في كلمة صريحة ومباشرة خلال افتتاح المؤتمر العلمي الثاني لمناهضة آفة الفساد، أطلق النائب العام، الصديق الصور، تحذيرات واضحة حول تفشي الفساد في ليبيا. حديث الصور كان بمثابة تشخيص دقيق لأحد أعقد المشكلات التي تعاني منها البلاد، وهي مشكلة لم تقتصر آثارها على الجانب الاقتصادي، بل امتدت لتنال من مقومات المجتمع كافة.
الصور شدد على أن الفساد ليس مجرد جريمة جنائية منفردة، بل هو انعكاس لفشل مجتمعي أوسع. ليبيا، التي تعاني منذ سنوات من الصراعات والانقسامات السياسية، أصبحت حاضنة لجرائم فساد غير مسبوقة.
قال الصور إن الفساد آفة تعاني منها ليبيا طيلة السنوات السابقة، مضيفًا أن كلفته كانت باهظة على حساب الخدمات التي يحتاجها المواطنون. الجريمة والفساد، وفقًا للنائب العام، لا يعبران فقط عن قصور في تطبيق القانون، بل عن فشل في المجتمع كله.
وأضاف أن السنوات الأخيرة شهدت تصاعدًا في نسبة الإجرام وانتهاك حرمة المال العام، وهو ما أدى إلى تعاظم معاناة الشعب، الذي بات يفتقر إلى أبسط حقوقه في العيش الكريم.
في انتقاد مباشر للواقع الاقتصادي، أكد الصور ظهور طبقة طفيلية خلال الفترة الأخيرة، تمتلك كل شيء، بينما يعاني باقي الشعب من الحرمان. هذه الطبقة أصبحت رمزًا للفجوة الكبيرة بين قلة تستحوذ على مقدرات الدولة وأغلبية تعاني من الفقر.
لم يغفل الصور الإشارة إلى الدور الكبير الذي لعبه الانقسام السياسي في تعاظم جرائم الفساد. الانقسامات المتكررة بين الأطراف المتناحرة على السلطة أدت إلى تولد أنماط جديدة من الجرائم، يحصل أصحابها على الحماية اللازمة من أطراف ذات نفوذ.
في معرض حديثه عن الحلول، دعا الصور إلى ضرورة مواجهة هذا الفساد بقيادة مخططات كلية تعمل على رد آثاره المدمرة لمقومات المجتمع. وأكد على أهمية التنسيق بين مختلف سلطات الدولة لوضع سياسات تكفل مساءلة المسؤولين عن الفساد ومحاسبتهم.
كما شدد على تعزيز الحوكمة والشفافية لفرض سيادة القانون العادل على الجميع، وتحقيق العدالة النزيهة، وبناء مؤسسات خاضعة للمساءلة.
اختتم الصور كلمته بالتأكيد على ضرورة تحديث الوسائل المستخدمة في مكافحة الفساد، مشددًا على ضرورة وضع هذه الآليات ضمن الأطر الرئيسية للتنمية في الدولة.
تصريحات النائب العام حملت في طياتها رسالة واضحة: لا سبيل لإنقاذ ليبيا من براثن الفساد إلا بمواجهة شاملة تتخطى حدود الحلول الجزئية، وصولًا إلى إعادة بناء منظومة العدالة على أسس سليمة.