أزمة مصفاة الزاوية: نار الصراع تلتهم مقدرات الوطن
في ظل تصاعد حدة النزاعات المسلحة في ليبيا، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط صباح الأحد حالة الطوارئ من الدرجة الثالثة في مصفاة الزاوية لتكرير النفط، بعد تعرض منشآتها لأضرار جسيمة نتيجة اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة. اشتباكات اتخذت من محيط المصفاة ميدانًا لنزاعها، لتدفع البلاد ثمنًا باهظًا من مقدراتها الاقتصادية وأمنها القومي.
تعرضت خزانات الوقود داخل المصفاة لأعيرة نارية تسببت في اندلاع حرائق خطيرة، تصدى لها عناصر الأمن والسلامة بجهود جبارة حالت دون كارثة أكبر. ورغم السيطرة الأولية على النيران والتسريبات في خطوط الغاز، لا تزال المصفاة تحت تهديد مستمر، وسط استمرار القتال في محيطها، مما يعرض حياة العاملين وسكان المنطقة لخطر يصعب احتواؤه.
أكدت المؤسسة الوطنية للنفط، من خلال بيانها الرسمي، أنها في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الأزمة. وأشارت إلى تشكيل فرق عمل طارئة للتعامل مع المخاطر والتقليل من الأضرار، رغم شح الإمكانيات واستمرار الصراع المسلح الذي يعيق جهودها.
كما شددت المؤسسة على ضرورة وقف هذه الاشتباكات فورًا، موجهةً نداءً عاجلاً إلى جميع الأطراف المتورطة بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب الليبي، وتجنيب المنشآت النفطية دائرة الصراع.
طالبت المؤسسة حكومة الدبيبة منتهية الولاية بالتدخل العاجل لفض النزاع وحماية مصفاة الزاوية، محذرة من كارثة إنسانية واقتصادية وشيكة إذا استمرت الأوضاع على حالها. فالمصفاة، بما تحتويه من مواد قابلة للاشتعال، قد تصبح مصدر تهديد خطير يتعدى نطاق المنطقة إلى مستوى كارثي على المستوى الوطني.
تمثل مصفاة الزاوية أحد أهم المرافق النفطية في ليبيا، ليس فقط لدورها في تكرير النفط، بل لكونها مصدرًا حيويًا لتأمين احتياجات البلاد من الوقود. إن تعطيل العمل فيها أو تعرضها لأضرار كبيرة سيضاعف من معاناة الشعب الليبي، الذي يئن أصلًا تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة وانقطاع مستمر في الخدمات الأساسية.
هذه ليست المرة الأولى التي تُستهدف فيها المنشآت النفطية خلال النزاعات المسلحة. فمنذ سنوات، تشهد البلاد موجات متكررة من الهجمات على المنشآت الاستراتيجية، والتي تُستخدم كورقة ضغط في الصراع بين القوى المتناحرة. لكن الثمن دائمًا ما يدفعه المواطن الليبي، سواء عبر تدهور الاقتصاد أو المخاطر البيئية والإنسانية الناجمة عن هذه العمليات.
في ختام بيانها، ناشدت المؤسسة الوطنية للنفط المجتمع الدولي والمنظمات ذات العلاقة لدعم جهودها في حماية المنشآت النفطية من التهديدات المتكررة، محذرة من أن استمرار التراخي قد يؤدي إلى خسارة المزيد من مقدرات البلاد وإضعاف بنيتها الاقتصادية بشكل يصعب ترميمه.
مع استمرار الاقتتال في محيط مصفاة الزاوية، يصبح التهديد أكثر إلحاحًا. حياة العاملين في المنشأة وسكان المنطقة بأكملها معلقة بخيط رفيع، بينما تتحرك جهود الإنقاذ على وقع الرصاص.
في بلدٍ أنهكته الحروب والانقسامات، يبدو أن استهداف المنشآت النفطية لم يعد مجرد جريمة اقتصادية، بل بات سلاحًا يُستخدم بلا مبالاة تجاه مصير الوطن وأبنائه.