يواجه المجلس الرئاسي انتقادات شديدة من قبل السياسيين والمحللين، منهم نصرالله السعيطي، الذي يصف الوضع الحالي في ليبيا بأنه محبط ومربك. تأتي هذه الانتقادات في سياق تعثر الاتفاقيات السياسية التي كان من شأنها دفع المسار السياسي في البلاد، في ظل قرارات يراها البعض متخبطة، لا سيما بعد قرار مجلس النواب بتجميد عمل المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة التي يعتبرها العديد من الليبيين منتهية الولاية.
السعيطي في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24”، يشير إلى أن المجلس الرئاسي تجاوز صلاحياته بتشكيل مفوضية الاستفتاء والاستعلام. وبحسب السعيطي، فإن هذه الخطوة تمثل انتهاكًا واضحًا للإعلان الدستوري والاتفاقيات الدولية التي تنظم عمل المؤسسات الانتقالية في ليبيا. إذ يُعتقد أن هذا القرار جاء بتوجيه من حكومة الدبيبة منتهية الولاية، التي سعت إلى تكريس سلطتها عبر المجلس الرئاسي، على الرغم من غياب إجماع دولي ومحلي حول شرعيتها.
ويرى السعيطي أن قرار الدعوة للاستفتاء العام، الذي صدر عن المجلس الرئاسي، يعبر عن رغبة الرئاسي في الرد على قرار مجلس النواب بتجميد صلاحياته، حيث يعتبر النواب كيانًا منتخبًا لا يحق لأحد إقصاؤه دون إرادة الشعب الليبي من خلال انتخابات جديدة. وأضاف أن هذه الدعوة للاستفتاء لن تلقى قبولًا في مناطق الشرق والجنوب، اللتين تدعمان بشكل كبير موقف مجلس النواب.
وفقًا للسعيطي، فإن هذا القرار من شأنه أن يُعقد المشهد السياسي، لا سيما أنه يأتي في وقت تشتد فيه الحاجة إلى تضافر الجهود بين الأطراف المختلفة لتجاوز الأزمة التي تمر بها ليبيا. كما أشار إلى أن أي استفتاء يجرى بطريقة إلكترونية ومبسطة، لن يحظى بالمصداقية، ولن تشارك فيه أجزاء واسعة من ليبيا، ما قد يُفضي إلى مزيد من الانقسام، ويجعل تحقيق الانتخابات البرلمانية والرئاسية الشاملة أمرًا بعيد المنال.
وفي سياق حديثه، أشار السعيطي إلى دور القوى الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، التي تبدي اهتمامًا متزايدًا بالأزمة الليبية، وتحرص على عدم اتخاذ قرارات من شأنها تعقيد الوضع، خصوصًا القرارات التي تصدر دون تشاور مع الأطراف الليبية كافة. وذكر أن المجتمع الدولي، وعلى الأخص الأمم المتحدة، لم تُبدِ ترحيبًا بهذا القرار، إذ لم يُطرح هذا القرار على طاولة مجلس الأمن الدولي في جلسته الأخيرة.
ويبدو أن هذا الاستفتاء، حسبما يرى السعيطي، يسعى إلى استبعاد أطراف محددة من المشهد السياسي، وإرسال رسائل إلى المجتمع الدولي تفيد بأن الشعب الليبي لا يدعم بعض الأطراف، في حين أن الواقع يشير إلى أن غالبية الليبيين يرفضون المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة، الذين يعتبران في نظرهم كيانين فقدا شرعيتهما منذ فترة طويلة.
ويرى السعيطي أن المضي قدمًا في هذا الاستفتاء قد يؤثر سلبًا على مسار الحوار بين الأطراف الليبية، ويعيق الوصول إلى حلول سياسية شاملة، لاسيما وأن الحوار بات ضرورة ملحة للحفاظ على وحدة ليبيا، وتجاوز مرحلة عدم الاستقرار التي تُلقي بظلالها على كافة مناحي الحياة اليومية لليبيين.
وأضاف السعيطي أن إجراء استفتاء كهذا من شأنه أن يعزز الانقسام، إذ لا يمكن قبول قرارات أحادية الجانب من شأنها أن تدفع بمناطق معينة إلى رفض المشاركة في هذا الاستفتاء، خصوصًا وأن المنطقة الشرقية والغربية تعانيان أصلاً من انقسامات عميقة تتعلق بتوجهاتهما السياسية المختلفة.
ويختتم السعيطي حديثه بالإشارة إلى رفض شريحة واسعة من الليبيين لقرارات المجلس الرئاسي الأخيرة. إذ تُظهر استطلاعات الرأي واتجاهات الشارع الليبي أن نحو 80% من الليبيين يرفضون استمرار المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة في ممارسة مهامهما. ويعزو السعيطي هذا الرفض إلى أن المجلس لم يتمكن من تحسين الأوضاع الاقتصادية أو دفع عجلة المصالحة الوطنية، مما أفقده مصداقيته لدى الشارع الليبي.
ورغم دعوات المجتمع الدولي للحوار والتوافق، يبدو أن خطوة المجلس الرئاسي بإجراء الاستفتاء العام قد تزيد من تعقيد المشهد، وتجعل إمكانية الوصول إلى حل سياسي أكثر صعوبة.