في خطوة جديدة تهدف إلى كسر الجمود السياسي الذي طالما ألقى بظلاله الثقيلة على المشهد الليبي، أصدرت سفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة بيانًا مشتركًا تعبر فيه عن ترحيبها بإطلاق المستشارة الأممية ستيفاني خوري عملية سياسية جديدة. البيان جاء ليؤكد دعم الدول الخمس لمساعي الأمم المتحدة نحو تحقيق توافق سياسي شامل، من شأنه توحيد المؤسسات الحكومية، وتهيئة الساحة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية طال انتظارها.
عكست الكلمات الواردة في البيان المشترك التفافًا دوليًا حول جهود تحقيق الاستقرار في ليبيا، حيث شددت السفارات على ضرورة العمل بشكل منسق، مع التركيز على ضمان مسار سياسي موثوق يفضي إلى تحقيق تطلعات الشعب الليبي في بناء دولة ديمقراطية قادرة على تجاوز أزماتها المتشابكة. البيان أشار أيضًا إلى الاستعداد لبذل كافة الجهود الدبلوماسية والتقنية لدعم هذه العملية.
مع دعوة الأطراف الليبية للانخراط بروح تسوية وتعاون مع جهود الأمم المتحدة، أظهر البيان حرص الدول الغربية على تأكيد أهمية الحوار كوسيلة للخروج من حالة الانقسام التي تعاني منها البلاد. ولكن التحديات التي تواجه العملية السياسية لا تزال هائلة؛ من الانقسامات الداخلية بين الشرق والغرب إلى الانعكاسات الإقليمية للصراع.
بيان السفارات لم يخلُ من التحذير؛ حيث أشار بوضوح إلى خطورة المبادرات الموازية وغير المنسقة التي قد تضر بجهود الأمم المتحدة وتزيد من تعقيد الأزمة. هذا التحذير يعكس قلقًا دوليًا من التدخلات أو التحركات الفردية التي يمكن أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الهش.
مع أن الترحيب بإطلاق العملية السياسية يعكس تفاؤلًا دوليًا، إلا أن الواقع الليبي المعقد قد يكون حجر عثرة أمام تحقيق الأهداف المعلنة. تداخل المصالح الإقليمية والدولية، مع استمرار الانقسامات الداخلية، يفرض تحديات كبيرة على أي عملية سياسية جديدة. ومع ذلك، فإن توحيد الحكومة يظل أحد الشروط الأساسية التي يمكن أن تسهم في إعادة بناء الثقة بين الأطراف المختلفة وفتح الطريق أمام انتخابات شاملة ونزيهة.
الرسالة الأساسية التي يمكن استخلاصها من بيان السفارات هي أن المجتمع الدولي يرى في ليبيا فرصة حقيقية لتحقيق توافق سياسي تاريخي، إذا ما تمكن الليبيون من تجاوز خلافاتهم والعمل بروح الوحدة والتسوية. الدعم الدولي، مع الجهود الأممية، قد يكونان المحفز الأساسي لهذه العملية.
قيادة الأمم المتحدة لهذه الجهود تعكس رغبة المجتمع الدولي في دعم عملية سياسية شاملة وشفافة. التحرك الأممي الحالي يعتمد على مبدأ العمل مع جميع الأطراف، مع السعي لضمان توازن سياسي يسمح بتمثيل مختلف مكونات الشعب الليبي، وتحقيق العدالة الانتخابية التي طال انتظارها.
رغم التفاؤل الحذر، يبقى نجاح العملية السياسية الجديدة مرهونًا بتجاوب الأطراف الليبية مع جهود الأمم المتحدة. البيان المشترك للسفارات الغربية، بما حمله من دعم واضح وتحذير جاد، يعكس أهمية المرحلة القادمة كفرصة حاسمة لتحقيق الاستقرار في ليبيا.