ليبيا الان

الغموض يخيّم على مصير الحكومة الموحدة في ليبيا

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

تشهد ليبيا حالة من الترقّب المصحوبة بغيوم من الغموض السياسي حول مصير تشكيل “الحكومة الموحدة”، وهي الخطوة التي قد تكون مفتاحًا لإنهاء الانقسام السياسي المزمن الذي تعانيه البلاد منذ أكثر من عقد. في الوقت الذي تسلَّم فيه مجلس النواب الليبي قوائم ترشيحات لرئاسة هذه الحكومة، تبقى الأسئلة قائمة حول إمكانية توافق الأطراف المحلية والدولية على هذه الخطوة المصيرية.

بداية الشهر الحالي، أُعلن أن مجلس النواب تلقى ملفات سبعة مرشحين لرئاسة الحكومة الموحدة. هذه الخطوة، رغم كونها تعكس محاولة جادة للخروج من المأزق السياسي، فإنها تثير تساؤلات حول قدرة البرلمان على التصرف منفردًا في تشكيل هذه الحكومة، أو مدى حاجته للتنسيق مع باقي الأطراف الليبية والدولية.

أبو صلاح شلبي، عضو مجلس النواب، أكد في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” أن توحيد السلطة التنفيذية عبر حكومة موحدة يُعد حجر الزاوية لإجراء الانتخابات المنتظرة وإنهاء المرحلة الانتقالية التي طالت أكثر من 14 عامًا. يُذكّر أبو شلبي بأن القوانين الانتخابية، التي أُقرت منذ أكثر من عام، اشترطت وجود حكومة موحدة لضمان الاستحقاق الانتخابي.

وقال شلبي: “إن إعلان البرلمان عن تلقيه ملفات المرشحين يأتي في إطار صلاحياته الطبيعية، وهو مدعوم من شركاء محليين يرون أن هذه الخطوة ضرورة لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة”. ولكن تبقى المشكلة في مدى قدرة البرلمان على تحقيق توافق داخلي واسع حول هذه الخطوة.

من جانب آخر، تبدو البعثة الأممية في ليبيا على استعداد لتقديم مقترحات متعددة لكسر الجمود السياسي. من ضمن هذه المقترحات، إمكانية تشكيل ملتقى حوار سياسي يُكلَّف بانتخاب الحكومة الموحدة، أو التنسيق بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة لتحديد تشكيلة الحكومة المرتقبة.

شلبي، في تصريحاته، أشار إلى أن “الخلاف بين البرلمان والبعثة الأممية ليس كبيرًا”، حيث يشترك الطرفان في الهدف النهائي وهو توحيد السلطة التنفيذية. ومع ذلك، يبقى التحدي في التفاصيل المتعلقة بالآليات والضمانات، لا سيما في ظل إحاطة مرتقبة من المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، يُنتظر أن تقدم فيها تصورًا أكثر وضوحًا لمسار الحل.

إذا أمعنا النظر في الموقفين، نجد أن البرلمان يتحرك ضمن إطار صلاحياته التي يرى أنها تخوِّله تشكيل الحكومة بمفرده. في المقابل، تدرك البعثة الأممية أن تحقيق التوافق يتطلب توسيع دائرة المشاركة لتشمل الأطراف الليبية كافة، من أجل ضمان استدامة أي حل يتم التوصل إليه.

السيناريو الأول المطروح يتضمن تشكيل حكومة موحدة بالتنسيق بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، وهو ما قد يحظى بتأييد غالبية أعضاء المجلسين. السيناريو الثاني يعتمد على تشكيل ملتقى حوار سياسي جديد، لكن هذا الخيار قد يواجه عراقيل بسبب التخوفات من إطالة أمد المرحلة الانتقالية.

إحدى أكبر العقبات التي تواجه تشكيل الحكومة الموحدة هي الانقسامات العميقة بين مختلف الأطراف السياسية، والتي تغذيها التدخلات الخارجية. من جانب آخر، يعاني المواطن الليبي من أوضاع معيشية متدهورة، وهو ما يزيد من الضغوط على الأطراف السياسية للإسراع في إنهاء هذه المرحلة.

توحيد السلطة التنفيذية ليس فقط خطوة سياسية، بل هو شرط أساسي لتحريك عجلة الاقتصاد وتحقيق الاستقرار الأمني. الحكومة الموحدة المرتقبة ستواجه أيضًا تحديات في إدارة الموارد النفطية، التي تُعد شريان الحياة للاقتصاد الليبي، وضمان توزيعها بشكل عادل بين مختلف المناطق.

الإحاطة المرتقبة للمبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، قد تكون لحظة فاصلة. التوقعات تشير إلى أن خوري ستسعى لإقناع الأطراف الليبية بتبني أحد السيناريوهات المطروحة، مع التأكيد على ضرورة وضع جدول زمني واضح لتوحيد المؤسسات وإجراء الانتخابات.

لكن يبقى السؤال: هل ستتمكن البعثة الأممية من كسب ثقة البرلمان والمجلس الأعلى للدولة؟ وكيف ستواجه الانتقادات المتزايدة بشأن دورها في تأخير الحلول العملية؟

مع تزايد الترقب لمخرجات الإحاطة الأممية، يبدو أن ليبيا تقف على مفترق طرق. إما أن تتمكن الأطراف الليبية، بدعم دولي، من تجاوز خلافاتها وتشكيل حكومة موحدة تكون قادرة على إنجاز الانتخابات المنتظرة، أو أن تستمر حالة الجمود السياسي، مما يطيل أمد معاناة الشعب الليبي.

التحركات الحالية، سواء من البرلمان أو البعثة الأممية، تُظهر أن هناك رغبة حقيقية في التقدم. لكن النجاح يعتمد على قدرة الجميع على تقديم تنازلات والتوافق على رؤية مشتركة لمستقبل البلاد. فهل ستشهد ليبيا لحظة انفراج قريبة؟ أم أن الغموض سيظل سيد الموقف؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24