ليبيا الان

الفاخري يصر على شرعية إدارة جمعية الدعوة الإسلامية

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

صالح الفاخري وحكومة الدبيبة: صراع الشرعية وأموال الجمعية

في مشهد سياسي ليبي مشحون بالتجاذبات والصراعات، يبرز اليوم نزاع جديد يتعلق بجمعية الدعوة الإسلامية، مؤسسة عريقة تجمع بين العمل الإنساني والدعوة الإسلامية في جميع أنحاء العالم. تقف الجمعية في قلب هذا النزاع الذي يتجسد في صراع على الشرعية، ممثلًا بين مجلس النواب وحكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية ولايتها. وبينما يشتعل الخلاف القانوني والسياسي، تظل أموال الجمعية في مرمى النيران، ما يهدد استقرار هذه المؤسسة.

الفاخري: الشرعية مع مجلس النواب

رئيس لجنة إدارة جمعية الدعوة الإسلامية، صالح الفاخري، يخوض معركة شرسة للحفاظ على شرعية الإدارة المكلفة من مجلس النواب، السلطة التشريعية في البلاد. في خطابه الموجه إلى مصرف الجمهورية فرع المقريف، وتحصلت “أخبار ليبيا 24” على نسخة منه، شدد الفاخري على ضرورة عدم التعامل مع أي إدارة غير تلك المعترف بها من مجلس النواب. ويأتي تحذيره هذا في ظل محاولات الحكومة منتهية الولاية بقيادة عبد الحميد الدبيبة للسيطرة على إدارة الجمعية.

“أي تغيير في المخولين بالتوقيع على حسابات الجمعية يضعكم تحت طائلة القانون”، هكذا صرّح الفاخري بحزم، مؤكدًا أن أي إجراء خارج عن الإطار القانوني سيعد انتهاكًا صارخًا للتشريعات النافذة. يشير هذا إلى صراع عميق بين الشرعية القانونية والتوجهات السياسية المختلفة، حيث تتشابك المصالح في هذا الملف الذي يمثل نموذجًا حيًا لما تشهده ليبيا من فوضى في المشهد السياسي.

الدبيبة والتحدي القانوني: فرض الواقع

على الجانب الآخر، قررت حكومة الدبيبة تفعيل قرار قديم يقضي بتشكيل مجلس إدارة جديد لجمعية الدعوة الإسلامية. وعلى الرغم من المعارضة الشديدة لهذا القرار من قبل الفاخري وعدد من النواب، إلا أن حكومة الدبيبة تواصل سعيها لفرض مجلس الإدارة الجديد، معتبرة أن هذا التغيير ضروري لضمان حسن سير العمل داخل الجمعية. هذا القرار أثار موجة من الجدل في الأوساط السياسية والقانونية، حيث يرى الكثيرون أن هذه الخطوة تتعارض مع التشريعات المعمول بها في ليبيا.

ما يزيد من تعقيد الموقف هو أن الجمعية ليست كيانًا محليًا فحسب، بل هي مؤسسة دولية تضم في عضويتها ممثلين لأكثر من 50 دولة إسلامية. ومع هذه التعقيدات الدولية، يصبح القرار أكثر خطورة على سمعة الجمعية، خصوصًا في ظل اتهامات بمحاولة السيطرة على أموال الجمعية بطرق غير قانونية.

الأموال على المحك: هل تستهدف الجمعية؟

في ظل هذا الصراع على الشرعية، تظل أموال جمعية الدعوة الإسلامية هدفًا واضحًا لمحاولات السيطرة. تُقدَّر الأرصدة المالية للجمعية بمبالغ ضخمة تم تخصيصها لأغراض إنسانية ودعوية في مختلف أنحاء العالم. وتعتبر الجمعية نفسها حارسًا على هذه الأموال، محذرةً من أن أي محاولة للعبث بها ستضر ليس فقط بمصالح الليبيين، بل بمكانة ليبيا الدولية.

الجمعية أشارت في بيان لها إلى أن هذه الأموال “مخصَّصة للدعوة ومساعدة المسلمين في مختلف أرجاء العالم”، وأن محاولات السيطرة عليها تُعد انتهاكًا لسمعتها العريقة. وفي ظل غياب الرقابة الفعالة على أموال الجمعية بسبب قرار رفع الرقابة المصاحبة من قبل ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية، تزداد المخاوف من أن تصبح هذه الأموال عرضة للنهب أو التحويل بطرق غير مشروعة.

الجمعية في مواجهة السلطة: إلى أين تسير الأمور؟

مع تصاعد ردة الفعل حول قرار حكومة الدبيبة، يستمر الجدل حول المستقبل القريب لجمعية الدعوة الإسلامية. من الواضح أن الصراع لا يتعلق فقط بمن يكون له الحق في إدارة الجمعية، بل يشمل أيضًا محاولة الحفاظ على كيان الجمعية بعيدًا عن الصراعات السياسية. وما يزيد من خطورة الموقف هو أن مجلس إدارة الجمعية الحالي يرى أن محاولات الدبيبة لتغيير المجلس لا تستند إلى أساس قانوني، وأن الجمعية تتبع مجلس النواب بحكم القانون الليبي.

من جهة أخرى، تستمر حكومة الدبيبة في الدفاع عن قرارها، معتبرة أن الهدف منه هو تحسين عمل الجمعية وتطوير أدائها. لكن هذا الموقف لم يكن كافيًا لإيقاف موجة الانتقادات، خصوصًا بعد أن أبدى المجلس الرئاسي نفسه معارضته للقرار، معتبرًا أنه “مخالف للقانون” ويجب أن تتم التغييرات من خلال الجهة المخولة بذلك، وهي مجلس النواب.

ختام النزاع: بانتظار الحلول القانونية

في نهاية المطاف، يُنتظر أن تتخذ المحكمة الليبية قرارًا حاسمًا بشأن النزاع على إدارة جمعية الدعوة الإسلامية. ومع تزايد التوترات السياسية، يبدو أن الحلول القانونية ستكون الفيصل في هذه المعركة. ولكن في الوقت نفسه، تظل المخاوف قائمة بشأن تأثير هذا النزاع على مستقبل الجمعية وأموالها، خاصة في ظل محاولات مستمرة من عدة أطراف للسيطرة على مواردها.

هذا الصراع يعكس الواقع الليبي المضطرب، حيث تتداخل السياسة مع القانون في مشهد معقد يصعب التنبؤ بنتائجه. وبينما تستمر جمعية الدعوة الإسلامية في الدفاع عن نفسها أمام محاولات فرض الواقع الجديد، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستنجح الشرعية في الانتصار في هذه المعركة، أم ستفرض السياسة كلمتها على القانون؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24