في ليبيا، حيث تتربع منطقة الهلال النفطي على قلب الاقتصاد الوطني بمواردها التي تغذي الخزينة العامة، يتصاعد الغضب الشعبي في أوساط سكان هذه المنطقة. بيان أصدره حراك الهلال النفطي، جاء كصرخة طال انتظارها، ليطالب بما اعتبره حقًا مشروعًا لسكان المنطقة الذين يعانون من التهميش والإقصاء.
في تفاصيل البيان، ركز الحراك على دور شركات النفط الكبرى، مثل الواحة والزويتينة والهروج، التي تُشغل حقولها وموانئها داخل أراضي الهلال النفطي، لكنها تدير عملياتها من خارج المنطقة. هذا الوضع، الذي يصفه الحراك باللا منطق، يعكس ما أسماه “فصامًا إداريًا” بين الموقع الجغرافي للموارد النفطية والمقار التنفيذية التي تتحكم في مسار هذه الموارد.
المطلب الأساسي للحراك يكمن في نقل مقار هذه الشركات إلى الهلال النفطي، على غرار ما حدث مع شركتي زلاف وأكاكوس. يرى الحراك أن هذه الخطوة ليست مجرد مطلب إداري، بل رمزًا للعدالة الاقتصادية والاجتماعية، تعيد للمنطقة وأهلها بعضًا من حقوقهم المهضومة.
ليس غريبًا أن يضع الحراك سقفًا زمنيًا لتحقيق مطالبه. فمنح المؤسسة الوطنية للنفط أسبوعين للتجاوب، يعدّ إنذارًا واضحًا يعكس الجدية والإصرار على التغيير.
تاريخيًا، لم تكن منطقة الهلال النفطي مجرد جغرافيا، بل كانت صمام أمان للاقتصاد الليبي، إذ تعتمد البلاد على إنتاج النفط كمورد أساسي لدخلها القومي. ومع ذلك، لا يزال سكان الهلال يعانون من نقص الخدمات، وغياب التنمية المستدامة، وتجاهل أصواتهم.
في حال عدم الاستجابة، يبدو أن الحراك مستعد لاتخاذ خطوات تصعيدية، تشمل إغلاق الحقول والموانئ النفطية، وهو إجراء قد يتسبب في خسائر كبيرة للاقتصاد الليبي. ورغم هذه التهديدات، فإن لغة البيان بدت مدروسة، تدعو للحوار، لكنها لا تخفي استعدادها للمواجهة إن لزم الأمر.
يطرح هذا الحراك أسئلة حقيقية على طاولة المسؤولين: كيف يمكن لمنطقة تنتج أكثر من نصف النفط الليبي أن تظل تعاني من التهميش؟ وما الرسالة التي تُرسلها المؤسسات الوطنية لسكان الهلال إذا استمر هذا الوضع؟
رسالة الحراك ليست فقط مطالبة بنقل مقار الشركات، لكنها دعوة إلى إعادة تقييم العلاقة بين المركز والأطراف، بين موارد البلاد ومستحقيها.