ليبيا الان

فرنسا تدعو لإطلاق المسار السياسي لحلحلة الأزمة الليبية

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في سياق الأزمة السياسية والأمنية التي تخيم على ليبيا منذ سنوات، تبرز التحركات الدولية كجزء أساسي من الجهود الرامية لحلحلة الصراع المتفاقم. من بين هذه التحركات، يأتي الاجتماع الأمني الذي عُقد برئاسة مشتركة بين سفير فرنسا لدى ليبيا، مصطفى مهراج، وبعثة الأمم المتحدة، في إطار متابعة مقررات مؤتمر برلين. هذا الاجتماع، الذي انعقد في مدينة بنغازي بعد أربع سنوات من اتفاقية وقف إطلاق النار، شكّل محطة مهمة في الجهود الدولية لتحقيق استقرار ليبيا، وسط تبادلات مثمرة تناولت التحديات الأمنية والعسكرية التي تواجه البلاد.

في إطار حديثه عن أهمية المسار السياسي لتحقيق الاستقرار الأمني في ليبيا، أكد السفير الفرنسي مصطفى مهراج على الدور المحوري الذي يلعبه التنسيق بين الجهود السياسية والأمنية. ووفقاً لتصريحاته، فإن أي تقدم حقيقي في المسار الأمني لا يمكن أن يتحقق إلا بإطلاق مسار سياسي شامل يمكّن مختلف الأطراف الليبية من المشاركة في صياغة مستقبل بلادهم. ويعتبر مهراج أن هذا التنسيق بين المسارين هو العامل الرئيسي لحلحلة الأزمة السياسية، خاصة وأن المؤسسات الليبية، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، ما زالت تعاني من الانقسامات التي تعيق عملية بناء الدولة.

إلى جانب الدعوة لإطلاق المسار السياسي، أبدى مهراج دعماً كاملاً لمهام مجموعة “5+5” التي تشكلت كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار. هذه المجموعة التي تضم ممثلين عسكريين من الطرفين المتنازعين في ليبيا، تعد إحدى الركائز الأساسية التي يعول عليها المجتمع الدولي لتحقيق تقدم ملموس على الصعيدين الأمني والعسكري. وأشار مهراج إلى أن نجاح هذه المجموعة في تحقيق أهدافها يعتمد بشكل كبير على توحيد المؤسسات الليبية، بما فيها المؤسسة العسكرية، لضمان الأمن والاستقرار في البلاد. هذا التوحيد هو المفتاح لإنهاء حالة الفوضى التي تعاني منها ليبيا، والتي أدت إلى تصاعد العنف والانقسام السياسي.

الاجتماع الذي استضافته بنغازي شهد تبادلات مثمرة بين الحضور، حيث ناقش المشاركون أبرز التحديات الأمنية والعسكرية التي تواجه ليبيا في المرحلة الحالية. ومن بين هذه التحديات، تأتي مسألة توحيد الجيش الليبي كأولوية قصوى لتحقيق الاستقرار. كما تطرقت النقاشات إلى أهمية تعزيز التعاون بين الأطراف الدولية والليبية لضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل، وتجنب العودة إلى العنف المسلح الذي يهدد أمن واستقرار البلاد.

في سياق موازٍ للتحركات الأمنية والسياسية، جاءت تصريحات السفير الروسي لدى ليبيا، أيدار أغانين، لتسلط الضوء على جهود جديدة تُبذل لتحقيق المصالحة الوطنية الليبية. في اجتماع جمعه بالممثلة الخاصة لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي لدى ليبيا، وحيدة العياري، جرى التركيز على الدور الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الأفريقي في تسيير ملف المصالحة، وذلك من خلال التنسيق مع الأطراف الليبية المعنية. هذه الجهود تأتي ضمن رؤية شاملة لتعزيز الاستقرار في ليبيا، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية مشاركة جميع الأطراف الليبية في عملية المصالحة لضمان حل دائم ومستدام للصراع.

دور الاتحاد الأفريقي في هذا السياق لا يقتصر على مجرد الدعم الدبلوماسي، بل يشمل جهوداً ملموسة في دعم المصالحة الوطنية عبر التنسيق المباشر مع الأطراف الليبية الفاعلة. من خلال تفعيل آليات الحوار والمصالحة، يسعى الاتحاد إلى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين وخلق أرضية مشتركة تتيح لهم التوصل إلى حلول سياسية شاملة. ويأتي هذا التحرك في إطار مساعي الاتحاد لتعزيز استقرار ليبيا ودعم المسارات السياسية والأمنية القائمة.

ورغم هذه الجهود، يبقى السؤال الرئيسي: هل ستنجح الأطراف الدولية والليبية في تفعيل المسارين السياسي والأمني بشكل متزامن؟ فالمشهد الليبي لا يزال معقداً، والصراع بين الأطراف المختلفة يعكس تبايناً كبيراً في المصالح والأهداف. يبقى التحدي الأكبر هو توحيد المؤسسات الليبية بشكل فعال، وضمان انخراط جميع الأطراف في عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب الليبي في الأمن والاستقرار.

التحديات التي تواجه ليبيا في المرحلة الحالية تتطلب تنسيقاً دولياً شاملاً يتجاوز الحلول الجزئية. فمن خلال توحيد المسارات السياسية والأمنية، ودعم المؤسسات الليبية، وتفعيل آليات المصالحة الوطنية، يمكن لليبيا أن تجد طريقها نحو الاستقرار. تحركات فرنسا وروسيا والأمم المتحدة، إلى جانب الاتحاد الأفريقي، تشكل خطوات مهمة في هذا الاتجاه، ولكن النجاح في تحقيق الحل الشامل يتطلب إرادة سياسية قوية من جميع الأطراف الليبية والدولية المعنية.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24