شهدت مناطق عدة من ليبيا خلال الأسابيع القليلة الماضية تفشي مرض اللسان الأزرق، مما دفع السلطات المحلية إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة انتشار المرض وحماية الثروة الحيوانية. من بين أبرز هذه الإجراءات إغلاق سوق المواشي في مدينة صبراتة في 15 أكتوبر، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير صحية وعزل مناطق مصابة في بلدية زليتن. تفشي المرض يهدد سلامة الاقتصاد المحلي ويسلط الضوء على أزمة صحية تتطلب استجابة سريعة ومدروسة.
اللسان الأزرق: خطر داهم على الثروة الحيوانية
مرض اللسان الأزرق هو مرض فيروسي يصيب الحيوانات العاشبة مثل الأبقار والأغنام، وينتقل عبر الحشرات الناقلة، مثل البعوض. ويسبب المرض أعراضًا مثل ارتفاع الحرارة، التهاب الفم، وصعوبة التنفس، وقد يؤدي إلى نفوق الحيوانات المصابة في حالة عدم تقديم العلاج المناسب. وللأسف، فإن تفشي هذا المرض في ليبيا خلال الآونة الأخيرة يشكل تهديدًا حقيقيًا للثروة الحيوانية في البلاد.
إغلاق سوق صبراتة: خطوة استباقية
أعلنت بلدية صبراتة في خطوة استباقية إغلاق سوق المواشي الأسبوعي في المدينة بدءًا من 15 أكتوبر، بعد انتشار مرض اللسان الأزرق بين قطعان الماشية في عدة مناطق. يأتي هذا القرار من أجل الحد من تفشي المرض وحماية سلامة المواطنين الذين يترددون على السوق. ويُعتبر إغلاق السوق أحد التدابير الوقائية الهامة التي تساهم في تقليل الحركة بين الحيوانات المصابة والسليمة.
وضع مأساوي في زليتن: إصابات ونفوق جماعي
وفي مدينة زليتن، كانت الأوضاع أكثر تأزماً، حيث أكد مدير مكتب الإعلام في البلدية إسماعيل الجوصمي أن حوالي 60 رأس ماشية نفقت بسبب اللسان الأزرق، بينما أصيب نحو 70 آخرين بالمرض. الكارثة الصحية لم تتوقف عند هذا الحد، حيث تم رصد عدد كبير من الماشية المصابة في منطقة ماجر، ما استدعى فرض إجراءات عاجلة لعزل المناطق المصابة، مثلما حدث في المناطق الأخرى التي انتشر فيها المرض، مثل جمعة وشدوق ودواو.
الجوصمي أضاف في تصريحاته التلفزيونية أن الإجراءات المتخذة شملت إرسال عينات من الماشية المصابة إلى مكتب الصحة الحيوانية بطرابلس لتحديد طبيعة الفيروس المسبب للمرض، وكذلك دعوة شركة الخدمات العامة والإصحاح البيئي لتنفيذ عمليات رش المبيدات الحشرية في المناطق المتأثرة.
التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لتفشي اللسان الأزرق
يعتبر مرض اللسان الأزرق تهديدًا كبيرًا ليس فقط للثروة الحيوانية في ليبيا، بل أيضًا للاقتصاد المحلي الذي يعتمد بشكل كبير على الزراعة والثروة الحيوانية. هذا المرض يشكل ضربة قاسية للمربين والفلاحين، الذين يواجهون خسائر فادحة بسبب نفوق الحيوانات المصابة، الأمر الذي ينعكس سلبًا على دخلهم ومعيشتهم.
كما أن تفشي المرض يؤدي إلى تقليل المعروض من اللحوم والحليب في الأسواق المحلية، مما يرفع الأسعار ويضع عبئًا إضافيًا على المواطنين في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه ليبيا. وبالتالي، فإن من الضروري تكثيف الجهود من أجل احتواء المرض والحد من انتشاره.
التعاون الوطني والدولي لمكافحة المرض
من أجل معالجة هذا الوضع، يحتاج القطاع الصحي في ليبيا إلى دعم فني ومالي عاجل. يجب على الجهات المعنية تعزيز التعاون بين البلديات والوزارات الصحية والزراعية لتنسيق الجهود وتطبيق إجراءات أكثر فاعلية لمكافحة هذا المرض. كما أن الاستعانة بالخبرات الدولية في مجال مكافحة الأمراض الحيوانية قد يكون خيارًا استراتيجيًا لدعم الجهود المحلية.
خاتمة:
إن تفشي مرض اللسان الأزرق في ليبيا يمثل تحديًا كبيرًا يحتاج إلى تنسيق بين السلطات المحلية، المواطنين، والمنظمات الدولية. يجب أن تواصل الجهات المختصة بذل كل الجهود من أجل حماية الثروة الحيوانية ومنع مزيد من الخسائر. وفي الوقت نفسه، لا بد من تبني استراتيجيات طويلة المدى للحد من انتشار الأمراض الحيوانية في المستقبل، للحفاظ على الاقتصاد الوطني وضمان الأمن الغذائي.