ليبيا الان

الجنائية الدولية ترفع السرية عن مذكرات اعتقال الليبيين الستة

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في خطوة تعتبر محورية على طريق تحقيق العدالة في ليبيا، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية عن رفع السرية عن مذكرات اعتقال صادرة بحق ستة ليبيين متهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مدينة ترهونة. هذا الإعلان، الذي صدر عن المدعي العام للمحكمة كريم خان، يسلط الضوء على الجرائم التي ارتكبت خلال سيطرة ميليشيا الكانيات على المدينة في الفترة ما بين عامي 2015 و2020.

ترهونة، المدينة التي عانت لعقود من النزاعات والاضطرابات، أصبحت ساحة مفتوحة لجرائم ميليشيا الكانيات التي فرضت سيطرتها الحديدية على المنطقة. من عام 2015 حتى يونيو 2020، كانت المدينة تحت سيطرة هذه الميليشيا التي مارست أعمال عنف ممنهج ضد السكان المدنيين. وبحسب ما ذكره كريم خان في بيانه، فإن 3 من المشتبه بهم الستة كانوا قادة أو أعضاء بارزين في هذه الميليشيا، بينما كان الآخرون مرتبطين بقطاع الأمن الليبي، مما يجعل التواطؤ الرسمي في هذه الجرائم أمراً لا يمكن تجاهله.

منذ يونيو 2020، وبعد أن فقدت ميليشيا الكانيات سيطرتها على ترهونة، تم اكتشاف مئات الجثث في مقابر جماعية موزعة في المدينة ومحيطها. الضحايا، الذين تتراوح أعمارهم بين أطفال وكبار، كانوا على الأغلب محتجزين في ظروف قاسية قبل أن يتم قتلهم بطرق وحشية. وقال خان في بيانه: “تلقينا مجموعة واسعة من المعلومات الموثوقة التي تشير إلى أن سكان ترهونة تعرضوا لجرائم ترقى إلى جرائم حرب”.

إصدار مذكرات الاعتقال جاء بعد طلبات تقدم بها مكتب المدعي العام في نوفمبر 2022 وأبريل 2023، واستندت إلى أدلة وشهادات جمعتها المحكمة خلال تحقيقاتها الطويلة. الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية درست الطلبات والأدلة المقدمة ووجدت بأغلبية الأصوات أن هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن المشتبه بهم ارتكبوا الجرائم المزعومة.

وأكد كريم خان أن إصدار هذه المذكرات ورفع السرية عنها يشكل “لحظة مهمة” في تحقيق العدالة لضحايا الجرائم التي ارتكبت في ترهونة. وأوضح أن هذه الخطوة جاءت لتعزيز فرص القبض على المشتبه بهم، وتقليل المخاطر التي قد تعرقل التحقيق الجنائي الجاري.

بينما تركز الأنظار على ميليشيا الكانيات، لا يمكن إغفال دور بعض أعضاء قطاع الأمن الليبي الذين كانوا متواطئين أو متورطين بشكل مباشر في الجرائم المرتكبة. هذا التواطؤ الرسمي يمثل تحديًا إضافيًا أمام العدالة الدولية، خاصة في ظل استمرار بعض عناصر هذه الجهات في مواقعهم الرسمية.

ورغم أن السلطات الليبية أبدت استعدادها للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن التحديات السياسية والأمنية التي تواجه ليبيا تجعل من الصعب تحقيق تقدم ملموس في هذا الملف. وأعرب كريم خان عن أمله في أن يكون رفع السرية عن مذكرات الاعتقال خطوة نحو تسليم المتهمين للمحكمة.

في عام 2022، قام المدعي العام كريم خان بزيارة ترهونة، حيث استمع إلى روايات مروعة من الناجين وعائلات الضحايا. قال خان في بيانه: “سمعت روايات عن أشخاص احتُجزوا في ظروف مروعة وغير إنسانية، ورأيت مزارع ومواقع مكبات نفايات تحولت إلى مقابر جماعية”. هذه الزيارة كانت لحظة حاسمة في تحقيقات المحكمة، حيث أضافت بعدًا إنسانيًا عميقًا للجرائم التي كانت حتى ذلك الوقت مقتصرة على الأدلة المادية.

أكد المدعي العام أن مكتبه يسعى إلى العمل بشكل وثيق مع السلطات الليبية لضمان محاكمة المتهمين. وأعرب عن أمله في أن يساعد التعاون بين المحكمة والسلطات الوطنية في تأمين اعتقال المشتبه بهم وتسليمهم للمحكمة. كما شدد على أن ليبيا تظل أولوية بالنسبة لمكتبه، وأن التحقيق في الجرائم المرتكبة هناك يعد جزءًا أساسيًا من استراتيجية المحكمة للتحقيقات الدولية.

مع استمرار التحقيقات في الجرائم المرتكبة في ليبيا، يبقى الأمل معقودًا على تحقيق العدالة والمساءلة. الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في ترهونة، بما في ذلك القتل الجماعي والتعذيب والاختفاء القسري، تعد من أبشع الجرائم التي يمكن أن ترتكب ضد المدنيين.

إصدار مذكرات الاعتقال ضد القادة البارزين في ميليشيا الكانيات وأعضاء قطاع الأمن الليبي المتورطين في هذه الجرائم يشير إلى أن الإفلات من العقاب لن يكون ممكنًا. فالعدالة قد تتأخر، لكنها لن تغيب. والمجتمع الدولي، ممثلاً في المحكمة الجنائية الدولية، مصمم على تحقيق المساءلة وإنصاف الضحايا.

ورغم التحديات التي تواجه مسار العدالة في ليبيا، يبقى الأمل موجودًا في أن تكون هذه المذكرات خطوة نحو محاكمة المتهمين وتحقيق العدالة. الجرائم التي ارتكبت في ترهونة هي جزء من تاريخ مؤلم للشعب الليبي، لكنها أيضًا جزء من رحلة طويلة نحو العدالة والمساءلة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24