في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، شدد مندوب فرنسا على أهمية العدالة الدولية كركيزة لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا، البلد الذي أنهكته الصراعات منذ 2011. وأبرزت التصريحات الفرنسية التزامها بدعم المحكمة الجنائية الدولية في سعيها لمحاسبة مرتكبي الجرائم الأشد جسامة، بما في ذلك الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش والانتهاكات المروعة بحق اللاجئين.
أعلنت المحكمة الجنائية إصدار ست مذكرات توقيف جديدة تتعلق بجرائم ترهونة، التي كانت مسرحًا لانتهاكات جسيمة هزت المجتمع الليبي والعالمي. وأكد مندوب فرنسا أن هذه الخطوة تمثل تقدمًا مهمًا نحو تحقيق العدالة للضحايا، معربًا عن أمله في انتقال سريع إلى مرحلة المحاكمات بحلول عام 2025.
رغم التقدم المحرز، أشار المندوب الفرنسي إلى أن الوضع الأمني المتدهور في ليبيا يمثل تحديًا كبيرًا أمام عمل المحكمة الجنائية. فالأحداث الميدانية لا تزال تعرقل نشاطات مكتب المدعي العام، مما يعزز الحاجة إلى تعاون ليبي فعّال وبيئة آمنة تتيح استكمال التحقيقات دون عراقيل.
في إطار جهود تعزيز العدالة، دعت فرنسا إلى إنشاء مكتب تنسيق تابع للمحكمة الجنائية في طرابلس. ورغم العقبات الأمنية، فإن هذا المكتب سيتيح جمع المعلومات والشهادات بشكل أسرع وأكثر كفاءة، ما يساهم في تسريع إجراءات العدالة وتحقيق الردع المطلوب.
أشاد المندوب الفرنسي باستراتيجية المدعي العام الجديدة التي تضع الضحايا في قلب عمليات التحقيق والمحاكمة. هذه الإجراءات تعكس توجهًا إنسانيًا يسعى ليس فقط لتحقيق العدالة بل أيضًا لتعويض الضحايا وضمان عدم تكرار هذه الجرائم.
على الرغم من أهمية المحكمة الجنائية الدولية كآلية لتحقيق العدالة، فإنها تواجه تحديات مالية وبشرية تهدد قدرتها على تحقيق أهدافها. دعا المندوب الفرنسي الدول الأطراف إلى تخصيص ميزانيات كافية لدعم تحقيقاتها في ليبيا، مؤكدًا أن العدالة لا يمكن تحقيقها دون موارد كافية.
تؤمن فرنسا أن دعم العدالة الدولية في ليبيا هو جزء أساسي من تحقيق رؤية دولة موحدة ذات سيادة مستقرة وديمقراطية. ورغم الصعوبات الأمنية والسياسية، فإن الالتزام بالمسار القضائي الدولي يمثل أملًا في تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة.