ليبيا الان

فائض بالميزانية أم عجز.. أرقام متناقضة تربك المشهد المالي

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في مشهد اقتصادي متشابك يعكس أزمات إدارة الموارد في ليبيا، برز تقرير ديوان المحاسبة لعام 2023 كأداة جديدة لتسليط الضوء على الفجوات العميقة بين مؤسسات الدولة الاقتصادية. حيث جاءت الأرقام المنشورة في التقرير لتكشف عن تفاوت كبير في البيانات مقارنةً بما أورده مصرف ليبيا المركزي، مما يفتح الباب أمام تساؤلات جدية حول إدارة المال العام.

وفقًا لتقرير ديوان المحاسبة، بلغ إجمالي الإيرادات لعام 2023 حوالي 175.084 مليار دينار، بينما وصلت المصروفات إلى 174.004 مليار دينار، مما يشير إلى وجود فائض يُقدّر بأكثر من مليار دينار. في المقابل، قدّم المصرف المركزي صورة مختلفة تمامًا، حيث أعلن أن الإيرادات بلغت 125.917 مليار دينار، والمصروفات 125.726 مليار دينار، مشيرًا إلى فائض محدود يقل عن 200 ألف دينار فقط.

هذا التباين الذي يصل إلى 50 مليار دينار بين المؤسستين يعكس إشكالية جوهرية تتعلق بآلية جمع وتوثيق البيانات المالية، ويثير الشكوك حول مدى الشفافية والمصداقية.

تناقض آخر لا يقل أهمية يتجلى في البيانات المتعلقة بالاحتياطيات الأجنبية. في حين يشير تقرير ديوان المحاسبة إلى زيادة في هذه الاحتياطيات بمقدار 3.970 مليار دولار، يصرّ المصرف المركزي في جدول رقم (30) من نشرته الاقتصادية على أن العام شهد عجزًا قدره 1.090 مليار دولار.

هذا الفارق الذي يقترب من 5 مليارات دولار يضع المؤسسات المعنية في موقف محرج، ويطرح تساؤلات حول آليات إدارة الاحتياطيات، خاصة أن تقرير الديوان يوضح أن إجمالي الأصول الأجنبية للمصرف المركزي بلغ 89.668 مليار دولار موزعة بين النقد الأجنبي، حقوق السحب الخاصة، المحفظة الاستثمارية، الذهب، والمساهمات الأجنبية.

يشير ديوان المحاسبة إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه الأصول، حوالي 20.5 مليار دولار، لا يخص المصرف المركزي بالكامل، بل تعود ملكيتها للمؤسسة الليبية للاستثمار. حيث تُقدر ودائع المؤسسة لدى المصرف بـ 19.153 مليار دولار، إضافة إلى استثمار محفظة “المجنب” بـ 1.396 مليار دولار.

هذا الواقع يعكس تحديًا آخر يتمثل في الالتباس حول ملكية وإدارة الأصول الأجنبية، وهو ما يمكن أن يؤثر على قرارات السياسة النقدية في البلاد.

في ملف مختلف، كشف تقرير الديوان أن عملية مقايضة النفط الخام بالمشتقات النفطية كلفت الاقتصاد الليبي حوالي 41.262 مليار دينار، أي ما يعادل 8.561 مليار دولار. اللافت أن هذه العمليات لا تدخل ضمن الإيرادات والمصروفات النقدية المعلنة، مما يعبر عن تشوه هيكلي في الاقتصاد الوطني، ويفتح المجال أمام اتهامات بسوء الإدارة.

من بين المفارقات التي يبرزها التقرير هو طلب المحافظ السابق للمصرف المركزي فرض ضريبة على بيع العملات الأجنبية بحجة وجود عجز، وهو ما يتناقض مع بيانات الديوان التي تشير إلى وجود فائض في العملة الأجنبية. هذه الخطوة تطرح تساؤلات حول مدى تطابق السياسات النقدية مع الواقع الاقتصادي، ومدى تأثيرها على السوق.

تُظهر هذه التناقضات أن الاقتصاد الليبي لا يعاني فقط من تحديات إدارة الموارد، بل أيضًا من انعدام التنسيق بين المؤسسات السيادية. هذه الإشكالية تعرقل التخطيط المالي السليم، وتؤدي إلى تآكل الثقة بين المواطن ومؤسساته.

على الصعيد السياسي، يفتح هذا التباين الباب أمام صراعات جديدة بين القوى المؤثرة في المشهد الليبي، خاصةً أن الشفافية المالية تُعدّ عنصرًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار المنشود.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24