ليبيا الان

أزمة نالوت.. بين شح المياه وطوابير الوقود المتجمدة

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في مدينة نالوت، تلك التي تتربع على مرتفعات الجبل الغربي، يقف المواطنون على أعتاب واقع مرير يُلقي بظلاله الثقيلة على حياتهم اليومية. بين أزمة شح المياه، وطوابير الوقود الطويلة، وأكوام القمامة التي تزحف إلى كل زاوية، يعيش السكان تحديًا وجوديًا يجعلهم في سباق مستمر مع الزمن، ومع حكومات تبدو عاجزة عن تقديم الحلول.

المياه، التي تُعتبر شريان الحياة، أصبحت في نالوت أشبه بحلم بعيد المنال. شبكة المياه المتهالكة في المدينة لم تعد قادرة على إيصال الماء إلى المنازل، مما دفع 90% من المواطنين للاعتماد على شراء المياه بتكلفة مرتفعة. هذه الظاهرة باتت ترهق جيوب السكان الذين يعيشون في ظروف اقتصادية صعبة، خاصة مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية الأخرى.

ويُعاني السكان من غياب خطط حقيقية لصيانة الشبكة، حيث تُشير البلدية إلى أن انعدام المصادر الكافية للمياه يجعل من الصعب تحسين الوضع. هذه الأزمة، التي تتفاقم مع مرور الوقت، تكشف عن غياب رؤية استراتيجية لمعالجة المشاكل الهيكلية في المدينة.

لم تكن أزمة المياه الوحيدة التي تُثقل كاهل نالوت، فإغلاق المكب الرئيسي للنفايات أدى إلى تراكم أكوام القمامة في كل مكان. روائح كريهة، وحشرات، ومشهد عام يُثير الاشمئزاز، هذا ما أصبح يميز شوارع المدينة.
وتُشير بلدية نالوت إلى أن محاولاتها لإيجاد حلول بديلة باءت بالفشل بسبب غياب الدعم الحكومي، مما ترك المواطنين تحت وطأة أزمة بيئية تهدد صحتهم وحياتهم اليومية.

مع انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء، يتحول الوقود إلى سلعة أساسية يصعب الحصول عليها. المواطنون يُضطرون للوقوف لساعات طويلة في طوابير تمتد على مسافات كبيرة أمام محطات الوقود. هذه الأزمة لم تُخلّف فقط معاناة جسدية، بل أثرت أيضًا على قدرة المواطنين على التنقل والعمل، مما يخلق تأثيرًا سلبيًا مضاعفًا على حياتهم.

مع بداية موسم الأمطار، تتزايد المخاوف من السيول والفيضانات التي تهدد المدينة. عميد بلدية نالوت، عبد الوهاب الحجام، أعرب عن قلقه العميق من غياب الإمكانيات اللازمة للتعامل مع الكوارث الطبيعية. ورغم تحذيرات متكررة وجهتها البلدية للجهات المختصة، فإن غياب الاستجابة يزيد من احتمالية حدوث كارثة تُهدد أرواح المواطنين وممتلكاتهم.

الوضع في نالوت ليس جديدًا، ولكن ما يزيد الطين بلة هو غياب الجدية من الحكومات المتعاقبة في معالجة هذه الأزمات. يصف الحجام الحلول المطروحة بـ”التلفيقية”، مؤكدًا أن المواطن لم يلمس أي تغيير ملموس يُخفف من معاناته.

رغم كل التحديات، لا تزال نالوت تنبض بالحياة بفضل إرادة سكانها الذين يُظهرون يومًا بعد يوم قدرة مذهلة على التكيف مع الأوضاع الصعبة. ومع ذلك، فإن استمرار الأزمات دون حلول جذرية يُهدد هذا الصمود، ويفرض تساؤلات عديدة حول مستقبل المدينة.

إن ما يحدث في نالوت ليس مجرد أزمات محلية، بل هو انعكاس لتحديات أوسع تواجهها ليبيا. وبينما ينتظر المواطنون يد العون، يبقى السؤال معلقًا: متى تُصبح الاستجابة الحكومية أكثر من مجرد وعود؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24