًا من المشكلة. يجب على الأطراف السياسية في ليبيا أن تدرك أن استمرار هذه التدخلات سيؤدي فقط إلى مزيد من الفوضى والانقسام”.
الخاتمة
يبقى المشهد السياسي الليبي معقدًا ومحاطًا بالتوترات، حيث تلعب التدخلات السياسية دورًا رئيسيًا في تعميق الأزمة. وبينما تسعى بعض الأطراف للحفاظ على المؤسسات الرئيسية في البلاد، يرى مراقبون مثل كامل المرعاش أن المجلس الرئاسي بات يمثل تهديدًا لهذه المؤسسات. ومع استمرار الأزمة، يبقى التساؤل حول ما إذا كانت ليبيا قادرة على الخروج من هذا النفق المظلم، أم أن التدخلات السياسية ستبقى العامل المعرقل لأي تقدم محتمل.