المشهد الليبي في القمة الخليجية
ليبيا، ذلك البلد العربي الغارق في أزمة سياسية وأمنية معقدة منذ أكثر من عقد، حظي باهتمام بارز في البيان الختامي للقمة الخليجية الخامسة والأربعين التي استضافتها دولة الكويت. البيان، الذي حمل توقيع قادة مجلس التعاون الخليجي، وضع استقرار ليبيا على رأس الأولويات، مؤكدًا دعم دول الخليج للحل السياسي الليبي الداخلي، بعيدًا عن التدخلات الأجنبية، كخطوة لتحقيق التنمية والازدهار الذي يتطلع إليه الشعب الليبي.
التفاصيل: خارطة الطريق الخليجية لإنهاء الأزمة الليبية
1. الدعوة لحوار سياسي شامل:
أكد البيان ضرورة تغليب لغة الحوار السياسي لحل الخلافات بين الأطراف الليبية. المجلس الخليجي أشار إلى أن أي حلول مستدامة يجب أن تكون ليبية – ليبية، دون تدخل خارجي، لضمان سيادة البلاد ووحدتها.
2. توحيد المؤسسات وإجراء الانتخابات:
دعا القادة إلى تسريع جهود الأمم المتحدة لتوحيد المؤسسات الليبية، بما في ذلك الجيش والبنك المركزي، تمهيدًا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة تلبي تطلعات الشعب. هذه الانتخابات تُعد ركيزة أساسية لاستعادة الشرعية وبناء دولة ديمقراطية مستقرة.
3. رفض التدخلات الأجنبية:
شدد البيان على ضرورة وقف جميع أشكال التدخل في الشؤون الليبية، بما في ذلك سحب القوات الأجنبية والمرتزقة. واعتبر ذلك شرطًا أساسيًا لإعادة بناء الدولة الليبية وإرساء الأمن والاستقرار.
4. الترحيب بالتمديد الأممي:
رحب القادة بقرار مجلس الأمن تمديد ولاية البعثة الأممية حتى يناير 2025، داعين إلى تعيين مبعوث خاص جديد بأسرع وقت ممكن، ما يعكس التزام المجتمع الدولي بدعم ليبيا.
الخليج وليبيا: لماذا هذا الاهتمام؟
إن دعم دول الخليج لاستقرار ليبيا ينبع من قناعة بأن استقرار ليبيا جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة ككل. دول الخليج ترى أن ليبيا، بمواردها الطبيعية وموقعها الاستراتيجي، تشكل شريكًا محتملاً في تحقيق الأمن والتنمية الإقليمية.
الدور الخليجي في صياغة الحلول:
على مدى السنوات الماضية، لعبت بعض الدول الخليجية دورًا في دفع الأطراف الليبية نحو طاولة الحوار. القمة الأخيرة أكدت أهمية مواصلة هذه الجهود، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، لتحقيق اختراق حقيقي في الجمود السياسي.
تحديات أمام الحل:
رغم الدعم الخليجي والدولي، تبقى هناك تحديات كبيرة تواجه الحل السياسي في ليبيا، أبرزها:
ختامًا: آمال معلقة على التعاون الدولي
يُظهر بيان القمة الخليجية وعيًا بأهمية استقرار ليبيا، ليس فقط للشعب الليبي بل للمنطقة بأسرها. ما بين الدعم الأممي والدور الخليجي، تبقى الكرة في ملعب الليبيين أنفسهم لتغليب مصلحة الوطن واعتماد الحوار كسبيل لإنهاء الأزمة.
ليبيا في هذا السياق ليست فقط قضية داخلية، بل أولوية إقليمية، لما تحمله من أهمية استراتيجية واقتصادية وجيوسياسية. القمة الخليجية الأخيرة أعادت التأكيد على ذلك، لكن التنفيذ يبقى التحدي الأكبر.